من مذكرات الراحل كمال الجنزوري: عندما سأله مبارك عن النظر للمستقبل و«الخطة العشرينية» - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:45 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من مذكرات الراحل كمال الجنزوري: عندما سأله مبارك عن النظر للمستقبل و«الخطة العشرينية»

بسنت الشرقاوي:
نشر في: الأربعاء 31 مارس 2021 - 4:27 م | آخر تحديث: الأربعاء 31 مارس 2021 - 4:27 م

سنوات مليئة بالكفاح والحلم والصدام، تلك أبرز سمات الحياة السياسية للراحل الدكتور كمال الجنزوري، رئيس وزراء مصر الأسبق، التي رواها في مذكراته الصادرة عن "دار الشروق" عام 2014 (طريقي.. سنوات الحلم.. والصدام.. والعزلة.. من القرية إلى رئاسة مجلس الوزراء).

توفي الجنزوري اليوم عن عمر يناهز 88 عاما، بعد مسيرة إدارية وسياسية كبيرة، حيث تولى رئاسة الحكومة مرتين، أولهما في النصف الثاني من التسعينيات بعد انطلاق برنامج الخصخصة وتغيير بوصلة مصر الاقتصادية بالكامل، والمرة الثانية كانت في ظروف دقيقة شهدت إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة شؤون البلاد استثنائي، وأجريت خلالها الاستحقاقات الانتخابية الأهم بعد ثورة 25 يناير 2011، بانتخاب مجلسي الشعب والشورى ورئيس الجمهورية.

وتنشر "الشروق" كواليس من مذكرات الجنزوري، ومقتطفات من أسرار رئيس الوزراء الأسبق، وعلاقته بالرئيس الراحل محمد حسني مبارك، ورجال تلك الحقبة من تاريخ مصر، حسبما أشار إليها في مذكراته.

وكان الراحل صاحب فكرة الخطة العشرينية للتنمية في مصر، والتي بدأت في 1983 وحتى عام 2003، حيث تحدث عنها في مذكراته، بداية من كونها فكرة وصولها لمرحلة تطبيقها.

* الجنزوري يطرح ومبارك يعطي إشارة البدء

عُين الجنزوري وزيرا للتخطيط في حكومة الدكتور فؤاد محيي الدين في يناير من عام 1981.

ويقول الجنزوري في مذكراته: "بعد أيام قليلة، من تشكيل الحكومة طلبنا الرئيس حسني مبارك كمجموعة اقتصادية مكونة من أربعة، وكان بالمصادفة ثلاثة منهم يقيمون في مصر الجديدة والرابع الدكتور صلاح حامد بمدينة الإعلام بالعجوزة، وبدأ الحديث من جانب الرئيس بسؤاله عن كيف يمكن أن ننظر إلى المستقبل؟ فشعرت أن السؤال موجه لي، وأن مرجعه دراسة فقلت: الأمر يتطلب أن نعد لمؤتمر اقتصادي ليكون بداية لإعداد نظرة مستقبلية لخطة قومية طويلة المدى وأخرى متوسطة وقصيرة المدى، على أن يشارك كل الأطراف المعنية بغض النظر عن اختلاف الإيديولوجيات، سواء من اليمين أو اليسار أو الوسط. فطلب الرئيس أن نبدأ".

* التباحث لوضع استراتيجية

خرجنا من الاجتماع والتقينا فورا في معهد التخطيط لأنه كان الأقرب مكانا، وقررنا أن نجتمع فيه بعد ذلك، وحاولنا أن نختار أسماء كثيرة لتساهم في المؤتمر المقترح، وكان في مقدمتهم الدكتور علي الجريتلي والدكتور عبدالجليل العمري والدكتور عبدالمنعم القيسوني والدكتور إبراهيم حلمي عبدالرحمن والدكتور إسماعيل صبري عبدالله، ومن كبار الكتاب والمفكرين السيد نجيب محفوظ والسيد أحمد بهاء الدين، والدكتور زكي نجيب محمود. ويصعب أن أذكر الجميع لأننا وصلنا إلى أكثر من خمسين شخصية من العلماء والمفكرين والوزراء والمسئولين السابقين.

واستمرت اجتماعات المؤتمر حتى توصلنا إلى إطار عام، وأعددنا وثيقة تحدد الرؤية المستقبلة، لما نصبو إليه من المسار خلال العشرين سنة المقبلة، والموارد المتاحة وتلك التي يمكن أن تتاح، وكيف يمكن أن نزيد من روافدها المختلفة، وما هي الأولويات التي تخدم الوطن والمواطن.

* الخروج بقرارات ثم إقناع مستميت

كانت قرارات المؤتمر، هي الأساس لإعداد وزارة التخطيط الخطة العشرينية (1982 ــ 2002) والخمسية الأولى (1982 ــ 1987) والسنة الأولى (1982/1983)، وكان على أن أعرض على مجلس الوزراء هذا القدر الهائل من العمل، حيث كانت المرة الأولى التي أناقش فيها وأدافع وأوضح لمدة امتدت إلى خمس ساعات، وكان البعض حريصا كل الحرص على زيادة ما يتاح لوزارته من موارد، لكننى حاولت جاهدا أن أوجه النقاش إلى الأهداف التي نصبو إليها وما نرجوه فعلا للوطن والمواطن.

* إقرار الخطة العشرينية والعرض على مجلس الشعب

وأضاف: "أقر المجلس في آخر مايو عام 1982 الخطة العشرينية (1982 ــ 2002) والخطة الخمسية الأولى (1982 ــ 1987) وخطة السنة الأولى (82/1983)".

واستكمل: "بعد هذا كان يلزم الذهاب إلى مجلس الشعب لأعرض الخطة على أعضاء مجلس الشعب، واستمر النقاش لجلسات عديدة صباحا ومساء، وعند الانتهاء من المناقشة حدث أمر يدعو للعجب لا بد من ذكره، وهو أنني تحدثت لأول مرة أمام البرلمان عام 1982 فصفق لي النواب، وبعد أن تمت مناقشة الخطة العشرينية والخطة الخمسية الأولى وخطة السنة الأولى، وأيضا الموازنة العامة لعام 82/1983، كان على الدكتور صلاح حامد، أن يعقب على كل المناقشات المتعلقة بالموازنة العامة، وكان علىّ كوزير تخطيط أن أعقب على ما أثير عن الخطة العشرينية والخمسية والسنة الأولى، ويبدو أنني وفُقت وكانت المرة الأولى لي في المجلس، حيث تكلمت مرتجلا، ونلت الرضا من أعضاء المجلس وكان التصفيق حارا، وإذا بي أفاجأ بعد انتهاء المناقشات، بدخول الدكتور فؤاد محيي الدين وطلب التعليق وكان يجيد الخطابة، كان شخصية مؤثرة حينما تستمع إليه، فعلق بكلام عام على أهمية التخطيط وكيف أخذت الموازنة العامة في اعتبارها كل ما يتطلبه المواطن المصري خاصة محدودي الدخل".

* كلمة الجنزوري في البرلمان حرمته من الحديث في الجلسات

يتابع الجنزوري: "جاءت الساعة السادسة، وأعلن التليفزيون أن مجلس الشعب وافق على الخطة والموازنة، وعقب رئيس الوزارة بكذا وكذا، وكأنه لم يكن هناك وزير للتخطيط ولا وزير للمالية، وهو حق أصيل لكل منهما فيما يتعلق بالخطة والموازنة" .

وتابع: "ولكن قبل أن أتحدث مع السيد صفوت الشريف ورئيس الحكومة، كان معي الدكتور يوسف والي، وزير الزراعة أثناء مناقشة الخطة في المجلس، وكان على علاقة غير طيبة مع الدكتور فؤاد محيي الدين، لأسباب شخصية أو سياسية لا أعلمها وقد قال لي: إنه بعد أن تكلمت في المجلس اليوم، وأجدت وأنصت وصفق لك الجميع، فأقول لك كلمة صادقة لن يتاح لك الميكروفون بعد اليوم، ومع أنني أخذت كلامه كتعبير عن عدم رضا بينه وبين الدكتور فؤاد. فقلت لماذا؟ ألم نتكلم كمسئولين عن الخطة والموازنة؟ فرد بأن الدكتور فؤاد محيي الدين، طلب قصر ما يذاع عن الخطة والموازنة، على رئيس الوزارة فقط".

وعبر الجنزوري، قائلا: "قد ترى من ذلك، أن الإنسان هو الإنسان مهما كانت وظيفته بكل مشاعره، والتي من الممكن أن يكون لها تأثير على العمل العام إذا تمكنت الغيرة أو المنافسة من العاملين. كان هذا في البداية، ولكن بعد شهر أو اثنين، بدأت العلاقة مع الدكتور فؤاد تتحسن، رغم اختلافي مع سياسته وحرصه الزائد على إدارة الأمور منفردا، ولكن كان يتميز بسعيه الدائم إلى المصلحة العامة".

واستطرد: "اختلفنا بعض الوقت وتقاربنا في أغلب الأوقات. ورغم الفجوة التي بدت عند أول عام 1982 معه، أصبحت من أقرب الوزراء إليه، وكان الاتفاق كاملا على الأسس والتفاصيل التي تحقق المصلحة العامة، والبعد عن كل ما ينتمي إلى المصلحة الخاصة".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك