جدوى الحوار الوطني - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 9:21 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جدوى الحوار الوطني

نشر فى : الإثنين 1 مايو 2023 - 9:15 م | آخر تحديث : الإثنين 1 مايو 2023 - 9:15 م
يوم واحد يفصلنا عن انطلاق جلسات الحوار الوطنى المقرر أن يبدأ جلسته الافتتاحية غدا الأربعاء، بعد مرور أكثر من عام على دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 26 إبريل 2022، خلال مشاركته فى حفل إفطار الأسرة المصرية إلى الشروع فى إجرائه ليكون نافذة تبلور رؤية وطنية للتعامل مع مختلف القضايا والتحديات التى تواجه مصر فى المرحلة الراهنة، وهى بالطبع عديدة ومتشعبة.
يعتبر البعض أن مرور عام كامل فى قضايا إجرائية وتنظيمية قبل انطلاق الحوار الفعلى، أفقدنا حالة الزخم والحماس التى رافقت الدعوة لبدء الحوار، وجعلت آخرين يشككون فى قدرته على الوصول إلى حلول لمشكلات آخذة فى التراكم والتعقيد يوما وراء الآخر، ويضرب هؤلاء العديد من الأمثلة على تجاوز الأحداث لبعض القضايا التى كانت ملحة بالأمس القريب، لتصبح فى موقع متأخر على سلم الأولويات اليوم!
لا أحد ينكر أن مصر قبل عام ليست هى اليوم، لكن جوهر القضايا والتحديات الوطنية تظل على حالها طالما لم تمتد يد التغيير إليها عبر حوارات مسئولة، وقرارات تترجم ما يتم الاتفاق عليه بين أطراف أى حوار إلى واقع ملموس، وإلا سيتحول إلى جلسة ثرثرة سفسطائية لا تقدم ولا تؤخر، فى ظل تساؤلات لدى البعض عن جدوى الحوار نفسه؟!
اليوم تواجه مصر المزيد من التحديات على الصعيد الداخلى والخارجى، ولا يقف الأمر عند قضية بعينها بقدر تشابك التحديات التى تواجهنا بعضها ببعض، فلا أحد يستطيع الفصل بين ضرورة تحريك المياه الراكدة فى الحياة السياسية، جنبا إلى جنب مع رفع سقف الحريات العامة، وحرية الإعلام فى نقل المعلومات والأحداث، وبما يجنبنا مضار الرأى الواحد، إذا كنا نريد ظهيرا شعبيا لا نقول للحكومات بل للوطن ذاته.
لا أحد يستطيع، أيضا، أن يفصل غلاء الأسعار وتراجع سعر العملة الوطنية أمام الدولار، وارتفاع أعباء الديون التى تكبل صانع القرار الاقتصادى، عن معاناة كل بيت يكافح أربابه لتدبير لقمة عيش تأتى بشق الأنفس فى ظل الهوة الكبيرة بين الدخول وأعباء الحياة اليومية، مع استمرار الجدل بشأن جدوى عدد من المشروعات الكبرى، ومدى علاقتها بزيادة معدلات الديون التى تضعنا تحت مقصلة شروط المؤسسات المالية الدولية؟!
وإذا ما عرجنا على الشق الاجتماعى من أولويات العمل الوطنى، نجد أنفسنا فى حقل التعليم على سبيل المثال أمام موزاييك من الأنظمة التعليمية بين العام والخاص والأهلى والدولى فى المدارس الجامعات، وغالبيتها فى مرحلة تجريب لمناهج وأساليب تربوية لم يتم الاستقرار عليها، ما يضعنا فى حيرة بشأن أيها أكثر فائدة ليس لسوق العمل فقط، بل لفكرة النهوض والتقدم و«الجمهورية الجديدة».
سنة كاملة أعتقد أنها كانت كفيلة بأن تضع جميع الأطراف المشاركة فى الحوار الوطنى تصوراتها للقضايا الأساسية التى نحتاج إلى مناقشتها، وعلينا الدخول فى صلب تلك القضايا مباشرة، وعدم استهلاك المزيد من الوقت، وعلى المشاركين فى الحوار الوضع فى الاعتبار أن هناك قضايا عاجلة لا يمكن السكوت عنها، وأخرى ربما تستغرق وقتا فى تداولها، والمهم أن نرى قليلا من الخطابة، وكثيرا من الأفكار الموضوعية التى تشتبك مع المشكلات القائمة.
الحوار الوطنى يجب ألا يتحول إلى مادة للمزايدات، ولا إلى ساحة لتفجير المزيد من الخلافات.. نعم ليس مطلوبا التغاضى عن أية مشكلة كبيرة أو صغيرة تقف وراء معاناة المصريين فى مأكلهم ومشربهم وصحتهم وتعليم أبنائهم وباقى تفاصيل حياتهم، لكن يجب أن يدرك المتحاورون الذين وافقوا بمحض اختيارهم على المشاركة، أن الحوار ليس بابا لحصد مكاسب فردية كانت أم جماعية، بل بوابة للخروج من مشكلات انتظرنا كثيرا حلها، وحتى يكون هناك جدوى لمثل هذا الحوار.
التعليقات