الولايات المتحدة الإسرائيلية: الجرأة وجنون العظمة - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 4:04 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الولايات المتحدة الإسرائيلية: الجرأة وجنون العظمة

نشر فى : الأحد 12 أبريل 2015 - 10:05 ص | آخر تحديث : الأحد 12 أبريل 2015 - 10:05 ص

نشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية مقالا للكاتب الصحفى جدعون ليفى يتناول فيه ما أثير من جدل حول العنوان الرئيسى لصحيفة هاآرتس بالعبرية والذى جاء فيه أن إسرائيل ستضغط على الكونجرس الأمريكى لإلغاء مشروع الاتفاق النووى مع إيران مبينا أن هذا التدخل إن حدث لن تكون عواقبه جيدة لإسرائيل. ويوضح ليفى أن الخبر كانت له أصداؤه فى واشنطن وكان صادما لأمريكا، كما أنه أقلق إسرائيليين كثيرين. بل ربما يُدرَّس فى يوم من الأيام فى حصة التاريخ فى مدارس إسرائيل، محددا الوقت الذى عبرت فيه إسرائيل كل الخطوط الحمر. وبرغم أن عنوان الصحيفة مجرد عنوان، إلا أنه فى هذه الحالة ليس هناك ما يعكس مستوى التشويه الذى تم بلوغه فى العلاقات بين القوتين العالميتين أفضل من ذلك: القوة التى تم الكشف عنها باعتبارها أصيلة، وهى إسرائيل، وتلك التى يبدو أنها على قدر كبير من الزيف والتفاهة، وهى الولايات المتحدة.

ويرى ليفى أنه لو كان لدى نواب أمريكا المنتخبين أى قدر من احترام الذات والحساسية نحو ديمقراطية بلدهم لا تخذوا إجراء فوريا لوضع حد لهذه المهزلة. فهذا أمر سيئ بالنسبة لأمريكا وديمقراطيتها، وهو سيئ كذلك بالنسبة لإسرائيل. لقد بلغت المهزلة ذروتها. وسوف تنتهى بانقطاع متفجر فى العلاقات بين البلدين، وسوف تدفع إسرائيل ثمن عجرفتها.

ويشير ليفى إلى العنوان الرئيسى فى النسخة الإنجليزية وهو «إسرائيل تضغط على الكونجرس لإلغاء الاتفاق النووى الإيرانى». وأوضح أن مراسل هاآرتس باراك رافيد نقل عن مسئول إسرائيلى لم يذكر اسمه قوله إن إسرائيل «سوف تضغط على الكونجرس الأمريكى كى يوافق على تشريع يجعل من الصعب، بل ومن المستحيل، إقرار اتفاق شامل مع إيران».

ويسخر ليفى من التصريح بقوله إن العقل يرفض تصديق ما تراه العين، إسرائيل سوف تدفع الكونجرس إلى الموافقة على مشروع قانون، إسرائيل سوف تضغط على الكونجرس. يكفى تخيّل العنوان العكسى. أمريكا سوف تدفع الكنيست للموافقة على مشروع قانون. والفضيحة التى كان سيثيرها، لكن الآلهة قد تفعل ما لا تفعله الماشية، وربما يكون مؤكدا أن تفعل إسرائيل ما لا يمكن أن تفعله أمريكا.

•••

ويبين ليفى أن الأمر الأكثر إثارة للدهشة بشأن القصة كلها هو أن العنوان مر وكأن لم يكن له وجود. لقد أصبح التشويه معيارا مقبولا، والجرأة صوابا، وجنون العظمة تكافؤا. بل إن اليهود الأثرياء، وعلى رأسهم شيلدون أدلسون، بالطبع، قدموا يد العون؛ فهم يرشون أعضاء الكونجرس بمئات الملايين من الدولارات، كما كشفت صحيفة «النيويورك تايمز»، كى يصوتوا ضد الاتفاق. وهذا كذلك مضى مع الحد الأدنى من الجهد فى أمريكا، وسحقا للديمقراطية أو المصالح الوطنية.

توصل وزراء الخارجية فى كل القوى العالمية إلى تفاهمات مع إيران، قبل الاتفاق النهائى. وبالطبع لم يعترض بلد سوى إسرائيل. ومن الطبيعى أن يكون لها الحق فى الاختلاف أو الاعتراض أو القتال أو محاولة الإقناع أو الاتهام. لكن ليس لها الحق فى تقويض القرارات السيادية. فالولايات المتحدة التى تعرف أمرا أو أمرين بشأن تدمير الحكومات، كان ينبغى أن تكون أول من يدرك أن دولة أجنبية تحاول تخريب مؤسساتها المنتخبة.

ليس التدخل الإسرائيلى فى واشنطن بالأمر الجديد، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وصل به الأمر إلى أبعاد لم يتخيلها أحد. وتقع المسئولية الوحيدة على من مكنوه من ذلك، وهم المسئولون الأمريكيون المنتخبون. فالرئيس باراك أوباما، الرجل الأقوى والأكثر نفوذا فى العالم، يبدو الآن أنه قد تحطم عالمه من حوله، فإسرائيل تعارض الاتفاق. وفى مقابلات تبعث على الحيرة يُفقد الانبطاح احترامه. وهو يبالغ فى وعوده لإسرائيل، عساها ترضى. وهو يبدو متجهم الوجه، وقد أهانته الإشارة إلى أنه سيجرؤ على انتقاد إسرائيل. وفى مؤتمر صحفى بعد التوصل إلى الاتفاق، ذكر أوباما الدول الشريكة. الصين وروسيا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا. ثم انتقل إلى ما هو مهم بالفعل، وهو موقف نتنياهو. لم يتعلم أوباما شيئا؛ فبعد ست سنوات من الإغراءات والتملق الذى لم يحقق شيئا سوى احتقار إسرائيل الدائم والسافر لكل مواقفه وطلباته، ها هو أوباما يسير فى المسار نفسه، بينما المسار الذى كان ينبغى عليه السير فيه نحو إسرائيل عكس هذا المسار.

وفى الختام يرى ليفى بأن إسرائيل قد زأرت دون خوف من أحد، وأنه قد يقع ذلك على مسامع إسرائيل وكأنه دليل على قوتها. لكن هؤلاء البلطجية المزيفين، أو الذين أسكرتهم السلطة، تكون نهايتهم سيئة باستمرار، فذات يوم ما يكون على البعض أن ينزعوا أقنعتهم ــ وينتقمون.

التعليقات