النمو من ارتفاع منخفض - محمد مكى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:44 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النمو من ارتفاع منخفض

نشر فى : السبت 13 فبراير 2021 - 5:10 م | آخر تحديث : السبت 13 فبراير 2021 - 5:10 م

من العبث التحدث فى تلك الأيام والأعوام، التى تعيش فيها البشرية، عن النمو الإيجابى، حتى لو كان من قاعدة منخفضة، وسط مخاوف لم يُعرف لها قاع بعد، من جائحة مستمرة فى حصد الأرواح، ومدمرة لاقتصاديات طالما تغنَّت بقدرتها على تحقيق الفرص ومعدلات التشغيل، لكن الواقع يؤكد أن عام 2021 لن يكون كالعام السابق عليه، فأصبحت حالة التعايش تسيطر على العقول والدول والشركات والمصانع ومعها صائدو المغانم، بعد توقف وحظر وخوف كان سيَّد المشهد فى 2020.
مصر كانت من الدول القليلة، التى حققت نموا فى عام الجائحة، ومتوقع أن يشهد هذا العام نموا يعادل التراجع الذى حدث العام الماضى، ومتوقع أن يصل إلى ما بين 3 إلى 4%، دون أن ننكر تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وما حدث من تراجع فى التجارة العالمية وحركة النقل والملاحة والسياحة وغيرها من المصادر الرئيسية لتدفق النقد الأجنبى، فمن المتوقع أن نشهد فى 2021 فرصا لنمو فى قطاعات الصحة والدواء ومشروعات سكنية جديدة، وأن يكون التصدير وإحلال الواردات والتحول الرقمى من الأطر المهمة الواجب الاهتمام بها وسط زيادة معدلات التصدير فى مصر، وتوطين التنمية والتحول الرقمى الذى بدأت مصر فى طريقها إليه دعمًا للصناعة ولحياة الناس.
من تجارب السنوات التالية للأزمة الاقتصادية ــ المالية العالمية التى مر عليها ما يزيد على عشر سنوات، فإن استمرار حالة «الركود المزمن» تنحصر لفترات سرعان ما تعود مصاحبة معها التراجع فى معدلات الاقتصاد، وزيادة فى مخاطر الديون السيادية، ليكون العنوان الرئيس لواقعنا «عدم الاستقرار» على مستوى الأفراد والشركات والدول، لكن ما خلقه الله من جينات للبشر ومبعث الحياة المبنى على الأمل، تجعل الناس تبحث دائما عن مستويات أفضل للأجور وتحقيق الثروة والدخل، والتى لا تحقق إلا بالعمل، ويصبح شعار «من جدَّ وجد» قاعدة لنمو لا غنى عنه؛ لتفادى عدم توزيع «بابا نويل» هداياه فى مطلع كل عام.
التجربة تؤكد أن التوازن بين الإنفاق على البناء والاستثمار وتحقيق رعاية اجتماعية تتمتع بعدالة واضحة ــ أمر صعب ومستحيل، فى ظل نقص موارد يجب العمل على توفيرها، على أن تكون موارد الصحة والتعليم دون غيرهما فى المقدمة، وأن اقتصاد الدول ــ الذى لا يقوم على الإنتاج ــ يسقط، فالصناعة والزراعة ركيزتان أساسيتان ومهمتان فى بناء الاقتصاد وتحقيق النمو، خاصة وأنهما الأقل تأثرا بالمقارنة بالعقارات والسياحة مثلا، وهو ما يتطلب أن توليهما الدولة اهتماما وحل مشاكلهما، فكل المصادر الريعية تتوقف على الأحوال الخارجية وليس الداخلية، وهو مأزق جائحة «كورونا»، وما بعدها من أزمات وتبعات متوقعة.. 
حان وقت المراجعة وترتيب الأولويات والبحث عن تعويض ما فات، فى ظل أن العالم لديه ما يشغله عنَّا.. «الانكفاء على الداخل وإصلاح البيت» لم يعد ترفًا، فى وقت أصبحت «ثمار النمو» لا تتساقط بل تحتاج إلى مـن يجرى وراءها.

التعليقات