ما نحتاجه لوقف البناء على الأرض الزراعية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 7:56 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما نحتاجه لوقف البناء على الأرض الزراعية

نشر فى : الأحد 13 فبراير 2022 - 8:10 م | آخر تحديث : الأحد 13 فبراير 2022 - 8:10 م
زرت قريتى فى أسيوط يوم الخميس الماضى، لمدة يوم واحد. صعدت فوق سطح البيت، واكتشفت أن عمليات البناء تواصل زحفها على الأرض الزراعية، لدرجة أنها تكاد تلتصق بإحدى القرى المجاورة التى تقع شمالها.
وبالصدفة البحتة فإنه فى اليوم الذى رأيت فيه هذا المشهد على الطبيعة، كان مجلس الوزراء يجتمع برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى ويتخذ قرارات مهمة لمواجهة التعدى على الأراضى الزراعية.
المجلس أكد أنه سيتم التعامل بكل حسم مع هذا الملف وإزالة التعديات بكل صورها وأشكالها، ووقف أى دعم يحصل عليه المتعدى على الأرض الزراعية سواء كان هذا الدعم من التموين أو الخبز أو الأسمدة.
مدبولى كلف وزير العدل بإعداد مشروع قانون يتضمن مصادرة المبنى المخالف، واعتبار التعدى على الأرض الزراعية جريمة مخلة بالشرف وفرض غرامات مالية كبيرة على المخالفين، وكذلك معاقبة المقاول الذى يتولى بناء المبنى المخالف.
المؤكد أن قرارات مجلس الوزراء مهمة ومقدرة ويمكنها أن تحد من الاعتداء على الأرض الزراعية، لكن السؤال الأساسى هو: هل هى كافية وحدها للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التى تهدد الأمن القومى فى الصميم؟!
فى ظنى أن العقوبات وحدها ــ رغم أهميتها ــ لا تكفى وبالتالى ينبغى البحث عن الأسباب والثغرات والجذور التى تجعل هذه الظاهرة الخطيرة تتواصل منذ عشرات السنين.
أحد الأسباب الجوهرية للظاهرة هى غياب البدائل التى تتيح لأبناء الريف خصوصا البناء الطبيعى والشرعى.
نعرف أن هناك تمددا طبيعيا بحكم الزيادة السكانية السنوية، خصوصا أولئك الباحثين عن الزواج، فى الماضى كانت الأسرة تقيم بأكملها فى البيت الكبير، بل وتستمر فيه حتى بعد الزواج.
الآن ومع تغير الظروف والتقدم التكنولوجى، والتغيرات الاجتماعية المتلاحقة وتحسن الأوضاع الاقتصادية للكثير من الأسر، خصوصا الذين يسافرون للخارج، فقد بدأ الكثيرون يبحثون عن البيت المستقل، وبالتالى وفى ظل عدم وجود بدائل منطقية فإن الحل الوحيد كان البناء على الأرض الزراعية أو على جزء منها.
الحكومة تقول إن من يريد البناء عليه الذهاب إلى الصحراء، وهو أمر منطقى لكنه يحتاج إلى تكملة منطقية وهى: هل حينما يذهب شخص ما للبناء فى الصحراء، هل سيجد الخدمات المناسبة؟ وحينما يبنى بيته، هل سيجد البنية التحتية وسائر الخدمات من مدارس ومستشفيات والأهم الأعمال والأنشطة المختلفة؟!
التطور المهم أن الدولة بدأت تتوسع فى بناء المدن الجديدة. وهذا هو الرد المنطقى على المطالبين بالبدائل. لكن مرة أخرى بشرط أن تكون هذه المدن الجديدة تتضمن كل ما يساعد على بدء حياة جديدة لمن يريد الانتقال إليها.
حينما نقول للمواطنين خصوصا فى الريف أن البديل للسكن موجود، وكذلك الخدمات والأنشطة والبنية التحتية، فلن يكون أمامه حجة لكى يجرف ويبور الأرض الزراعية، وإذا فعل ذلك فوقتها لا يلوم إلا نفسه.
النقطة الأخرى المهمة هى الفساد المعشعش فى بعض أجهزة الدولة خصوصا المحليات، بعض هؤلاء الموظفين كبارا وصغارا صاروا يعتقدون أن ما يحصلون عليه من رشاوى حق مكتسب لهم، رغم العقوبات المشددة التى تم توقيعها على عدد كبير منهم وسجنهم وبالمناسبة بينهم الكثير من رؤساء الأحياء.
هناك أيضا ضرورة للقضاء على الثقافة السائدة والتى تتمسك بضرورة البناء فى نفس المكان. لو استمرت هذه الثقافة فقد يأتى وقت قريب لن نجد فيه شبرا من الأرض الزراعية. هناك أيضا ضرورة لاقناع الناس بالبناء الرأسى فى البيوت المقامة حاليا، وليس الأفقى، حتى لا نخسر المزيد من الأراضى، طالما أن أساس البيت يتحمل الارتفاعات فى البيوت الريفية المبنية على أرض زراعية.
خلاصة الأمر أن العقوبات وهى مهمة جدا ليست كل شىء، وعلينا دائما البحث فى كل الأسباب والمسببات وحلها، وبعدها يأتى تطبيق العقوبات. شكرا لمجلس الوزراء على قراراته الأخيرة.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي