العسكر والدستور وحكم مصر - خالد الخميسي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 8:16 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العسكر والدستور وحكم مصر

نشر فى : الأحد 13 مارس 2011 - 11:01 ص | آخر تحديث : الأحد 13 مارس 2011 - 11:01 ص
كيف يفكر المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟ وما هى خططه لمستقبل مصر السياسى؟ سؤال لا أحد يستطيع الإجابة عنه بدقة خاصة لو تتبعنا أداء المجلس منذ توليه حكم البلاد. لكن من المؤكد أن المجلس العسكرى يتعرض لضغوط حقيقية من تيارات عديدة. أولها ولا شك من الولايات المتحدة التى لعبت دورا مهما فى السياسة الداخلية المصرية خلال الخمسة وثلاثين عاما الماضية، والتى لها مصالح واضحة فى المنطقة العربية جعلتها تتدخل فى منطقتنا بالقوة العسكرية أكثر من مرة، إلى حد احتلالها أخيرا لدولة العراق وسط ترحيب من عملائها فى المنطقة.

هى اليوم تقوم بالضغط على المجلس العسكرى الحاكم لضمان ظهور نظام مصرى لا يتعارض مع مصالحها هذه، نظام يضمن السير فى فلك نظام مبارك على المستويات السياسية العامة الخارجية والداخلية وكذلك الاقتصادية مع تغييرات جذرية فى السياسة الاجتماعية وزيادة هامش الحريات بالإضافة إلى تغييرات عميقة فى الوجوه وفى الديكور السياسى. وأتصور أن معظم المطروحين على الساحة اليوم كمرشحين للرئاسة الكبار منهم والصغار من أمثال عمرو موسى والبرادعى وأيمن نور مرشحون محتملون لأداء هذا الدور وسوف يحصلون على رضا الولايات المتحدة والمجلس العسكرى. ويتعرض ثانيا المجلس العسكرى لضغوط بقايا نظام مبارك.

هو نظام عاث واستشرى فى المجتمع المصرى على مدار ثلاثين عاما. له أذرع فى جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما أن له رجاله فى المجتمع المدنى وفى محافظات مصر المختلفة. والأهم أن لديه قوة اقتصادية ومالية لا يستهان بها. هذه القوى بعد خسارتها الجولة الأولى ــ حسب ما تتصور ــ تستعد للجولة الثانية وهى تقوم بعمليات تجميلية لوجهها القبيح. هذه القوى أيضا لديها علاقات تاريخية مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وبين بعضهم وبعض علاقات صداقة حميمة، منطقية وطبيعية بين رجال سياسة ورجال قوات مسلحة على مدار الثلاثين عاما الماضية، مع فهمنا وجود صراعات عميقة وقديمة بينهم وبعض والتى وضحت خلال الخمسة أعوام الماضية برفض القوات المسلحة مشروع التوريث ورفضها لسياسات لجنة السياسات التى نهبت مصر كما هو معروف للجميع بصورة لم يسبق لها مثيل فى العصر الحديث.

من مصلحة فلول نظام مبارك الواضحة تمرير التعديلات بأسرع وقت ممكن والالتفات حول مرشح دون الإعلان عن ذلك بالتأكيد، حتى لا يتسنى للثورة المصرية أن تفرز قيادات سوف تشكل خطرا حقيقيا عليهم فى المستقبل. وأتصور أنهم سوف يلتفون بالأساس حول السيد عمرو موسى الذى بدأوا بالفعل فى عملية تلميعه عن طريق نشر أخبار عن رعب إسرائيل من إمكانية ترشحه وفيتو أمريكى ضده. كما أن المجلس العسكرى يتعرض ثالثا لضغوط من الشعب المصرى الذى قام بالثورة. وهى ضغوط أقل تنظيما وأكثر عشوائيا من ضغوط الولايات المتحدة وبقايا نظام مبارك ولكنها ضغوط لها المصداقية والشرعية الثورية، كما أن لها قوة تأثير جبارة بعد أن أدرك الشعب المصرى قدرته على التغيير.

المجلس الأعلى للقوات المسلحة وسط هذه الأنواء قرر كما هو معروف محاولة تمرير التعديلات الدستورية خلال أيام، وعمل الانتخابات الرئاسية فى أسرع وقت وهذا يدعم السيناريو الأمريكى وكذلك ما يريده فلول نظام مبارك كما أنهم يتصورون أن هذا الأمر لا يتعارض مع مطالب الثورة. وهو الأمر الذى سوف يحيل حكم البلاد إلى رئيس يعرفون جيدا منذ الآن أنه سوف يدخل ضمن شروط الهيئة المحددة سلفا من الجميع. والآن وقبل الاستفتاء بأيام بدأت أحداث فتنة طائفية ــ بالصدفة طبعا ــ وبدأ الإعلام التليفزيونى الرسمى أو التابع لكبار رجال المال من أبناء نظام مبارك عبر برامج يومية شديدة الذكاء والخطورة، كما كتبت اكثر من مرة، يركز على مجريات أحداث الفتنة الطائفية لنخرج عن الجدل الذى يجب الخوض فيه بكل حسم.

الحل الوحيد هو رفض التعديلات الدستورية وكتابة أننا نريد لجنة رئاسية من اثنين مدنيين وعسكرى تحكم البلاد لمدة عامين على ألا يسمح لهم الترشح للرئاسة بعد ذلك. وخلال هذين العامين يتم تغيير الدستور بعد ما يتم مناقشة كل مواده بشكل واسع عبر مؤتمرات وندوات فى كل المحافظات عبر فترة زمنية كافية لهذا الجدل الواجب. وكذلك يتم تشكيل أحزاب جديدة يكون لديها الوقت الكافى لتقديم برامجها والتواجد بشكل قوى فى كل محافظات مصر وعبر الإعلام المصرى. ويتم إعادة هيكلة الإعلام المصرى بصورة تسمح أن يعبر عن مصر بعد الثورة. فالإعلام الحالى سبة فى وجه مصر. وخلال هذه الفترة سوف تظهر كوادر سياسية يمكنها أن تتقدم بالترشح لانتخابات رئاسية. أى سيناريو آخر سوف يكون عملية إجهاض للثورة المصرية.

خالد الخميسي  كاتب مصري