كل الخلايا نائمة يا سيادة المستشارة - محمد موسى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:01 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كل الخلايا نائمة يا سيادة المستشارة

نشر فى : الأربعاء 15 يونيو 2016 - 9:35 م | آخر تحديث : الخميس 16 يونيو 2016 - 12:20 ص

روبوت رشيق يفرد جسده المعدنى اللامع أمام تلاميذ الفصل، ويشير بعصاه الفضية إلى السبورة الإلكترونية، ويشرح.

الصورة ليست من الخيال العلمى أو قصص التسلية، بل حقيقة تقترب من كوكبنا على أجنحة دراسات تقنية وإنسانية مهولة، لتصبح واقع التعليم فى القرن الحالى.


تسريب الامتحانات جعلنا ننسى الجريمة الأكبر، وهى أنه «مافيش تعليم أصلا، والغش على السبورة يا عمّو»، كما قالت لى بنت أخى.


رسبت الوزارة فى امتحان التسريب كما فشلت فى امتحان التعليم نفسه، وفى التحدى الأساسى المنوط بها، وهو إعداد أجيال مستعدة للمستقبل، تفهمه وتحبه، وتعرف أدواته.


ونحن مشغولون بتسريب الامتحانات وانهيار منظومة التعليم على نحو نهائى، يفكر العالم فى شكل الفصول عما قريب، وفى مضمون الرسالة التربوية والتعليمية للأجيال القادمة، ويلخص ما وصل إليه فى عدة تصورات وحقائق كبرى.



الحقيقة الأولى هى أن التعليم سيصبح مبنيا على الأمثلة الواقعية والتفاعل مع الحياة. تقول هيئة تقييم التعليم، ETS، أكبر منظمة غير حكومية مهتمة بتحسين التعليم فى العالم منذ 1947، إن التعليم بأسلوب عملى يتجنب التحفيظ النظرى، يزيد من استفادة التلميذ بين 40 إلى 72 بالمائة، حسبما أفادت دراسة شهيرة لها عام 2001.



انتهى عصر المحاضرة والحصة المدرسية، وربما المبنى التعليمى بأنواعه. شباب المستقبل القريب لن يستيقظوا مبكرا، ليجلسوا أمام شخص يتحدث فيهم بالساعات، ويحشر المعرفة فى أدمغتهم المنهكة. وستقدم مدارس وجامعات الأونلاين مستقبلا خدمات تعليمية أرقى، مقابل مصروفات أقل، ويبقى الطالب فى بيته، كما يتوقع تقرير لمجلة إيكونومست.


سيتابع الطالب دراساته عبر برامج «سوفت وير» صارمة ستصبح وحدها الفضاء الجامعى الذى يلتحق به الطالب، ثم يغادره بعد أربعة أعوام متخرجا على أعلى مستوى.



والروبوت التعليمى ظهر فعلا، ويؤدى خدماته للتلاميذ. لا تعنى الكلمة بالضرورة أن هناك شخصا معدنيا يلعب دور المدرس، لكنه التعليم الإلكترونى القادر على إنتاج أعداد لا نهائية من الأمثلة الجذابة، وآلاف التمارين اللغوية والرياضة والإبداعية، حتى يتسنى للتلميذ أن يفهم، ويلمس ما يدرسه من كل الزوايا.



سيدخل الكمبيوتر فى كل تفاصيل العملية التعليمية، من دون أن ننسى أن أعظم آلة كمبيوتر هى العقل البشرى، عقل التلميذ الصغير الذى يتأهب لقيادة الحياة بعد سنوات، كما يقول أحد العناوين، فى الملف المثير على موقع جريدة جارديان، «مدارس المستقبل».


هناك فى المستقبل، حيث «سيكون التعليم إنسانيا، ومفيدا، وبلا ضفاف».



انشغلنا بحكاية التسريب التافهة، ونسينا أن لدينا مشكلة حاضر ومستقبل التعليم نفسه، وأزمة المضمون الفقير، والميزانية المخجلة. قدمنا حلولا من نوع روشتة وزير التعليم السابق بقطع شبكات المحمول وصفحة فيسبوك عن مناطق اللجان، يعنى مصر كلها، وصولا إلى نصيحة وزير الأوقاف بأن الغش فساد كبير يتطلب تغليظ العقوبة.



أما وزير التعليم الحالى فقدم المثال بنفسه، وأغلق صفحته على فيسبوك لكن لأسباب أخرى، هى تجنب السخرية من أغلاطه الإملائية واللغوية، وهو يطلب من صديق مثلا ألا«يعزب» نفسه، أو وهو يسخر من«مزيع قناة الخنزيره».



الوزير، ومعه نقيب المعلمين، اتهم عناصر إخوانية بالتورط فى الواقعة، وتفاعل مجتمع فيسبوك معه لإنقاذ التعليم بإجراء واحد، هو إبادة الإخوان. وقالت سيادة المستشارة إن الدولة لن تقضى على التسريب إلا بالقضاء على الخلايا النائمة بالمؤسسات.

محمد موسى  صحفي مصري