«تفكيك الوهم» فى الحديقة الثقافية - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«تفكيك الوهم» فى الحديقة الثقافية

نشر فى : الإثنين 18 أبريل 2022 - 8:50 م | آخر تحديث : الإثنين 18 أبريل 2022 - 8:50 م
توضع الكتب على أرفف المكتبات، قد تتشابه فى الأحجام وألوان الأغلفة، وربما تتشابه فى القضايا والمضامين المطروحة، لكن ما يميز كتابا عن كتاب هو مؤلفه، ومدى ما يتمتع به من قدرة على التحليل، وبراعة فى تناول الظواهر محل البحث والنقاش بطريقة تجمع بين الموضوعية ورجاحة العقل، وعمق الرؤية، وهو ما يضع تلك الكتب فى مكانة أعلى من أن تتساوى مع غيرها.
وفى «تفكيك الوهم.. مصر والبحث عن المعنى فى عالم متغير» للباحث المتميز ومستشار مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، نبيل عبدالفتاح، نحن أمام كتاب لمثقف موسوعى، هضم النظريات الاجتماعية والسياسية الغربية الأكثر حداثة، وفهم طبيعة موروثنا الثقافى بتعقيداته الدينية والاجتماعية، وراح يُعمل أدواته المواكبة لمجريات الواقع المعيش، فى تفكيك وإعادة تركيب لما مرت وتمر به مصر من تحولات منذ أكثر من ثلاثين عاما.
ينطلق الكتاب الصادر عن هيئة قصور الثقافة من سؤال الهوية، ومن نحن؟ وإلى أين يذهب مجتمعنا فى ظل المتغيرات والمنعطفات الحادة؟ حيث يضع الباحث يده على الأسباب التى كانت وراء وصولنا إلى واقع مأزوم يكاد، إن لم يكن قد نجح، فى تشويه ملامح شخصيتنا القومية، والوقوع فى فوضى التأويلات المغلوطة لتراث يحتاج إلى غربلة، وتجديد خطاب دينى، يتجاوز حدود البقاء فى دائرة مفرغة من الأفكار المعادة، والمكررة.
وقد سعدت أن أكون مناقشا لمؤلف الكتاب خلال ندوة أقيمت بالحديقة الثقافية فى السيدة زينب، السبت الماضى، ضمن إحياء ليالى رمضان التى تقيمها وزارة الثقافة، بدعوة كريمة من مدير عام النشر بهيئة قصور الثقافة الصديق الحسينى عمران والدكتورة نجلاء سراج مسئولة الببليوجرافيا بإدرة النشر، فى حضور كوكبة من المثقفين والكتَّاب، يتقدمهم الشاعر مسعود شومان، رئيس الإدراة المركزية للشئون الثقافية، بين جنبات صرح ثقافى فى الحى الشعبى العريق.
«تفكيك الوهم» يضم ثلاثة كتب، الأول: «خطاب الزمن الرمادى: رؤى فى أزمة الثقافة المصرية» والثانى: «عقل الأزمة: تأملات نقدية فى ثقافة العنف والغرائز والخيال المستور» والأخير هو «الوجه والقناع: الحركة الإسلامية والعنف والتطبيع»، وجميعها صدر بين عامى 1990 و1995 لكن إعادة الطبع جاء مع مقدمة جديدة راعت التغييرات التى طرأت علينا عقب مرور تلك السنوات.
وبحثا عن لغة جديدة، بوصفها «التجلى الأعظم لحرية العقل والتفكير» وسعيا لاختراق غابة اللغة المسيطرة يجترح نبيل عبدالفتاح «السائد من لغة وأفكار وبنيات وقيم وسياسات، من أجل فهم واقعنا وإقليمنا وعالمنا» من خلال ما يطلق عليه اللغة الانتقالية الجديدة مع اللغة المابعدية التى تواكب التغير والتحول السياسى والثقافى.
هاجس «البعد عن اللغة السائدة وجمودها وهشاشتها أمر ضرورى»، لأنها، كما يقول، ذات طابع خشبى محمول على الفراغ والخواء الفكرى» وعلى الرغم من صعوبة اللغة الجديدة المتجاوزة لما هو سائد، ، إلا أن المؤلف يقول إن تلك اللغة «تستهدف نمطا محددا من القراء قليل العدد، وهم قراء الثقافة العالمة، من ذوى التكوين المعرفى الرفيع»، بدافع إمكانية إحداث بعض التغيير فى الواقع عبر هؤلاء.
فى إحدى محطاته تناول الكتاب «محنة» الطبقة الوسطى المصرية وتآكلها، وتراجع بعض الفئات الاجتماعية إلى ما وراء «خطوط الفقر»، كما وقف فى أكثر من موضع أمام تداعيات «انهيار الاتحاد السوفيتى، وتفكك الإمبراطورية الماركسية» وظهور الولايات المتحدة كإمبراطورية وحيدة فى مقعد قيادة العالم، وهو ما انعكس بظلاله على مصر والوطن العربى.
ومن الحديث عن أزمة الصحافة المصرية، إلى «ظاهرة البحوث النفطية» التى قام بها من سافروا إلى جامعات بلدان النفط العربية، وبما جلبته من تسليع تجارى للعلم، على يد من أسماهم «رجال الأكاديميا»، مرورا برصد عجز الخطاب العلمانى عن مواجهة الخطاب الدينى، وغيرها من القضايا المهمة يقدم نبيل عبدالفتاح العديد من الأفكار الجديرة بالقراءة والتأمل، علنا نفهم ما يدور حولنا من تحولات عاصفة.
التعليقات