ما فات وقته.. - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 6:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما فات وقته..

نشر فى : الأربعاء 19 مايو 2010 - 9:53 ص | آخر تحديث : الأربعاء 19 مايو 2010 - 9:53 ص

 فجرت أزمة المياه خلافا حادا فى حوض النيل بين دول المنبع ودولتى المصب، مصر والسودان، لم يكن فى الحسبان، وقد ظل القائمون على الأمر يتكتمونه ومن هى الأطراف الدولية التى تحركه من بعيد أو من قريب طوال عدة سنوات.

وكلما ثار الحديث عن وجود خلافات بين إحدى دول الحوض ومصر على بناء سدود أو مشروعات على النيل، بادر المسئولون إلى التأكيد على أن كل شىء تحت السيطرة. وأنها مجرد خلافات بسيطة يجرى حلها بالحوار. وأن مصر تقدم مساعدات وقروضا لهذه الدول كفيلة بأن تحفظ لمصر حقوقها ونفوذها.

وفجأة استيقظنا فى مصر على وجود نزاع خطير حول أحقية مصر فيما تحصل عليه من مياه، يستهدف إعادة النظر فى الاتفاقيات الدولية المعقودة منذ عشرات السنين عندما كانت أفريقيا تحت الاحتلال البريطانى. والسعى لعقد اتفاقيات جديدة لتقسيم مياه النهر.

ويبدو أننا لم ننتبه لخطورة النزاع إلا قبل عام تقريبا. فانعقد مؤتمر لدول الحوض فى الإسكندرية. أعقبه آخر فى شرم الشيخ. وبدأنا نفيق إلى أن الأمر أخطر من السكوت عليه، وأن بعض دول كبرى عرضت على دول المنبع تمويل مشروعات لبناء سدود يمكن أن تؤثر على حصة مصر من المياه. وتترى الآن أنباء ــ وكأنها لم تكن معروفة من قبل ــ بأن إثيوبيا أقامت سدا على النيل وأنها تتزعم مع تنزانيا دول المنبع ضد مصر..

أما مصر فتحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه!
لا أحد يدرى إلى أين ستنتهى هذه الأزمة؟ التى طفت على السطح بمجرد خروج محمود أبوزيد وزير الرى السابق من منصبه دون إبداء الأسباب. وأغلب الظن أنها مثل غيرها من المشاكل التى تنزل على الرأى العام كالصاعقة بين حين وآخر، وقعت نتيجة تراكمات سابقة تم التغطية عليها ووضعت على الرف أملا فى نسيانها، أو فيما تجود به الأقدار من تغيرات هنا أو هناك.

ليست أزمة مياه النيل وحدها هى التى تشير إلى فساد الإدارة وغياب الرقابة والمحاسبة، ولكن الثابت أنه ما من مشكلة أو أزمة داخلية أو خارجية وقعت خلال السنوات الأخيرة، إلا وتبين أن لها جذورا عميقة من الفساد أغفلت وأهملت عمدا بسبب غياب الشفافية، وعدم القدرة على استباق الأحداث والتنبؤ بمآلاتها وتطوراتها.

وخذ عندك قضية مثل رشوة المرسيدس التى كشفت عنها تقارير أمريكية، وغضت الحكومة المصرية الطرف عنها تجاهلا أو تجنبا للحرج لعدة شهور. ثم اضطر رئيس الوزراء لإحالتها للتحقيق إلى النائب العام، بعد أن أساءت إلى سمعة الحكم.

وبالمثل سبقتها قضية وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان، والاتهامات التى وجهت إليه بالتربح من المال العام وتوزيع أراضى الدولة على المحاسيب والأقارب، وهى قضية تداولتها الصحف بعد خروجه من الوزارة، وظلت حبيسة الأدراج دون تحقيق، بل عين صاحبها فى مجلس الشورى ورئيسا لإحدى شركات البترول.

وفجأة جاءت الإشارة ودون سبب ظاهر بعد سنوات بفتح التحقيق معه.وقس على ذلك اتهامات عدد من النواب بإساءة استغلال العلاج الطبى على نفقة الدولة وغيرها وغيرها كثير.

وقديما قيل ما فات وقته تعطل فعله.. أى أنك إذا أهملت بعض الوقت فى علاج مشكلة ومحاسبة المسئولين عنها بسبب التغاضى عن الفساد. أو فى انتظار الحصول على إذن من جهات عليا للتحقيق مع شخصيات نافذة، فسوف تزداد المشكلة تعقيدا ويصعب إصلاحها. إذ فى معظم الأحيان تهرب الحيتان الكبيرة إلى الخارج ولا تبقى غير الأسماك الصغيرة!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات