هلع إسرائيل يخفى إحساسًا بالرضا - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:08 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هلع إسرائيل يخفى إحساسًا بالرضا

نشر فى : السبت 21 ديسمبر 2013 - 9:10 ص | آخر تحديث : السبت 21 ديسمبر 2013 - 9:10 ص

كتب جيديون راشمان، مقالا بعنوان «هلع إسرائيل يخفى إحساسا بالرضا» نشر على موقع جريدة فايننشال تايمز، تحدث خلاله عن رد فعل قادة إسرائيل إزاء التطورات الإقليمية الراهنة فى المنطقة ودورها فيها. استهل الكاتب مقاله بالحديث عن دور نتنياهو فى السنوات الأخيرة. فبينما أشاد الكثير من دول العالم بالاتفاق الأولى بشأن البرنامج النووى الإيرانى، فى الشهر الماضى؛ وصمه رئيس الوزراء الإسرائيلى بأنه «صفقة سيئة للغاية». وفى خطاب ألقاه مؤخرا، حذر نتنياهو مرة أخرى من أن الحكومة الإيرانية لا تزال «نظاما ملتزما بتدميرنا»، ولديه «سياسة إبادة جماعية» تجاه إسرائيل.

ويرى راشمان أن هذه التصريحات العلنية القاتمة تقدم صورة لإسرائيل المحاصرة، المذعورة والمعزولة. ولكن الوجه الخفى للقيادة السياسية وكبار رجال الأعمال فى إسرائيل أكثر استرخاء بكثير، وثقة بالنفس، وحتى عجرفة ــ أو هكذا بدا لى فى رحلة إلى إسرائيل الأسبوع الماضى. فعندما يتطلع الإسرائيليون إلى جميع أنحاء العالم، يرون العديد من التطورات الاقتصادية والاستراتيجية والدبلوماسية الإيجابية بالنسبة للدولة اليهودية. ولا يعنى هذا أن التحذيرات الإسرائيلية بشأن إيران غير صادقة. حيث يكره قادة البلاد حقا احتمال امتلاك إيران أسلحة نووية، ويخشونه. ولكن الضغوط الإسرائيلية ساعدت على ضمان أن يغطى الاتفاق المؤقت مصنع البلوتونيوم الإيرانى فى آراك. وسوف يواصل الإسرائيليون على مدى الأشهر الستة المقبلة الضغط، فى محاولة لضمان أن أى اتفاق نهائى لن يغطى فقط معامل تخصيب اليورانيوم ولكن أيضا بحوث الصواريخ والمعادن التى يمكن أن تسمح لإيران بتحويل اليورانيوم المخصب إلى قنبلة.

•••

ويرى الكاتب أنه فى بعض الأحيان، يشعر المرء أن إسرائيل تهيئ نفسها لتقبل فكرة إيران كدولة توشك على أن تكون نووية ــ وتستعد للحصول على أفضل استفادة من هذا الوضع. فعلى الرغم من أن احتمال وجود صفقة دولية مع إيران، أمر غير مرغوب فيه من الإسرائيليين، إلا أن له جانبا إيجابيا بالنسبة لهم. فقد خلق انفتاحا دبلوماسيا بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية ودول الخليج ــ على أساس الخوف المشترك من إيران، فضلا على العداء المشترك لجماعة الإخوان المسلمين. ومؤخرا، ألقى شيمون بيريز، رئيس إسرائيل، خطابا عبر الأقمار الصناعية، على مؤتمر أمنى عقد فى أبوظبى ــ ويرى الإسرائيليون أن هذا مجرد غيض من فيض علاقة أكبر من ذلك بكثير.

ويتبنى الإسرائيليون أيضا وجهة نظر أكثر إيجابية من الاضطرابات فى العالم العربى ــ التى قدمت لهم دائما كلا من المخاطر والفرص. وتنطوى الحرب الأهلية فى سوريا على مخاطر حقيقية واضحة بالنسبة لإسرائيل ــ لا سيما خطر تفتيت الدولة، بما يسمح لتنظيم القاعدة بإقامة جيوب هناك. ومن ناحية أخرى، اختفى إلى حد كبير التهديد الذى كان يمثله الجيش السورى فى السابق.

كما شعر الإسرائيليون بالسعادة أيضا لتدمير الأسلحة الكيميائية فى سوريا. ويتمثل الوضع السياسى القاتم فى أن جماعتين تعاديان بشدة «الكيان الصهيونى» ــ تنظيم القاعدة من جهة، وحزب الله من جهة أخرى ــ مشغولتان بقتل بعضهما البعض على الأراضى السورية، بدلا من توجيه نيرانهما إلى إسرائيل.

•••

وعن رد فعل إسرائيل تجاه الأحداث الأخيرة فى مصر ــ فيقول إن الحكومة الإسرائيلية استقبلت الانقلاب العسكرى مؤخرا فى مصر بسعادة غير خافية. فقد كانت إدارة نتنياهو تخشى الإخوان المسلمين ولا تثق فيهم، حيث تتخوف من أن يعيدوا فى نهاية المطاف النظر فى اتفاقية السلام المصرية مع إسرائيل. وعلى النقيض من ذلك، يشعر الإسرائيليون بالارتياح إلى الجيش المصرى الذى يضع بالفعل ضغوطا على حكومة حماس فى قطاع غزة.

فإذا أمكن قمع إطلاق الصواريخ من غزة، سينخفض تهديد الفلسطينيين لأمن إسرائيل إلى أدنى مستوياته منذ سنوات عديدة. وقد أعاد الجدار الذى بنته إسرائيل حول الضفة الغربية الشعور بالأمن إلى معظم أنحاء البلاد، وساعد إسرائيل على التمتع بعقد من النمو الاقتصادى السريع، بفضل قطاع تكنولوجيا ناجح للغاية فى البلاد. وتعارض إدارة أوباما والليبراليون الإسرائيليون هذا النهج القائم على الأمن فى التعامل مع الفلسطينيين، باعتباره قصير النظر ــ على أساس أن ما يعانيه الفلسطينيون من البؤس والمهانة سيكون له فى نهاية المطاف نتائج كارثية بالنسبة لإسرائيل أيضا. وفى الآونة الأخيرة، حذر جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، من اندلاع «انتفاضة ثالثة» بين الفلسطينيين ــ ويتجه الاتحاد الأوروبى إلى معاقبة السلع المنتجة فى المناطق التى تحتلها إسرائيل.

•••

ويزعم نتنياهو أنه يتفهم جميع هذه المخاطر، وقد أقر علنا حل الدولتين الذى يضغط السيد كيرى لتحقيقه. ومع ذلك، يبدو مرجحا تماما أن رئيس الوزراء الإسرائيلى يلاطف زائره الأمريكى، مفترضا أن جهود كيرى من أجل السلام، سوف تغرق فى الرمال، مثلها مثل جهود سابقة.

ومن الممكن أن يؤدى انهيار عملية السلام إلى تكثيف حملة العقوبات فى أوروبا. ولكن ما يشجع الإسرائيليين، اكتشاف أن القوى الاقتصادية الصاعدة تبدو غير متأثرة نسبيا بمحنة الفلسطينيين. ويشير مسئول إسرائيلى فى سرور، إلى أنه خلال ست ساعات من المحادثات مع القادة الصينيين، «أشاروا إلى الفلسطينيين فيما يقرب من عشر ثوان»، فيما أبدوا «عطشا لا يرتوى للتكنولوجيا الإسرائيلية». ويقول الإسرائيليون إن دول أمريكا اللاتينية تميل إلى الاهتمام بالاقتصاد والتكنولوجيا أكثر من القضايا السياسية التى تشغل بال الأوروبيين والأمريكيين.

كما تعتبر عودة ظهور روسيا كلاعب فى دبلوماسية الشرق الأوسط الآن، تطورا مرحبا به فى القدس، وقد حقق نتنياهو فى رحلته الأخيرة إلى موسكو، تقاربا واضحا مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.

•••

يختتم الكاتب مقاله بأثر هذه التوجهات التكنولوجية والدبلوماسية والاستراتيجية مجتمعة؛ حيث خلقت إحساسا بالثقة فى دوائر السلطة فى القدس. وكنت قد سافرت إلى إسرائيل متوقعا أن أجد هذا البلد مصابا بالهلع المفرط. ولكننى غادرتها وأنا أتساءل عما إذا كانت المشكلة، فى الواقع، تتعلق بالرضا المفرط عن النفس.

التعليقات