الأردن فى أزمة.. التحديات الراهنة والخيارات الاستراتيجية الجديدة - مواقع عربية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:37 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأردن فى أزمة.. التحديات الراهنة والخيارات الاستراتيجية الجديدة

نشر فى : الأحد 24 ديسمبر 2017 - 8:55 م | آخر تحديث : الأحد 24 ديسمبر 2017 - 8:55 م
نشرت صحيفة نبض الوعي العربي الفلسطينية مقالا للكاتب "لبيب قمحاوي" جاء فيه: يشعر معظم الأردنيين بأن وطنهم فى أزمة، والقليل منهم قادر على تعريف ماهية هذه الأزمة أو الأزمات ومصدرها. وعلى أية حال فإن أهم ثلاثة أسباب للأزمة التى يعيشها الاردن الآن هى:

أولا: التغيير الجذرى فى سياسات المملكة العربية السعودية وأولوياتها، وانعكاس ذلك سلبا على طبيعة علاقتها مع الأردن ومع بعض دول المنطقة.

ثانيا: التغيير فى كيفية ممارسة أمريكا لسياستها فى المنطقة والذى عكس نفسه فى القرار المتعلق بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وما ترتب على ذلك من إضعاف لموقف الأردن وتهديد لأمنه الداخلى ودوره الاقليمى وأثر ذلك على علاقته مع أمريكا.

ثالثا وأخيرا: إسرائيل نفسها التى ابتدأت تأخذ مكان الجميع كالحليف الاستراتيجى الإقليمى الأول والأهم للسعودية فى صراعاتها فى المنطقة وخصوصا ايران، والذى نقل اسرائيل من خانة العدو إلى خانة الحليف مجانا ودون مطالبتها بأى تنازلات للفلسطينيين مقابل ذلك.

ويضيف الكاتب أن جذور الأزمة تكمن فى انتقال العديد من الثوابت فى علاقات الأردن الخارجية إلى خانة المتغيرات التى يمكن الاستغناء عنها أو تغييرها بقرارات غير أردنية بل ضد رغبة الأردن، ويوضح أن الصعوبة التى يجابهها الأردن الآن تكمن فى تداخل تلك الثوابت وتشابكها معا خصوصا بعدما تحولت من ثوابت إلى متغيرات، مما حرم الأردن من القدرة على خدمة سياساته من خلال التنقل بين تلك الثوابت التى فقدها جميعا أو كاد فى وقت واحد تقريبا. والأخطر من ذلك هو التقاء أطراف الثوابت الثلاث (السعودية وإسرائيل وأمريكا) معا خارج نطاق العلاقة مع الأردن، وأصبح المطلوب من الأردن بالتالى أن يقبل بما هو مطلوب منه ولا قدرة له على تنفيذه، أو معروض عليه ولا قدرة له على قبوله أو مقاومة الضغوط المرافقة له باعتباره مطلبا جماعيا يمثل الأطراف الثلاثة، وهى أطراف لا قدرة للأردن على مقاومتها بسهولة خصوصا عندما تجتمع معا. لقد فرض هذا الوضع نفسه على الأردن الذى أصبح يبحث عن مخرج للأزمات التى تعصف به وعن حلفاء جدد يمكنه الاعتماد على دعمهم.

إن انتقال علاقة الأردن مع كل من السعودية وأمريكا واسرائيل من الثابت إلى المتغير قد أضعف من شعور النظام الأردنى بالقدرة على الاعتماد على وجود حلفاء تاريخيين له سواء للدعم المالى أو السياسى، بل على العكس أصبح انسحاب أولئك الحلفاء مصدر قلق له. هذا بالإضافة إلى كون أولئك الحلفاء هم أساس ثقة النظام الأردنى العالية بقدرته على الاستمرار، واعتبار ذلك ركيزة الاستقرار الداخلى للأردن.

وأوضح الكاتب أن العلاقة الاسرائيلية ــ الأردنية قد أصبحت أقل أهمية لإسرائيل بعد أن تطورت العلاقة السعودية ــ الإسرائيلية إلى علاقة استراتيجية شبه علنية وفى طريقها إلى العلنية الكاملة. ومن ثم فإن تطابق الأهداف الاستراتيجية فى الاقليم بين السعودية واسرائيل وأمريكا فى عدائهم المشترك لإيران قد أضعف من خصوصية علاقة الأردن مع إدارة ترامب وبالتالى أمريكا، وتغير الحال عما كان عليه فى العقود السابقة.

ويحاول الأردن الخروج من هذا المأزق المتفاقم من خلال تبنى سياسات داخلية وفلسطينية وإقليمية ودولية تساعده إما على التأكيد لحلفائه السابقين على أهمية دوره واستمرارية هذا الدور، أو على البحث عن بدائل جديدة للتحالفات القديمة دون أن يؤدى ذلك إلى زيادة الأمور تأزيما خصوصا فى علاقاته مع أمريكا واسرائيل. 

من المنطقى العمل على استيعاب أبعاد العلاقة بين الأردن وكل طرف من الأطراف الثلاثة، وذلك على الصعيد الداخلى والإقليمى والدولى مع اعتبار خاص للقضية الفلسطينية نظرا لخصوصية ارتباطها وتأثيرها على الأردن وعلى ما يجرى فيه. وهذا التحليل العام سيؤدى إلى إعطاء صورة أكثر تكاملا عن وضع الأردن المتأزم وما يمر به من تحديات، والخيارات الاستراتيجية البديلة المتوافرة له. 

• الصعيد الداخلى

يرى الكاتب أن سماح الدولة الأمنية العميقة على صعيد الأردن الداخلى لجماهير الشعب بالتعبير عن غضبها على القرار الأمريكى بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كان يهدف فى الواقع إلى التعبير عن عدم رضى الملك شخصيا على هذا القرار وعلى الايحاء للآخرين بأن هذا الموضوع حساس وخطير شعبيا بحيث يفوق قدرته على القبول به حتى ولو أراد ذلك. 

الصعيد الفلسطينى 
أما على الصعيد الفلسطينى فيوضح الكاتب أن التأكيد المتزايد للنظام الأردنى على استمرار الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة فى القدس كان يهدف إلى الاشارة إلى عدم استعداد النظام الهاشمى للتخلى عن دوره فى القدس وعلى دوره كوصى على الأماكن المقدسة وهو جزء هام من شرعية الهاشميين. والحملة الدولية التى رافقت ذلك من مؤتمر التضامن الإسلامى فى اسطنبول إلى زيارة الفاتيكان وفرنسا التى رافقها تأكيد أردنى متزايد على شمول الأماكن المقدسة المسيحية بالوصاية الهاشمية، قد أثار غضب السعودية التى أعلنت، وللمرة الأولى، عن عدم ارتياحها، إن لم يكن رفضها، للوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة فى القدس. وقد حَوَّلَ هذا الموقف السعودى الجديد الموضوع إلى خصام مباشر علنى بين العائلتين المالكتين السعودية والهاشمية مما جعل الموضوع شخصيا عائليا، بالإضافة إلى كونه سياسيا.

• الصعيد الإقليمى

أما على الصعيد الإقليمى فإن ابتعاد السعودية فى نهجها الجديد عن الرابطة العربية وذلك على المستوى الاقليمى قد فتح الباب أمام الأردن نحو خيارات إسلامية عوضا عن العربية خصوصا فى ظل الفشل المتتالى للجامعة العربية ومؤسسات العمل العربى وبدء انهيار مجلس التعاون الخليجى. وقد قام الأردن بسرعة بالالتفات نحو تركيا وهى الخيار الأقل خلافا كون تركيا عضوا فى حلف الناتو، والتعامل معها كبديل إسلامى سنى للسعودية على المستوى الاقليمى لن يثير غضب أمريكا واسرائيل.

• الصعيد الدولى

يوضح الكاتب أن أوروبا هى الخيار البديل لمنع تدهور العلاقات مع ادارة ترامب وأمريكا. ولكن الأردن لن يخطو أى خطوة بهدف تأزيم العلاقة مع أمريكا بشكل مباشر. فالعلاقة مع أمريكا تبقى هى الخيار الأردنى الأول. ولكن المشكلة هى فى درجة خصوصية هذه العلاقة.
إن الدور الأوروبى يبقى محدودا فى تحديد مستقبل الإقليم وفى حل مشاكله. والاهتمام الأوروبى يبقى منصبَّا على تجنيب القارة الأوروبية أى تبعات ناجمة عن مشاكل المنطقة مثلما حصل لسوريا وملايين اللاجئين السوريين الذين لجأوا إلى أوروبا.
وختاما يضيف الكاتب أن الأردن الآن فى عزلة لا يُحسد عليها. وخياراته فى التحالفات البديلة هى خيارات موسمية متفجرة ومن الدرجة الثانية. والأردن هو من وضع نفسه فى وضع خيار اللا خيار؛ نظرا لافتقار الحكم إلى طبقة من السياسيين المحنكين ذوى القدرة والشجاعة على إبداء النصيحة الصادقة بغض النظر عن رأى أو مزاج الحاكم.

نبض الوعي العربي
التعليقات