هيستريا سودانية - محمد عصمت - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هيستريا سودانية

نشر فى : الثلاثاء 28 ديسمبر 2010 - 10:03 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 28 ديسمبر 2010 - 10:03 ص
مع الانفصال المتوقع للجنوب فى استفتاء 9 يناير المقبل، يتحرك السودان بشماله وجنوبه بسرعة نحو المجهول.. فالجنوب يواجه خلافات عرقية قديمة، تهدد بحروب قبلية يتوقع كثيرون نشوبها بعد أن يحصل الجنوبيون على دولتهم المخترقة من عشرات من أجهزة الاستخبارات على رأسها الموساد.

أما الشمال فقد تغيرت خريطته السياسية رأسا على عقب، فلم يعد الحزبان الكبيران الأمة والاتحادى لهما نفس الشعبية أو النفوذ القديم وهو ما ينطبق ايضا على الحزب الشيوعى، كما انه برحيل جون قرنق الغامض فى حادث سقوط طائرته على الحدود الأوغندية، انحرف الخط السياسى للحركة الشعبية من بناء السودان الجديد إلى تغليب خط الانفصال وهو ما أدى لانحسار شعبية الحركة وسط الشماليين.

وفى حين لم يعد أمام حزب المؤتمر الوطنى الحاكم فى الخرطوم تبرير مسئوليته عن انفصال الجنوب إلا بتصويره كثمن لاستمرار تطبيق الشريعة فى الشمال، فقد رفضت قيادات الحزب بحث مقترحات المعارضة بتشكيل حكومة وفاق وطنى تضم كل القوى لمواجهة تداعيات الانفصال، وهو ما يؤذن باضطرابات سياسية سيشهدها الشمال إن عاجلا أو آجلا.

والواقع انه منذ استيلاء حزب الجبهة الإسلامية بزعامة حسن الترابى على الحكم فى السودان فى انقلاب الثلاثين من يونيو 1989، وكل الطرق تؤدى إلى انفصال الجنوب.. فبعد شهور قليلة من نجاح الانقلاب، ظهرت تصريحات هيستيرية حول بناء دولة الخلافة الإسلامية تكون الخرطوم عاصمتها.. وارتفعت أصوات المتشددين تطالب بإسقاط النظام العلمانى فى القاهرة لتنضم مصر إلى الدولة الإسلامية الوليدة.. وصاحب هذه المخططات الدعائية، تصعيد خطير فى الحرب الأهلية التى تحولت إلى «جهاد» فى سبيل الله ضد الكفار الجنوبيين.. ثم فى منتصف التسعينيات، فاجأتنا هذه الحكومة «المنسوبة إلى الإسلام» باتفاقها السرى مع الجنوبيين «المحسوبين «على الكفار» على تقرير المصير فيما يعرف بـ«اتفاق فرانكفورت» الذى وقع عليه على الحاج القيادى بجبهة الترابى، ولام أكول القيادى الجنوبى المعروف».

أما فى مصر، فنحن ندفع ثمن الاخطار السودانية مرتين.. الأولى حينما ساعدنا الترابى على قيام انقلابه.. والثانية حينما غسلنا ايدينا من الملف السودانى برمته، طوال السنوات الماضية وتركناه لقوى اقليمية ودولية تلعب فيه كيفما تشاء وكأن السودان تقع فى بلاد الواق الواق وليست على بعد امتار من حدودنا الجنوبية!
محمد عصمت كاتب صحفي