لماذا لا تنخفض الاسعار عندنا؟! - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:45 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا لا تنخفض الاسعار عندنا؟!

نشر فى : الأربعاء 30 مارس 2022 - 8:50 م | آخر تحديث : الخميس 31 مارس 2022 - 2:11 م

يجب التوقف عن ترديد مقولة إن «الدولار ارتفع أمام الجنيه» التى انتشرت على ألسنة الجميع خلال الأيام الماضية وأصبحت مبررا لكى تشتعل أسعار كل شىء يستخدمه المصريون، وربما بنسب تفوق نسبة التغير فى سعر صرف الجنيه أمام العملة الأمريكية.
فالحقيقة هى أن الدولار لم يرتفع أمام الجنيه خلال الأيام الماضية وإنما فقط عاد إلى المستويات التى كان عليها فى أعقاب قرار تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016 عندما قفزت العملة الأمريكية بنحو الضعف لتسجل حوالى 18.5، وساعتها انطلق المستوردون والتجار والمنتجون لرفع أسعار كل شىء وأيضا بأكثر من نسبة الزيادة فى سعر الدولار. وساعتها لم يجد المستهلك المصرى المسكين من ينظر إليه، وإلى معاناته مع لهيب الأسعار، واستسلم الجميع لحكم سوق الصرف وقَبِل بالأسعار المرتفعة. ومرت الأيام وتحسَّن أداء الاقتصاد وتراجع الدولار فى بعض الأحيان عند حد الـ 15 جنيها واستقر لفترة طويلة فى حدود 15.5 جنيه، ولكن الأسعار لم تنخفض سواء كانت أسعار السلع مستوردة أو محلية أو هجينا.
المشكلة فى مصر أن الأسعار تتحرك فى اتجاه واحد طوال الوقت، فإذا حضرت عوامل الارتفاع ترتفع الأسعار، وإذا غابت هذه العوامل أو حتى حضرت أسباب الانخفاض ممثلة فى تراجع الأسعار العالمية أو تحسن قيمة الجنيه، لا تتراجع الأسعار عندنا، فإذا ما عادت الأسعار العالمية أو الدولار إلى مستوياتها المرتفعة السابقة، ترتفع أسعارنا من جديد دون ضابط أو رابط.
وتزداد حدة الأزمة عندما نجد الحكومة ومسئوليها وانصارها يرفعون شعارات قواعد السوق والاقتصاد الحر فى وجه من يشكون من انفلات الأسعار ويطالبون بالتدخل للحد من هذا الانفلات، ويتجاهلون أن اقتصاد السوق لديه آليات وأدوات قادرة على التصدى للتلاعب بالأسعار والتربح من الأزمات. لذلك فإن حركة الأسعار فى اقتصادات السوق الحقيقية تكون فى الاتجاهين وهو ما يضمن لها استقرارا واضحا على المدى الطويل، فلا نرى أمريكيا أو أوروبيا يتحدث عن مستويات الأسعار التى كانت منخفضة للغاية قبل عشرين عاما مقارنة بمستواها الآن.
فهل يعرف الذين قرروا زيادة أسعار الخبز فى البلاد لأن أسعار القمح العالمية مرتفعة، إن هذه الأسعار الآن أقل من مستوياتها قبل عشر سنوات، عندما ارتفعت إلى مستويات قياسية عام 2010 مسجلة 12 دولارا للبوشل (حوالى 27 كيلوجراما)، وساعتها رفعت المخابز الحرة ومصانع المكرونة والحلويات وكل الصناعات ذات الصلة أسعار منتجاتها، ثم تراجعت أسعار القمح طوال السنوات التالية لتصل في أبريل 2017 إلى حوالي 4 دولارات للبوشل، فلم تنخفض أسعار المخبوزات قبل أن تعود إلى الارتفاع مؤخرا لتسجل 10.2 دولار للبوشل فترتفع الأسعار عندنا.
وما يحدث مع القمح يحدث مع أغلب السلع فى الأسواق العالمية، بما فى ذلك الدولار والحديد، ومن يتابع أخبار الأسواق العالمية سيجد فى أغلب الأحيان عبارة تقول إن الأسعار وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ عام كذا أو كذا، لأن الأسعار العالمية تتحرك غالبا فى صورة دائرة، لكن الأسعار عندنا تتحرك فى خط مستقيم إلى أعلى دائما، ليدفع المصريون ثمن موجة الارتفاع العالمية، دون أن يستفيدوا من موجات التراجع. فهل يمكن أن يأتى اليوم الذى تقوم فيه الحكومة وأجهزتها المعنية بدورها فى إطار اقتصاد السوق الحر لكى يستفيد المصريون من تراجع الأسعار العالمية كما يدفعون ثمن ارتفاعها؟

التعليقات