قصور منسية (5).. قصر السكاكيني: الفئران صاحبة الفضل في تشييده - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 2:42 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قصور منسية (5).. قصر السكاكيني: الفئران صاحبة الفضل في تشييده

منال الوراقي
نشر في: الإثنين 27 مارس 2023 - 7:17 م | آخر تحديث: الإثنين 27 مارس 2023 - 7:18 م
القصور التاريخية في مصر ليست مجرد أمكنة وجدران وشوارع، إنما هي تاريخ لا يزال حيا، سجل ليُخلد أسماء وشخوصا وأحداثا، رمز لنمط عمارة ساد، وظروف عصر خال، وثقافة مجتمع تقلبت عليها السنوات، لكنها ظلت تحمل شيئا من توقيعه، لا يزال محفورا في ومضة هنا أو أخرى هناك.

تلك القصور ما هي إلا تاريخ لم تطوه كتب أو مجلدات، فلا يزال حيا نابضا يثبت أنه أقوى من كل محاولات العبث التي بدأت بعشوائية المصادرات ومحو أسماء أصحاب القصور من فوق قصورهم، ولافتات الشوارع التي حملت يوما أسماءهم تخليدا لدور قدموه للوطن أو خدمة جليلة قاموا بها لنهضة مجتمعهم.

وفي سلسلة "قصور منسية" تستعرض "الشروق" خلال شهر رمضان الكريم، قصصا لقصور مصر المنسية، استنادا إلى كتاب "قصور مصر" الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، للباحثة سهير عبدالحميد، والذي يتناول قصص وحكايات وراء أشهر القصور المصرية.

قصر السكاكيني.. "الفئران" صاحبة الفضل في تشييده

امتلأت الخنادق أثناء حفر قناة السويس بالفئران، فتوقفت المعاول وتعطل العمل، إلى أن تجلت فكرة بسيطة -بقدر ذكائها- في رأس السكاكيني باشا، عندما أخذ عربات مليئة بالقطط وأطلقها على الفئران فقضت عليها.

وكانت هذه الواقعة سبب سعد ذلك المقاول الذي اشترى الباشوية كأثرياء ذلك العصر، فقد نال إعجاب الخديو الذي جعله يشارك في بناء دار الأوبرا القديمة.

وقاد الرجل تطلعاته ليشارك في عصر النهضة المعمارية بمصر، فقرر أن يحول تلك البركة الموجودة بالقرب من جامع الظاهر بيبرس إلى تحفة فنية شارك في إنجازها أعظم الرسامين الإيطاليين آنذاك؛ فكان قصر السكاكيني ثم الحي الذي امتد حوله واكتساب الاسـم ذاته فخلد اسـم وسيرة صاحبه.

أسرة السكاكيني.. المهاجرة إلى مصر

كانت أسرة السكاكيني عريقة بجذورها التي تعود إلى القرن الـ15 الميلادي في بلاد الشام، وكانت شهرتها في صناعة السلاح "خصوصا السكاكين" سببًا في اللقب الذي حازته، لكنها اضطرت أن تترك دارها وتهاجر إلى مصر في النصف الأول من القرن الـ19 هربًا من اضطهاد الأتراك.

وهكذا فر جبرائيل أنطوان إلياس حنا والد حبيب السكاكيني، ولم يكد يبلغ العشرين من عمره حتى بزغ نجمه عندما انضم إلى فريق ديليسبس الخاص بحفر قناة السويس، وبعد حادثة الفئران أعجب به الخديو إسماعيل، وبدأ يكلفه ببعض الأعمال الإنشائية، فكان له النصيب الأكبر في إنشاء دار الأوبرا القديمة، واستخدم في بنائها جذوع النخل.

قصر السكاكيني الذي خلد ذكراه

كان يمكن لاسم السكاكيني باشا، أن يظل مغمورا مع هذا كله، أو تطويه السنوات، إلا أن هذا القصر التحفة الذي بناه وخطط حوله طرقً وشوارع هي ثمرة حي جديد اكتسب نسبه من السكاكيني باشا فحصل على لقبه.

وكان مكان هذا القصر مجرد بركة مياه تعرف باسم "فراج التركماني" تستمد ماءها من الخليج المصري القديم "شارع بورسعيد حاليا" ومن حولها كانت أرض جرداء.

وتشير الوثائق إلى أن حبيب السكاكيني اشترى هذه البركة من مزاد علني في 10 يونيو 1888، وهذا يدحض الرواية التي تقول إن السكاكيني حصل على أرض البركة كهدية من الخديو إسماعيل، وقد ردم السكاكيني البركة، وشيد القصر في عام 1897 على مساحة 2698 مترا، وجاء القصر نموذجا مجسما لفن الركوكو، وشـيد على يد معماريين إيطاليين، والطريف أن المكتب الإيطالي المشرف على الإنشاء اشترط عدم إقامة أي تعديلات أو إصلاحات بالقصر إلا بمعرفته حتى لا تشوه زخارفه وتماثيله النادرة.

قصر ذو طابع أوروبي يعتمد على التراث الإسلامي

يتميز قصر السكاكيني بالطابع الأوروبي الذي يعتمد على العناصر البشرية والنباتية، والتراث الإسلامي الواضح في وحدات الأرابيسك والخشب المعشـق والزجاج الملون، وذلك السلم الحلزوني المأخوذ من المئذنة في المسجد، والذي يصل بك إلى قبة القصر الشبيهة بقباب المساجد، والتي تطل منها على القاهرة العامرة، وكأنك في هذا القصر أمام حالة خاصة من التزاوج المعماري بين الشرق والغرب.

فعندما تصل إلى السكاكيني تأخذك ملامح القصر منذ الوهلة الأولى: أعمدته الرخامية التي تبدو وكأنها قطفت من بهو روماني، التماثيل المعلقة على الجدران ما زالت بكامل عنفوانها وتألقها، وحدات الأرابيسك في النوافذ، الحرف الأول من اسم حبيب في الإنجليزية وقد نثر على الجدران بشكل جمالي، قبة القصر الكبيرة التي يستقر أسفلها القصر كمبنى عريض متعدد الارتفاعات، الحديقة الواسعة بأشجارها العتيقة.
أقرأ ايضا:


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك