نتنياهو.. وسيناريوهات إنجاز التطبيع مع السعودية - قضايا إستراتيجية - بوابة الشروق
الإثنين 9 ديسمبر 2024 12:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نتنياهو.. وسيناريوهات إنجاز التطبيع مع السعودية

نشر فى : الأحد 1 أكتوبر 2023 - 8:50 م | آخر تحديث : الأحد 1 أكتوبر 2023 - 8:50 م
ينقسم ائتلاف حكومة نتنياهو إلى يمين وسط وأقصى يمين. التيار الأول معتدل يتبع طريقة «إدارة الصراع» مع الشعب الفلسطينى إلى أن يصبح الحل ممكنا ذات يوم، أما التيار الثانى فهو متطرف يعارض نهج إدارة الصراع كما يرفض تقديم أية تنازلات للجانب الفلسطينى صغيرة كانت أم كبيرة. من جانبها، تقوم الآن الإدارة الأمريكية بدراسة هذا الاختلاف بين طرفى الائتلاف الحكومى الإسرائيلى ــ فى إطار رعايتها لاتفاق تطبيع محتمل للعلاقات السعودية الإسرائيلية ــ إذ ينطوى الاتفاق على تقديم تنازلات إسرائيلية للشعب الفلسطينى. فى ضوء ذلك، نشرت صحيفة The Jerusalem Strategic Tribune مقالا لرئيس تحريرها، إران ليرمان، أورد فيه ثلاثة سيناريوهات يصعب على نتنياهو الاختيار من بينها للتعامل مع ائتلافه المتصدع، من أجل إتمام صفقة تحسين العلاقات مع الرياض... نعرض من المقال ما يلى:
عندما عقد رئيس الوزراء نتنياهو اجتماعا لمجلس الوزراء فى 12 سبتمبر الحالى، قبل أسبوع واحد من توجهه إلى نيويورك لإلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والالتقاء بالرئيس بايدن وغيره من زعماء العالم، برزت قضية مثيرة للجدل: هل ينبغى السماح لعائلات السجناء الفلسطينيين بزيارة ذويهم مرة واحدة فى الشهر كما هو متبع الآن، أم مرة واحدة فقط كل شهرين؟!
بداية، معاملة السجناء الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية مسألة حساسة للغاية فى المجتمع الفلسطينى؛ والآن يدفع حلفاء نتنياهو فى الحكومة إلى تفاقم الأوضاع بتغيير مواعيد الزيارات، بينما الجيش وأجهزة المخابرات ومصلحة السجون نفسها لا يرون أى سبب للتلاعب بقضية قد تؤدى إلى رد فعل فلسطينى متفجر. فى النهاية، انحاز نتنياهو إلى «الدولة العميقة» ورفض موقف اليمين المتشدد، مما أدى إلى تأجيل أى إجراء حتى مناقشة الأمر فى اجتماع وزارى فى أكتوبر القادم.
• • •
بشكل عام، يتبع يمين الوسط الحاكم فى إسرائيل نهج «إدارة الصراع» تجاه القضية الفلسطينية، بمعنى أنهم يفضلون أن يتركوا الباب مفتوحا أمام احتمال أن يصبح حل الصراع الإسرائيلى الفلسطينى ممكنا ذات يوم مع تغير المنطقة وظهور زعماء جدد، ولكن حتى ذلك الحين فإن ما ينبغى لإسرائيل أن تفعله هو تخفيف التوترات وتحسين الظروف المعيشية للشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية وقطاع غزة، فى حين تحتفظ بحق الرد على الأنشطة العدائية بطريقة انتقائية تعتمد على المعلومات الاستخباراتية، ويحظى هذا النهج بدعم عناصر داخل حزب الليكود، بما فى ذلك وزير الدفاع يوآف جالانت. وتمشيا مع هذا النهج، أذن نتنياهو، فى أوائل 2023، بإنشاء «منتدى العقبة»، وهو اجتماع دورى لكبار ضباط الأمن من السلطة الفلسطينية وإسرائيل والأردن ومصر والولايات المتحدة. وكشف مؤخرا مستشار الأمن القومى الإسرائيلى، تساحى هنغبى، أنه يجرى حوارا مباشرا مع الأطراف الفلسطينية بشأن صفقة التطبيع الإسرائيلية السعودية المقترحة.
ومع ذلك، هناك حزبان داخل الحكومة الائتلافية يعارضان نهج إدارة الصراع وهما حزب «القوة اليهودية» بزعامة إيتمار بن غفير، وحزب «الصهيونية الدينية» بزعامة بتسلئيل سموتريتش، ويشغلان معا 14 مقعدا من مقاعد الائتلاف البالغ عددها 64 مقعدا، من أصل 120 فى الكنيسيت الإسرائيلى.
• • •
تتم الآن دراسة هذا الصدع داخل ائتلاف نتنياهو بالتفصيل فى سياق الجهود الأمريكية للتوسط فى صفقة تطبيع إسرائيلية سعودية، إذ أشار الرئيس بايدن فى خطابه أمام الأمم المتحدة أن الصفقة تتطلب تنازلات إسرائيلية كبيرة للشعب الفلسطينى.
من وجهة نظر يمين الوسط، فإن ما قد يكون مطروحا فى إطار الصفقة لا يدخل فى مجال حل الصراع. فإسرائيل ليست على وشك الانسحاب من الأراضى أو إزالة المستوطنات فى الضفة الغربية، وكل ما يشغلهم الآن هو تحسين إدارة الصراع. بينما أقصى اليمين فى الائتلاف من المرجح أن يعارض تدفق بعض الأموال إلى السلطة الفلسطينية، وسيعمل على بناء عدد من مشاريع البنية التحتية الكبرى، وربما يتم اتخاذ ترتيبات للإنتاج فى حقل الغاز البحرى فى غزة. كما أن هناك إجراءات أخرى سيقاومها اليمين المتشدد، مثل إعادة فتح قنصلية لمنظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن.
على أى حال، إحدى الإشارات الإيجابية لا تأتى من الجانب الإسرائيلى بل من الجانب الفلسطينى، إذ اختارت السلطة الفلسطينية الانخراط هذه المرة مع السعوديين ومع المسئولين الأمريكيين وحتى مع إسرائيل من أجل الحصول على بعض «العطاء» الذى قد يطرحه الجانب السعودى كمطلب فى إطار الصفقة المحتملة، وذلك لإضفاء الشرعية على أى تطبيع مستقبلى فى نظر الشعب السعودى والعالم العربى.
• • •
فى الحقيقة، هناك عدة سيناريوهات محتملة أمام نتنياهو لإنجاز الصفقة مع السعودية، نوجزها كالآتى:
السيناريو الأول هو استسلام نتنياهو لضغوط ائتلافه المتطرف وعناصر من قاعدته فى الليكود ورفض أى تنازلات كبيرة للشعب الفلسطينى. وطبعا إذا حدث هذا، فسيحافظ على ائتلافه سليما؛ ولا توجد احتمالات بأن يقوم المعتدلون فى الليكود بإسقاط الحكومة فعليا، لكن العواقب قد تكون وخيمة إذا تصاعدت التوترات مع الشعب الفلسطينى؛ كما قد يتآكل التماسك الداخلى لإسرائيل بالنظر إلى أن دوائر انتخابية كبيرة تدعم المفاوضات التى تؤدى إلى حل الدولتين؛ ناهينا عن انخفاض مكانة إسرائيل الدولية، بما فى ذلك مع الشركاء العرب الحاليين. والأمر الأكثر أهمية هو أن العلاقات مع أمريكا سوف تتدهور فى وقت يزداد فيه الضغط الإسرائيلى عليها لمواجهة التحدى النووى الإيرانى. ومع ذلك، قد يشعر نتنياهو أن هذا هو الطريق الأكثر أمانا للمضى قدما.
أما السيناريو الثانى فهو أن تنضم أحزاب المعارضة الوسطية إلى حكومة نتنياهو وتسمح لها بالحفاظ على أغلبية برلمانية. والمرشح الأكثر ترجيحا للقيام بذلك هو بينى جانتس (ولكن فقط إذا تخلى نتنياهو بشكل أساسى عن خططه للإصلاح القضائى)؛ والمرشح الأقل احتمالا للتحالف مع نتنياهو هو يائير لابيد، رئيس الوزراء السابق. وإذا كان هذا السيناريو من شأنه أن يمنح الجيش الإسرائيلى والشاباك دعما واسعا لجهودهم لتحقيق الاستقرار، وإزالة العقبات الإسرائيلية أمام الصفقة السعودية وإصلاح العلاقات مع أمريكا. إلا أنه سيكون مؤلما بالنسبة للمعارضة التى شعرت بالخيانة من قبل نتنياهو فى الحكومات السابقة، وكذلك بالنسبة لحزب الليكود الذى سيتعين عليه التخلى عن القضية الأساسية التى خاض حملته الانتخابية على أساسها وهى الإصلاح القضائى. فى الوقت نفسه، ترغب إدارة بايدن فى معرفة ما إذا كانت أحزاب المعارضة هذه ستأتى وتدعم نتنياهو إذا انسحب اليمين المتشدد.
السيناريو الأخير، وهو بعيد ولكنه ليس مستحيلا، فهو أن يقامر نتنياهو ويختار حل الحكومة والدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة فى وقت ما فى النصف الأول من عام 2024. والسبب الظاهرى للقيام بذلك هو الحصول على دعم شعبى واسع النطاق للسلام بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية الذى حظى بتغطية إعلامية كبيرة فى الصحافة الإسرائيلية ولكن دون تفاصيل محددة من السعودية أو الولايات المتحدة. أما السبب الحقيقى فهو قراءة المشاعر العامة خاصة بشأن التطورات فى قضاياه الجنائية المعلقة فى المحكمة، وبشأن الجهود التى بذلتها حكومته للتوصل إلى تسوية متفق عليها بشأن الإصلاح القضائى.
بلاشك يصعب التنبؤ بأى سيناريو سيختاره نتنياهو، فى وقت تواجه فيه حكومته قضايا مصيرية ــ فى آن واحد ــ وهى التسوية بشأن الإصلاح القضائى، والحاجة إلى بعض التحرك على الجبهة الفلسطينية من أجل تمكين التوصل إلى صفقة سعودية، وزيادة المخاوف بشأن التهديدات الإيرانية.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف

النص الأصلى:

التعليقات