الذكاء الاصطناعى ومصادرة عقول البشر! - المستقبل والتقدم التكنولوجي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 10:06 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الذكاء الاصطناعى ومصادرة عقول البشر!

نشر فى : الأحد 6 يونيو 2021 - 7:10 م | آخر تحديث : الأحد 6 يونيو 2021 - 7:10 م
نشر موقع الميادين مقالا للكاتب أكرم بزى، تحدث فيه عن إنترنت الأشياء الذى سيربط الإنسان بكل شىء يدور حوله من خلال زرع رقاقة صغيرة إلكترونية فى جسمه تبعث معلومات إلى جهاز الإنترنت وتطلعه على حالة الإنسان بالتفصيل، ذاكرا أن بهذا التقدم التكنولوجى أصبحت خصوصية الإنسان غير موجودة بعد أن أصبح الكل يعرف كل شىء عن الكل... نعرض منه ما يلى:

أصبحت «أمازون» و«آبل» و«فيسبوك» و«جوجل» و«تويتر» تشكل مرجعية لنا. «جَوجِلها» لتحصل على المعلومة التى تطلبها! نستخدم الهاتف المحمول للحصول على المعلومة التى نريدها من أحد محركات البحث آنفة الذكر، حتى إنَنا نستعين بها للوصول إلى الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية الشريفة أو أسفار من الإنجيل أو أى شىء آخر له علاقة بالعلوم وما شابه.
سؤال جاب خاطرى: ماذا لو تم التلاعب بهذه المعلومات، وتم تحريفها، أو حذف شىءٍ منها؟ ماذا لو بعد 50 عاما (افتراضا) انقرضت الكتب والمنشورات والأبحاث المكتوبة والمطبوعة، عمدا أو إهمالا، ولم يبق لنا إلا المعلومات الموجودة فى شبكة الإنترنت؟ أليس باستطاعة المتحكم بالإنترنت أن يضيف ويزيد ويمحو أو يغير أى معلومة من هذا الكم الهائل من المعلومات وكتب التاريخ؟ أليس من السهل على المحترفين اختراق المعلومات الشخصية لأى شخص، واستخدامها بطرق غير مشروعة؟
أما مواقع التواصل الاجتماعى، فهى تؤدى إلى انعزال الأفراد عن المجتمع والوحدة والعائلة والأصدقاء، إذ خلقت حياة افتراضية تجعل الفرد أسيرا لها بكل أشكالها، لا بل ذهب البعض إلى استثمار حياته فيها، من خلال صرف مدخراته لشراء أفضل الأجهزة السريعة لتلبى احتياجاته من عرض الأفلام أو التواصل السريع مع الآخر أو نشر موضوع ما أو قراءة أو مشاهدة حدث ما.
أحيانا، يصل به الأمر من خلال العلاقات التى ينشئها إلى حجز تذاكر السفر، أو إرسال الأموال إلى الأشخاص الذين تعرف عليهم، والذهاب إلى بلاد أخرى، ليتحقق من مصداقية الشخص الذى يتحدث إليه، وبالتالى تحويل الحلم الافتراضى إلى حقيقة. وهنا، ماذا لو كان الشخص الذى ذهب لملاقاته من جنس آخر، وكان بخلاف ظنونه! هنا الكارثة.
بات الفاصل بين العالم الحقيقى والعالم الافتراضى شبه معدوم، لاختلاطهما فى أساسيات العيش فى مجتمعاتنا. ومن لم يسعَ إلى التطور وامتلاك أدوات المعرفة والتكنولوجيا، سيكون كمن يعيش فى غابة، لا يفقه شيئا مما يجرى حوله. كل هذا بفعل سرعة التطور التكنولوجى وسيطرة أصحاب رءوس الأموال المالكة لهذه التقنيات على مقدرات الشعوب والدول، مهما عظم شأنها وقوتها، لأن من لا يمتلك هذه التقنيات لن يسمح له بالعيش كما يريد، بل كما يريدون له أن يعيش، والسبب الرئيسى فى ذلك هو سوء استعمال التقنيات الحديثة، وخصوصا الإنترنت.
العام 2020 كان الحد الفاصل بين طريقة وأسلوب حياة. ما قبلها ليس كما بعدها. ذلك العام شهد تطورات فُرضت علينا من خلال آليات التطور الحديثة المرتبطة ارتباطا كليا بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعى، وخصوصا من خلال إطلاق تقنيات الجيل الخامس من الإنترنت وتطبيقاته، والقوانين والتشريعات الدولية والبروتوكولات الدولية التى ستتحكم بشبكة الإنترنت الجديدة، من خلال الأمم المتحدة وجميع المنظمات والشبكات الحكومية التى تتحكم بهذا العالم. وفى العام المقبل، سيطبق بروتوكول جديد اسمه «IPV6» على الأجهزة، وعلى كل شىء فى العالم، وبالتالى على البشر.

ما هو«IPV6»؟

العالم الآن مرتبط بالإنترنت من خلال عنوان يطلق عليه اسم «IP Adress»، وهو عبارة عن رقم يحدد هوية المتصل بالإنترنت (بروتوكول). الإصدار الرابع «IPV4» هو الأكثر شيوعا، ثم الإصدار السادس «IPV6».
كان الإصدار الرابع يغطى ما كان مفترضا أن يكفى العالم فى مرحلة ما قبل العام 2020. أما الآن، فلم يعد يكفى، وبالتالى كان لا بد من تطويره، بحيث يشمل العالم، كل العالم، بما فيه الإنسان والحيوان والأشياء وما قد يخطر على بال بشر. وجاء الإصدار السادس ليتسع إلى تريليونات من الأرقام المتاحة لتوصيلها إلى الأجهزة والسيارات والحيوانات والإنسان!
العالم متشابك الآن من خلال الجيل الحالى بأجهزة الإنترنت، سواء كان من خلال الأجهزة الإلكترونية فى المكاتب والمنازل أو من خلال الهاتف المحمول، فما بالك بشبكة عنكبوتية تربط كل شىء فى الكون مع الإنسان؟!
إن الجيل القادم من الإنترنت سيربط كل شىء قد يخطر على بالك فى هذا العالم؛ الإنسان مع الحيوان، مع الجماد، مع الأشياء، فإذا كان للهاتف المحمول «IP address»، سيكون للإنسان أيضا «IP address»، وهذا سيكون بمثابة هوية له، واسمه إنترنت الأشياء. Internet Of Things
وإنترنت الأشياء سيربط الإنسان بكل شىء يدور حوله. على سبيل المثال، إذا كنت قادما من العمل إلى المنزل فى ساعة محددة أو غير محددة، ستجد بيتك أو محتويات البيت فى حالة استقبال لك، لتؤمن لك سبل الراحة التى برمجتها عليها، فإذا كنت قد برمجت التلفاز على أن يعمل مباشرة بعد دخولك البيت، ستجد قناتك المفضلة قد صارت متاحة تلقائيا، أو إذا أردت موسيقى معينة، فستشتغل لوحدها أيضا، أو أردت أن تشرب عصيرا مثلجا، فستجده بات جاهزا فى المكان المخصص له، وهكذا دواليك.
للوهلة الأولى، قد تظن أن ذلك شىء جميل، وقد تُسر لمعرفة ذلك التطور ويشعرك بالراحة، إلا أن فيه خطورة كبيرة، فكيف لهذه الأجهزة والبيئة التى تدور حولك أن تعرف عنك كل شىء؟ والجواب هو: من ضمن البروتوكولات الجديدة التى ستفرض على البشرية بذريعة التكيف مع التطورات العلمية، زراعة رقاقة إلكترونية صغيرة بمقدار حبة البرغل أو الرز داخل جسم الإنسان، قد تكون فى كتفه أو يده أو مكان آخر فى جسمه. هذه الرقاقة الصغيرة تُدعى RFID (Radio Frequency Identification).
هذه الـ«RFID» ستبعث معلومات من خلال جسمك إلى جهاز الإنترنت، لتطلعه فيها على حالتك الصحية بالتفاصيل، ولو كنت متعرقا أو تشعر بالبرد أو مرتبكا لأمر ما أو تعانى وضعا صحيا طارئا، فسيرسل إشارات ومعلومات لجهاز الإنترنت، وبالتالى سيقوم الأخير بالإجراء المناسب الذى تحتاجه.
وفى هذه الحالة، ستصبح أيها الإنسان كأى شىء فى هذا المحيط، أى ستتعرض لـ«التشيؤ»، إذا جاز التعبير! هذا إن دل على شىء، فهو يدل على سلب إنسانية الإنسان وتحويله إلى «شىء ما» خالٍ من الإرادة، لأن إرادة الإنسان «المُطعم» بالـ«RFID»، ستكون مسلوبة، وسيتم التحكم به من خلال «الكونترولر» أو «المُتَحَكِمْ» عن بعد.
وهنا، يقودنا البحث إلى شىء آخر، وهو «الخصوصية»، فخصوصية الإنسان لم تعد موجودة، فالكل يعرف عن الكل، وهى مشكلة خطيرة أخرى، فوسائل التواصل الاجتماعى، والتى لا تزال شبه مجانية منذ تأسيسها، يكمن الهدف منها فى جمع المعلومات العامة والخاصة بكل إنسان يستعملها، ناهيك بالبريد الإلكترونى الذى بات يحتوى كل «داتا» الشركات والمؤسسات وما شابه.
***
أما فى تطبيق مفاهيم ما يسمى الذكاء الاصطناعى «AI» خطورة قاتلة، إذ سيقودنا إلى ما هو أذكى من الإنسان العادى، من خلال العمل على تطوير ذاكرة العقول الإلكترونية وجعلها تستوعب كما هائلا من المعلومات، بحيث إنها تصعب على الإنسان العادى، فالذكاء الاصطناعى سيكون مرتبطا بشبكة معلومات أشبه بـ«جوجل»، وسيكون أسرع بكثير من قدرة الإنسان على الوصول إلى المعلومة، فقد تكون «برمشة عين» حاضرة إذا ما طُلبت.
وإذا ما أُتيح ذلك للإنسان، فإنه سيلجأ إلى ما هو أسهل للحصول على المعلومات التى يريدها، بدليل أننا لم نعد نستطيع حفظ أكثر من رقم الهاتف الخاص بنا أو هاتف المنزل، أو على الأقل رقم الهوية، أو الحسابات المصرفية وكلمات السر الخاصة بها، فما بالك بحفظ هذا الكم الهائل من المعلومات التى نريدها!
كل ذلك حدث بسبب الاعتماد على ذاكرة الهاتف المحمول، وليس على ذاكرتنا الطبيعية، فتعطلت قدراتنا البديهية والبحثية على الوصول إلى المعلومات المخزنة داخل الذاكرة العملاقة للإنسان، وأصبحت خاملة جدا، وبالتالى بات من الصعب تذكر الأشياء أو حفظها، وجرى استسهال الوصول إليها من خلال الهاتف المحمول أو ما شابه.
لست من معارضى استعمال شبكات الإنترنت، ولكننى من المعترضين على السلوكيات المتبعة فى استعمال هذا الاختراع، والذى بات حاجة ملحة، ولا يمكن الاستغناء عنه، وينبغى مراقبته وقوننته ووضع القوانين اللازمة للحد من المشكلات الكثيرة التى باتت مجتمعاتنا تعانيها بسببه.

النص الأصلى:

التعليقات