تكلفة التجسس على هواتف الحلفاء - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تكلفة التجسس على هواتف الحلفاء

نشر فى : الخميس 7 نوفمبر 2013 - 7:20 ص | آخر تحديث : الخميس 7 نوفمبر 2013 - 7:20 ص

كتب أيفو دالدر، رئيس مجلس شيكاغو للشئون العالمية، كان سفير الولايات المتحدة لدى حلف الناتو 2009-2013، مقالا نشر بجريدة الفاينانشال تايمز، تناول فيه قضية التنصت الأمريكى على الزعماء الأوروبيين، جاء فيه: فى جميع أنحاء أوروبا، يقدم المسئولون الحكوميون أفضل تعبير عن مشهد الكابتن رينو فى فيلم كازابلانكا، عندما أعلن أنه «مصدوم مصدوم!» بعدما علم بوجود ألعاب القمار. وبدلا من القمار، يعرب الزعماء الأوروبيون عن صدمتهم من معرفة أن الدول ــ حتى الحلفاء ــ تتجسس على بعضها البعض.

وربما يعود جزء من المفاجأة إلى أن مزاعم التنصت الأمريكى على الهواتف النقالة لكبار المسئولين تأتى فى نفس الوقت ــ وعلى ما يبدو من نفس المصدر ــ بعد الكشف عن جمع البيانات والرقابة واسعة النطاق التى تقوم بها هيئة الأمن القومى، كجزء من جهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب. والمفترض، أن الاستماع إلى أحاديث الزعماء الحلفاء ليس له أى فائدة فى مكافحة الإرهاب.

ويضيف الكاتب، فى الوقت نفسه، هناك أسئلة مشروعة تطرح عن تأثير ذلك على سرية عمل وكالات المخابرات الامريكية فى جمع البيانات واسعة النطاق عن الاتصالات فى البلدان الأجنبية. ففى حين يتمتع الأمريكيون بالحماية القانونية والدستورية ضد انتهاك خصوصياتهم، لا يتمتع الآخرون ــ حتى حلفاء وأصدقاء الولايات المتحدة ــ بهذه الميزة.

ولكن لا ينبغى الخلط بين القضيتين، حيث تقوم الحكومات بشكل روتينى، بجمع المعلومات حول أنشطة وأفكار الحكومات الأخرى. نعم، حتى فى الدول الصديقة أو الحليفة. كما أنها مهمة يقوم بها الدبلوماسيون لمساعدة حكوماتهم فى فهم ماذا يحدث فى البلدان التى يخدمون فيها. ومن بين مهمات الملحقين العسكريين المنتشرين فى البلدان الأجنبية، معرفة ما يحدث مع المؤسسة العسكرية فى دولة المقر ومعداتها. ويعمل ضباط المخابرات فى الخارج على جمع المعلومات الاستخبارية فى البلدان المضيفة.

 

ويوضح الكاتب، أن الدبلوماسيين والملحقين والجواسيس أيضا يتعاونون مع نظرائهم فى الدول الحليفة حول العديد من القضايا. ويشكل ذلك، فى حالة ضباط المخابرات، تبادل المعلومات حول التهديدات الإرهابية والمخاطر الأخرى، بما فى ذلك المعلومات التى تم الحصول عليها من خلال أنشطة فى البلد المضيف.

ويخصص جزء كبير من وقتهم أيضا لمعرفة ما يجرى فى البلدان التى يعملون فيها: رأى كبار المسئولين بشأن القضايا المهمة الحالية؛ ما الضغوط داخل مجتمعاتها التى قد تؤثر على السياسة فى هذه القضايا؛ ونعم، الموقف المتوقع أن يتخذونه فى المفاوضات التى تشمل كلا البلدين.

 

ويقول دالدر، لقد قضيت، باعتبارى سفير الولايات المتحدة الى حلف شمال الاطلسى فى السنوات الأربع الماضية، قدرا كبيرا من الوقت فى الحديث والاستماع إلى زملائى فى محاولة للتعرف على المواقف، والانقسامات داخل الدول الحليفة حول العديد من القضايا الهامة، من التزامات قواتنا تجاه أفغانستان مستقبلا، وما إذا كان حلفاؤنا يحبذون عملية عسكرية فى ليبيا. فى اتصالات سرية مع واشنطن، نقلنا ما عرفناه حتى تتمكن الولايات المتحدة من صياغة السياسات التى تخدم مصالحنا وتحظى بتأييد الحفاء أيضا. ولم أكن وحدى من يقوم بذلك؛ حيث يعمل كل سفير ودبلوماسى فى مجال جمع المعلومات.

ويرى دالدر أنه يجب ألا يكون أى من ذلك مستغربا من الزعماء الأوروبيين. والتساؤل الوحيد هو ما إذا كان التجسس، بكل الوسائل المتاحة، جزءا من هذا النشاط لجمع المعلومات. وإذا كان الأمر كذلك، فهل يشمل التجسس أعلى مستويات الحكومة؟

ومن دون الإشارة إلى أن تجسسا قد حدث فيما بين حلفائنا، أو يحدث الآن، فهل هى مفاجأة حقا لو حدث؟ فعلى أى حال، ويعرف قاموس وبستر الجاسوس بأنه الشخص «الذى يحاول سرا الحصول على معلومات عن بلد». وكما قال الرئيس الأمريكى باراك أوباما عندما ظهرت المزاعم الأولى عن التنصت: «أنا أضمن لكم أنه يوجد فى العواصم الأوروبية أناس مهتمون على الأقل بما أقول عند نهاية اجتماع لى مع قادتهم، إن لم يكن بما تناولته فى الإفطار».

 

ومن ثم، فالسؤال لا ينصب على ما إذا كان ينبغى أو لا ينبغى على الحكومات جمع المعلومات عن بعضها البعض؛ فهى تفعل ذلك، وينبغى أن تفعله. كما أنها تجمع المعلومات من الدول الصديقة وغيرها، وينبغى أن تفعل ذلك. لكن السؤال هو ما إذا كان التنصت على هواتف الرؤساء هو الوسيلة الأكثر فعالية لتحقيق هذه الغاية، وما إذا كانت تكلفة انكشاف الأمر للرأى العام، تستحق الاستفادة من الحصول على هذه المعلومات. ونظرا للضجة العامة التى حدثت فى الأيام الأخيرة، هناك سبب وجيه للشك فى أن الفوائد تستحق التكلفة.

 

ويختتم دالدر المقال بقوله، نحن نأمل ونتوقع أن يتم إجراء مثل هذا التحليل للتكلفة والمنافع قبل اتخاذ قرار بالمشاركة فى جمع المعلومات السرية. فمن الواضح أن قرار القيام بذلك، وتوقيته، قرار سياسى، لا ينبغى أن يترك لضباط ووكالات الاستخبارات. ولذلك فإنه يتعين على قادتنا السياسيين ضمان أن من يصدرون القرار بالقيام بهذا النشاط، هم أشخاص موثوق بهم.

حيث لا يعنى إمكانية أن نقوم بشىء، ضرورة القيام به.

التعليقات