ليس ديليسبس هو الحقيقة التاريخية الوحيدة - سيد قاسم المصري - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليس ديليسبس هو الحقيقة التاريخية الوحيدة

نشر فى : الجمعة 10 يونيو 2022 - 7:50 م | آخر تحديث : الجمعة 10 يونيو 2022 - 7:50 م

تابعت ما جاء بالعمود اليومى المتميز للدكتور أسامة الغزالى حرب بشأن موضوع إعادة تمثال ديليسبس إلى قاعدته فى مدخل قناة السويس (جريدة الأهرام يوم 5 يونيو 2022)، وقد كان لى إسهام فى هذا الشأن قد يستحق التنويه، ففى أواخر التسعينيات من القرن الماضى كنت أشغل منصب مساعد وزير الخارجية، وكان السيد عمرو موسى هو وزير الخارجية فى ذلك الوقت الذى أحال إلىَّ تقريرًا من سفارتنا فى باريس يتضمن أفكارًا للاحتفال بذكرى مرور مائتى عام على الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت، وما نجم عنها من آثار ثقافية مهمة أحدثت هزة عميقة فى مياه مصر الراكدة تحت حكم المماليك. وكان من بين ما اقترحته السفارة تسمية جزء من شارع الجيزة الذى تقع فيه السفارة الفرنسية باسم شارل ديجول وإعادة تمثال فرديناند ديليسبس إلى قاعدته فى مدخل قناة السويس، وطلب منى السيد عمرو موسى الرأى والتعليق.
وأذكر أننى سجلت اعتراضًا على اختيار توقيت الاحتفال؛ فمهما كانت الآثار الإيجابية التى أحدثتها الحملة الفرنسية والصحوة الثقافية والحضارية التى نجمت عنها فهى ــ أى الحملة الفرنسية ــ تظل غزوًا أجنبيًا لبلادنا، واقترحت بدلا من ذلك اختيار تاريخ اكتشاف حجر رشيد وفك رموزه ليكون تاريخًا للاحتفال.
أما بالنسبة لتمثال ديليسبس فقد كتبت «أنه إذا ذكرت قناة السويس، فإن ثلاثة أسماء تطفو على الذاكرة وهى: ديليسبس والخديوى إسماعيل، الذى أصبح أكثر التصاقا بشق القناة من سعيد فى الذاكرة الجمعية للشعب المصرى ولكل المهتمين بقناة السويس، والثالث هو جمال عبدالناصر، ثم الفلاح المصرى الذى حفر القناة بتضحيات جمة تستوجب العرفان والتكريم، وخلصت من ذلك إلى التوصية بقبول عودة تمثال ديليسبس وإقامة ثلاثة تماثيل بجواره للخديوى إسماعيل وجمال عبدالناصر والفلاح المصرى. وقد قال لى عمرو موسى حينئذ إنه أرسل التعليق والرأى إلى رئاسة الجمهورية، ولم أعلم بعدها ماذا حدث إلا أن التمثال لم يخرج من مخزنه حتى اليوم. ولكن الاحتفال تم فى الموعد المقترح من الجانب الفرنسى، وهو مرور مائتى عام على الحملة الفرنسية.
وبالنسبة للتمثال، فيبدو أن صاحب القرار آثر السلامة وهو بقاء الوضع كما هو عليه إعمالا لسياسة «بلاش وجع دماغ»، وقد لاحظت على مدى خدمتى الطويلة فى وزارة الخارجية واحتكاكى بمختلف أجهزة الدولة أن هذا المنطق، منطق تجنب وجع الدماغ، هو من عناصر اتخاذ القرار.
• • •
أتفق تمامًا مع الدكتور أسامة فى أهمية احترام الحقائق التاريخية الموثقة وأهمية دور ديليسبس فى حفر القناة، وأؤيد عودة تمثاله إلى مكانه، ولكن أرى أن ديليسبس ليس هو الحقيقة التاريخية الوحيدة الموثقة فى تاريخ قناة السويس التى تستحق التكريم، ومن المهم أن يقف إلى جواره سائر الأسماء التى ساهمت أيضًا فى هذا التاريخ.

سيد قاسم المصري مساعد وزير الخارجية الأسبق
التعليقات