اللائحة التنفيذية للخدمة المدنية أكثر عداءً ومركزية وتقييدًا - فاطمة رمضان - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:22 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اللائحة التنفيذية للخدمة المدنية أكثر عداءً ومركزية وتقييدًا

نشر فى : الخميس 17 ديسمبر 2015 - 10:10 م | آخر تحديث : الخميس 17 ديسمبر 2015 - 10:10 م
عندما تطالعنا الصحف بالكتاب الدورى الموجه من السيد لواء أ.ح عمرو عبدالمنعم، أمين عام مجلس الوزراء للسادة الوزراء والمؤرخ بـ 25ــ11ــ2015، والذى جاء فيه «بناء على توجيهات السيد رئيس الجمهورية... قيام السادة الوزراء المعنيين بالتنسيق مع الاتحاد العام لعمال مصر لمساندته فى تحقيق مكاسب العمال المشروعة، وتفعيلا لدوره فى الأوساط العمالية فى مواجهة النقابات المستقلة والعناصر الإثارية....».

يجعلنا ذلك نتساءل لماذا كل هذا العداء للنقابات المستقلة، ولحق العمال فى التنظيم بدون التدخل من أحد؟ وكيف يجرؤون على الإعلان بمخالفتهم للدستور، وما جاء به من حق العمال فى التنظيم؟ وكيف ــ وهم يذهبون للمحافل الدولية، مصطحبين المسوخ من النقابيين (سواء من الاتحاد الحكومى أو الاتحادات المستقلة) يعلنون احترامهم للحريات النقابية ولكل الاتفاقيات التى وقعت عليها مصر ــ سيبررون مثل هذا القرار المعادى ليس للنقابات المستقلة فقط، بل ولكل عمال مصر؟
هذا ليس الإجراء الأول الذى تعتدى فيه الحكومة على حق العمال فى التنظيم، فإذا ما نظرنا لما ورد فى اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، لوجدناها تؤكد بشكل لا لبس فيه على الاعتداء على الحق فى التنظيم بالنسبة للعاملين المدنيين بالحكومة. فلم تغير اللائحة شيئا فى م3 من قانون 18 لسنة 2015، الخاصة بتشكيل مجلس الخدمة الوطنية بدون أى تمثيل للموظفين، رغم أن الكثير من مهامه من الأمور التى تخصهم، مثل إبداء الرأى فى القوانين واللوائح المتعلقة بالخدمة المدنية، وتقديم الاقتراحات فيما يتعلق بالموازنة المخصصة للخدمة المدنية، وإبداء الرأى فى معايير تقييم الأداء للموظفين وفى التدريب المقدم لهم، وتقديم مقترحات لتحسين أداء الخدمة المدنية.
وفى م4 ق18 لسنة 2015، الخاصة بكيفية تشكيل لجان الموارد البشرية جاء فيها «تتكون من خمسة أعضاء يكون من بينهم أحد القانونيين، وأحد المتخصصين فى الموارد البشرية من داخل أو خارج الوحدة، وأحد أعضاء اللجنة النقابية إن وجدت يختاره مجلس إدارة اللجنة النقابية...».
وأتت م4 من اللائحة لتؤكد على نفس المنطق، فعضوية اللجنة ضمنها أحد أعضاء اللجنة النقابية ــ إن وجدت ــ يختاره مجلس إدارة اللجنة النقابية، أو عضو ترشحه النقابة العامة فى حالة عدم وجود نقابة.
لنا أن نتخيل مثلا أن مديرية الأوقاف فى محافظة أسوان ليس بها لجنة نقابية، وبالتالى فإن النقابة العامة للخدمات الإدارية التى لا تعرف عن مديرية الأوقاف، ولا عن العاملين فيها شىء عليها أن ترشح عضوا لا تعرفه لكى يمثل هؤلاء العاملين فى لجنة الموارد. فى الغالب الأعم سوف ترسل الإدارة العليا فى هذه المديرية للنقابة العامة اسم من ترضى عنه لكى يكون هو ممثل العاملين، وبذلك تصبح لجنة الموارد البشرية فى هذه المديرية كلها تابعة للإدارة العليا، ولن يكون هناك أى شكل من أشكال المشاركة، ولن يكون فيها صوت يدافع عن حقوق الموظفين بها!!
ليس هذا فقط، بل إن نفس المادة اشترطت لصحة الانعقاد حضور ثلاثة أعضاء لم يشترط أن يكون ممثل النقابة أحدهم، وتؤخذ القرارات بموافقة الأغلبية المطلقة للحاضرين طبقا للمادة 5. أى إن القرارات المصيرية التى سوف تتخذها هذه اللجنة من الممكن أن تصدر بموافقة عضوين فقط ليس من بينهم ممثل النقابة.
ونفس الشىء بالنسبة للجنة التظلمات، م 26 من القانون، وإن لم تتطرق اللائحة لهذه اللجنة.
***
وقد أتت م6 من اللائحة التنفيذية، لتجعل ما يدور فى اجتماعات لجنة الموارد البشرية سرا من الأسرار الحربية، فقد نصت المادة على أنه: «لا يجوز استخراج صور من محاضر اجتماعات لجان الموارد البشرية إلا بناء على قرار صادر من السلطة المختصة أو من جهة قضائية أو لجنة إدارية ذات اختصاص قضائى». ما أتاحته المادة فقط هو القرارات التى تصدر عنها، ومنها لن يستطيع العاملون أن يعرفوا مثلا على أى أساس تم إقرار العلاوات التشجيعية لهذا الموظف دون غيره، أو الأسباب التى أدت إلى حرمان أحد الموظفين من العلاوة الدورية.
وأكدت المادة رقم 8 من اللائحة التنفيذية على قصر طلب الرأى من مجلس الدولة فى أية مسألة تتعلق بتطبيق أحكام القانون ولائحته على السلطة المختصة.
وعندما تطالعنا الصحف بأن الحكومة وضعت خطة لتطهير جميع الأحياء والوحدات المحلية والجهاز الإدارى للدولة من الإخوان، الذين يشغلون مناصب قيادية فى الأحياء والمحليات، وذلك وفقا لما جاء فى اليوم السابع على موقعها (25ــ11).
يثير ذلك لدينا العديد من الأسئلة، أولها هو ما هو تعريف الموظف الإخوانى، خصوصا أن الانضمام لجماعة إرهابية هى تهمة جاهزة لأى معارض؟
السؤال الثانى هو لو فرضنا فعلا بأن أحد الموظفين ينتمى بشكل رسمى إلى حزب العدالة والحرية سابقا، هل يعنى ذلك أنه يستحق الفصل والحرمان من حقه فى العمل بدون أن يرتكب أى جريمة؟
الاستنتاج هو أن قانون الخدمة المدنية وضع بهذا الشكل لكى يتم التخلص من خلاله من أى من المعارضين للنظام، فلتكن البداية بالتخلص ممن يطلق عليهم إخوان، لتمتد بعد ذلك لكل منتقد للنظام أو حتى منتقد لفساد داخل المنظومة، ولعل مثال رئيس النقابة المستقلة للعاملين بمترو الأنفاق الذى تم نقله إلى هيئة السكة الحديد على إثر تقدمه بمستندات تكشف عن فساد فى هيئة مترو الأنفاق خير دليل على ذلك.
***
هذا وفى الوقت الذى يُروَجُ فيه لمسألة إعطاء المحليات صلاحيات أكبر، والتخفيف من المركزية الشديدة، فإن اللائحة التنفيذية تأتى للتأكيد على استمرار فكرة المركزية، والتى كانت أبرز صورها، فى إحالة الاختصاصات فى 38 مادة من 191 مادة فى اللائحة التنفيذية إلى السلطة المختصة (علما بأن السلطة المختصة هى شخص واحد: الوزير أو المحافظ أو رئيس مجلس إدارة الهيئة بحسب الأحوال م1 من اللائحة).
بدءا من إصدار قرار بالآليات التى بناء عليها يتم استطلاع رأى الجمهور عن مدى جودة الخدمة المقدمة م2....إلى إحالة الموظف الذى يتخلف عن التدريب للتحقيق م15، مرورا باعتماد التقرير السنوى للموظفين م73، وصولا لعرض استقالة الموظف على السلطة المختصة م169، وإنهاء خدمة الموظف فى حال فقد الجنسية،.. إذا توفى الموظف، كلها للسلطة المختصة أو من تفوضه.
ومن الإشكاليات الأساسية فى اللائحة التنفيذية، هى كثرة القيود على الترقى، فبالإضافة إلى الاستعانة بالجهات المعنية – التى لا نعرف ما هى بالضبط ــ للتأكد من مدى توافر صفات النزاهة فى المرشحين لوظائف الإدارة العليا م54، وجدنا اللائحة تكرس لمشكلة طالما اشتكى منها الموظفون فى المحليات، وهى التمييز بينهم وبين زملائهم فى دواوين الوزارات.
فأتت م56 من اللائحة بشروط التقدم لهذه الوظائف، والتى جاء بها أشياء ايجابية مثل تقديم المستندات الدالة على مستوى المهارات والقدرات اللازمة لشغل الوظيفة، وإنجازاته السابقة، وجدنا م57 أنها وضعت معايير لتقييم المتقدمين المستوفين لشغل الوظيفة، ضمنها إجادة اللغات الأجنبية، ومعرفة علوم الحاسب، والاشتراك فى المؤتمرات وإعداد البحوث، كما وضعت سابقة عمل بالمنظمات الدولية والإقليمية والشركات الدولية. وفى الحقيقة أننا جميعا نعرف أن العاملين فى مديريات الخدمات محرومون من تطوير قدراتهم، أو العمل مع منظمات دولية أو إقليمية، حيث يستحوذ المقربون من الإدارة فى دواوين الوزارات عليها، وهو ما يكرس لوضع تمييزى واضح وموجود حاليا.

عضو المكتب التنفيذى للاتحاد المصرى للنقابات المستقلة

اقتباس
فى الوقت الذى يُروَّجُ فيه لمسألة إعطاء المحليات صلاحيات أكبر، والتخفيف من المركزية الشديدة، فإن اللائحة التنفيذية تأتى للتأكيد على استمرار فكرة المركزية.
فاطمة رمضان باحثة في الشئون العمالية ومدير برنامج المشاركة السياسية للنساء والشباب في مؤسسة قضايا المرأة المصرية
التعليقات