التطرف الوسطى الجميل - حسام السكرى - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:20 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التطرف الوسطى الجميل

نشر فى : السبت 23 يوليه 2016 - 9:25 م | آخر تحديث : السبت 23 يوليه 2016 - 9:25 م
تعبت.

ندور فى الحلقة المفرغة نفسها بعد كل حادث فاعله مجهول. نتساءل: هل الفاعل مسلم؟ وعندما تصدر إشارة إلى «التطرف الإسلامى»، يصبح هذا دليلا دامغا على «عنصرية الغرب» ورغبته الدفينة فى إلصاق تهمة الإرهاب بالمسلمين.

الاحتمالات وردود الأفعال محدودة. لو تبين أن الفاعل غير مسلم، سنبتهج وتصبح التكهنات المسبقة دليلا دامغا على نظرية استهداف الإسلام. أما لو ظهر أنه مسلم، فسننكر عليه إسلامه. فليس كل مسلم مسلما حقا. واعتناق شخص لدين ما، لا يعنى مسئولية دينه عما يرتكب من أفعال.

سيذكرنا كثيرون بجرائم بوذيين ومسيحيين ويهود.

ساعتها تصبح جرائم الصهاينة يهودية، وجرائم الصليبيين مسيحية، وجرائم قتلة مسلمى الروهينجا بوذية. أما جرائم المسلمين فلا علاقة لها بالإسلام.

يتكرر السيناريو وتتكرر معه ردود الفعل بحذافيرها.

ولكن مهلا.. دعك من حادث القتل بالبلطة فى بافاريا، والدهس فى نيس، والذبح فى سوريا، وأجل حماسك لتبرئة الإسلام والمسلمين من حادث ميونيخ.

فقط تابع التعليقات على هذه الأخبار فى مواقعها أو اقرأ ما يكتب عنها مواقع التواصل الاجتماعى لتعرف أن مجتمعنا يغير موقفه مما كان يعتبر فى السابق تطرفا.

اقرأ ما يكتب واسمع ما يقال عن الهجمات على الأقباط وكنائسهم ومنازلهم فى المنيا وبنى سويف، ومسلسل «الطرمخة» و«التصالح القسرى»، وتعطيل القانون، وعقاب الضحايا وتهجيرهم.

ابتعد عن الأخبار واقرأ التعليقات، أو استمزج آراء المحيطين بك. لا أعتقد أنك ستندهش. فلن تكون هذه المرة الأولى التى تسمع فيها متعلمين وأطباء ومهندسين وأساتذة جامعات يعيش بعضهم ويعمل فى أوروبا وأمريكا، وهم يدلون بأشد الآراء إقصاء، وكراهية، استنادا فى معظم الأحوال إلى أحاديث فقهاء ودعاة يدعمون آراءهم بآيات القرأن وأحاديث الرسول (ص).

لم يعد هذا تطرفا ولم يعودوا متطرفين. مفاهيم الكراهية والعنصرية المغلفة بالدين لم تعد شذوذا عن المعتاد، بل صارت جزءا من الخطاب العام، وتكاد تكون التيار السائد. نحن أمام تحول جذرى شامل فى مجتمع كان يمارس التعددية، ويقبل الاختلاف، ويعرف أن الدين علاقة بين العبد وربه، فصارت قطاعات واسعة منه تعتنق الكراهية والإقصاء، وتحتكر لنفسها الحقيقة، وتدعى خصوصية فى العلاقة مع الله، كجزء لا يتجزأ من العقيدة والإيمان.

على مدى عقود، أعيد توصيف أقبح ما فى النفس البشرية من خصال، وأزيلت من عليه لافتة «تطرف»، لتحل محلها لافتة أخرى جميلة وقشيبة وموشاة بالزخارف والتواريق، كتب عليها بحروف عربية جميلة «الشعب الوسطى الجميل».

لو رأيت فى كلامى مبالغة اقترح عليك أن تعلن الآتى فى جلسة مع مجموعة من أصدقائك، أو أن تكتبه على صفحتك فى فيسبوك.

اكتب مثلا: الإسلام دين سمح وعقيدتنا لا إكراه فيها. لكل إنسان الحق فى أن يعتقد ما يشاء، وأن يمارس عقيدته أو يبدلها كيفما شاء، وحينما شاء.

اكتب: لا إكراه فى الدين. الإسلام يدعم المساواة بين الناس، ويحترم حقهم فى إقامة دور العبادة، وممارسة الشعائر فيها، أو فى المنازل أو الأماكن العامة. هذا الحق مكفول لى كما هو لغيرى من معتنقى مختلف العقائد.

اكتب: الإسلام يحترم المرأة، ويقدس حقها فى الرغبة والحياة. وكمسلم أرى أن تشويه جسدها بما يسمونه «الختان» جريمة ووصفه بأنه مكرمة أو سنة يعتبر إساءة للشريعة وللدين.

اكتب: الإسلام دين الفطرة وكل ما يتنافى مع العقل أو مصلحة العباد ليس منه فى شىء.

بعد أن تكتب اجلس وتابع ردود الفعل. وحتى ذلك الحين تابع التعليقات على هذا المقال فى موقع صحيفة الشروق.
التعليقات