دور آخر للبيزنس - سامح فوزي - بوابة الشروق
الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 4:54 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دور آخر للبيزنس

نشر فى : الثلاثاء 27 أغسطس 2019 - 11:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 27 أغسطس 2019 - 11:50 م

هناك مقولة متداولة فى العديد من الدراسات اليوم تقول إن البيزنس يخلق مصالح تقرب الناس من بعضها بعضا، ويُنصح خبراء التنمية بأن يصمموا البرامج والمشروعات على نحو يجعلها تنسج مساحات للتقارب بين الناس: رجالا ونساء، شبابا وكبار فى السن، المواطنين المتنوعين فى المذاهب والمعتقدات، الخ. هذا التنوع يخلق ما نسميه رأس المال الاجتماعى بين الناس، ويعزز الانسجام، ويوئد المشكلات فى مهدها.
عدت إلى تجربة مشروع بنك مصر ووجدت طلعت حرب يحقق ذلك بذكاء.
بالطبع ليس مصادفة أن يختار طلعت حرب تاريخ 8 مارس عام 1920 لكى يقوم بتأسيس بنك مصر، ففى هذه الأيام كانت مصر تعيش حالة من الرواج حيث التفت كل صفوف الشعب أقباطا ومسلمين ليرفعوا مبدأ الوحدة الوطنية وشعار «الدين لله والوطن للجميع».
فى هذا اليوم ــ الذى نقترب من مئويته بعد شهور ــ أبرم عقد تأسيس الشركة بين ثمانية من ذوى الأملاك وهم
ــ أحمد مدحت يكن باشا، ويوسف أصلان قطاوى، ومحمد طلعت حرب بك، وعبدالعظيم المصرى بك، وعبدالحميد السيوفى بك، والدكتور فؤاد سلطان باشا، وإسكندر مسيحة بك، وعباس أفندى بسيونى الخطيب.
من الأسماء نلاحظ أن طلعت حرب حرص على أن يجمع المؤسسون بين طوائف المجتمع المختلفة ليعلن أن يهودا وأقباطا ومسلمين أسسوا بنك مصر.
فى إحدى خطبه دعا طلعت حرب إلى الحاجة إلى التكافل وإحياء قيم التعاون بين طوائف المجتمع، وهو ما يجسد معانى الوحدة فى المجتمع:
«الإنسانية جسم كامل البناء، تتصل فيه جميع الأعضاء بعضها ببعض، لكن إذا كان عضو من هذه الأعضاء مريضا أو شل، أتراه يفيد هذا الجسم الإنسانى بشىء؟ وإذا كان العضو فى جسم الإنسانية لا يقدر أن يحتفظ بذاتيته صحيحة، فليس شك فى أن الجسم الإنسانى يتمنى لهذا العضو الفناء، فنحن حين ندعو إلى التعصب لمصريتنا، لسنا فى هذه الدعوة خصومًا للمبدأ الإنسانى النبيل؛ إنما نحن بهذه الدعوة نزكيه، ونزيده قوة على قوة: نريد يوم تلتقى أعضاء العالم عند القلب الإنسانى، يوم تمحى فروق الوطنية الصغرى من الدنيا جميعًا ــ أن نكون نحن عند هذا القلب عامل بناء لا عامل فناء، وإن أمة لا تقدر أن تكفل نفسها بما عندها من مادة الأرض ومادة الفكر ومادة الروح، لهى امة لا تستطيع أن تفخر بإنسانيتها، ولا تستطيع الإنسانية أن تطرب لها يومًا».
خطاب مؤثر يعكس تفكيرا ناضجا لمفهوم دور المشروع الخاص ــ أو رأس المال ــ فى بناء رأس مال اجتماعى بين الناس، فلا يكون عاملا لإثارة الطبقية، وتقسيم المجتمعات، ونشر روح الاستغلال، بل مد جسور الانسجام والتوافق بين الناس. هل نمتلك بعد قرن تقريبا هذا التفكير؟ أم نستخدم المال فى غير التنمية الحقيقية؟
بالمناسبة الدور الذى ندعو البيزنس لوضعه فى الاعتبار فى جانب منه هو مسئولية اجتماعية على عاتقه.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات