وعندك واحد ضمير.. وصلَّحه - حسام السكرى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 1:59 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وعندك واحد ضمير.. وصلَّحه

نشر فى : السبت 28 نوفمبر 2015 - 11:25 م | آخر تحديث : السبت 28 نوفمبر 2015 - 11:25 م

«يا بيه ده كلام ده يا بيه؟!» صدر الاستنكار من سائق التاكسى بمجرد أن قلت له، مشاكسا، إن الحمل ثقيل، وإن الحكومة لا تملك عصا سحرية لحل مشاكلنا المتفاقمة، وإن عقودا من الفساد والانهيار فى الخدمات لا يمكن أن تتعامل معها أى حكومة.
«لحد إمتى هنفضل نقول الكلام ده حضرتك؟! أنا باسمع الكلمتين دول من ساعة ما وعيت على الدنيا! خلاص.. حفظناها وآمنا وصدقنا بالله.. وبعدين بقى طيب؟! أنا عاوز رئيس وزراء أو مسئول واحد ييجى يقول لى هنعمل إيه؟ خلاص.. عرفنا.. اللى قبلك كانوا وحشين وانت الحمد لله كويس.. هتعمل لنا حاجة واللا هنكملها نواح»؟
اتسعت عيناى وتحولت من مشارك فى الحوار إلى مستمع لحكمة الأسطى السائق. بكلمته البسيطة عرض بدايات رؤية لا أذكر أننى سمعت مثلها من مسئولينا الذين اعتاد أكثرهم عرض مبررات الفشل، قبل أن يعلنوا لنا خططهم ورؤيتهم.. إذا أعلنوها.
تذكرت هذا السائق وافتقدته فى آن واحد، وأنا أطالع احتفاء الصحف بأخبار اجتماع هام عقد مع «مجلس علماء وخبراء مصر». وهو اجتماع فهمنا أنه خصص لمناقشة «التنمية الشاملة، والارتقاء بالمجتمع، على هامش حوار احتل مركز الصدارة فى موضوعاته الطلب الذى قدمه المجلس للرئيس لإنشاء «لجنة لتنمية الأخلاق والضمير فى المجتمع».
مجلس العلماء والخبراء نظر فى مشاكل مصر كلها، ولم يجد ما يطلبه من الرئيس سوى هذه اللجنة التى ستعمل مباشرة «تحت رعاية مؤسسة الرئاسة».
خبراء مصر وعلماؤها، على الأرجح، يؤمنون بالعلم. ومن المؤكد أنهم قاموا بدراسات وأبحاث واستخدموا أجهزة خاصة، لقياس «مستوى الضمير» فى المجتمع، وخلصوا من هذا كله إلى أن هبوطه هو السبب فيما نعانيه من مشاكل، وأن الحل الوحيد هو تشكيل لجنة تعمل مع رأس الدولة لوضع الآليات والحلول لعلاج هذا المجتمع «منخفض» الضمير.
لجنة الضمير وحدها لن تكفى، ولابد أننا سنحتاج معها إلى هيئة كاملة تضم لجان للثقة، وأخرى للطمأنينة، وثالثة للسماحة والوئام تعمل كلها فى تناغم لإنتاج كل ما ينقص المجتمع من أقراص أو أنابيب أو أمبولات للقيم والأخلاق. مشاكل السياحة والاقتصاد، وتدنى الخدمات الصحية والتعليمية، وتحول منظومة الأمن فى العديد من جوانبها إلى منظومة قمع تشهد عليها سبعة حالات تعذيب فى شهر واحد انتهت اثنتان منها بالقتل، ستحل جميعها برفع مستوى الأخلاق والضمير.. عند المجتمع وليس عند المسئولين عنه!
خيارات الحل المطروحة أمام علماء وخبراء مصر كثيرة. فربما يمكن اختراع جهاز لتحويل الضمير الفاسد إلى أخلاق فاضلة تحت رعاية اللواء مخترع ابراهيم عبدالعاطى، وباستخدام طريقته المسجلة علميا تحت شعار «نحط الضمير فى صباع كفتة ونأكله للمجتمع».
من الممكن أيضا وضع مستخلصات الضمير المركزة فى أقراص أو لبوس أو حقن لحقنها فى المجتمع، أو حتى توزيع أنابيب ضمير سائل ومضغوط لتكون ضمن ما يقدم من خدمات فى محطات خدمة السيارات، على ألا يتم تزويد الضمير لأى شخص إلا بعد قياس نسبته بجهاز «الضميروميتر»، وبعدها يعطى الأسطى فى المحطة تعليماته: «خرطوم الضمير يا محمد وزود الأستاذ.. الفرده الشمال مهوية».

التعليقات