سيدة مصرية قبطية تتعرض لجريمة طائفية بغيضة، تحقق نيابة أمن الدولة العليا مع الرئيس السابق للجهاز المركزى للمحاسبات، يتحول نقيب الصحفيين وعضوان فى المجلس النقابى المنتخب إلى متهمين؛ هذه الأحداث الثلاثة يجمعها عنوان عريض هو استباحة كرامة المواطن والاستخفاف بحقوقه وحرياته فى بر مصر.
لم ترتكب الحكومة الجرائم الطائفية التى شهدتها محافظة المنيا منذ أيام، بل ارتكبها مصريون متطرفون سيطر عليهم خطاب الكراهية ومقولات التطرف والهوس وتمكنت منهم غواية العنف. هؤلاء المجرمون الذين استباحوا كرامة مواطنة واعتدوا على ممتلكات مواطنين آخرين لن يردعهم أو يردع غيرهم سوى تفعيل مبدأ سيادة القانون وتطبيق ضمانات الحقوق والحريات ومناهضة التمييز بين الناس.
قد يتراجع الغضب العام ما أن تبدأ إجراءات المساءلة والمحاسبة القانونية للمجرمين، ويتثبت من استبيحت كرامتهم وممتلكاتهم من احترام الحكومة والأجهزة الأمنية لرفضهم المشاركة فى جلسات الصلح العرفية واحتفاليات الوحدة الوطنية (وهى تلى عادة وقوع الجرائم الطائفية، ويظهر بها رجال الدين الإسلامى والمسيحى لكى يشددوا على الحب المتبادل والاحترام المتبادل بين عنصرى الأمة، ويقضوا على فرص المساءلة والمحاسبة القانونية). إلا أن القضاء على الجرائم الطائفية يظل مرهونا بغلبة شاملة لسيادة القانون على العصف بها، ولضمانات الحقوق والحريات على استباحة كرامة المواطن، وللعدل على المظالم والانتهاكات. والمؤلم هو أن مصر تبتعد عن كل ذلك بقسوة، ويستحيل بها الظلم حقيقة كبرى لا تقبل الإنكار، وتتقاطع بها جرائم المتطرفين واستباحتهم لكرامة الناس مع جرائم الحكومة التى تهدد باستباحة كرامة من لا يمتثلون لأوامرها وتوجيهاتها ويكفون عن المعارضة.
وفى سياق الاستباحة كذلك، جاءت معاملة المستشار هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزى للمحاسبات الذى عزل من منصبه بقرار سلطوى وأحيل إلى نيابة أمن الدولة العليا لكى تحقق معه. وفى السياق ذاته، جاءت الإدارة الرسمية لملف نقابة الصحفيين منذ اقتحمتها الأجهزة الأمنية وإلى أن تم احتجاز النقيب ورفيقيه ثم أعلن عن إحالتهم إلى محاكمة عاجلة. هى استباحة لكرامة غير الممتثلين للرأى الواحد الذى تفرضه الحكومة وتهديد للخارجين عن مقتضيات الطاعة بالتعقب والقمع وإنزال العقاب، وقبل كل هذا بالإهانة.