المواطن المستباح - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الأحد 6 أكتوبر 2024 12:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المواطن المستباح

نشر فى : الثلاثاء 31 مايو 2016 - 10:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 31 مايو 2016 - 10:10 م
سيدة مصرية قبطية تتعرض لجريمة طائفية بغيضة، تحقق نيابة أمن الدولة العليا مع الرئيس السابق للجهاز المركزى للمحاسبات، يتحول نقيب الصحفيين وعضوان فى المجلس النقابى المنتخب إلى متهمين؛ هذه الأحداث الثلاثة يجمعها عنوان عريض هو استباحة كرامة المواطن والاستخفاف بحقوقه وحرياته فى بر مصر.

لم ترتكب الحكومة الجرائم الطائفية التى شهدتها محافظة المنيا منذ أيام، بل ارتكبها مصريون متطرفون سيطر عليهم خطاب الكراهية ومقولات التطرف والهوس وتمكنت منهم غواية العنف. هؤلاء المجرمون الذين استباحوا كرامة مواطنة واعتدوا على ممتلكات مواطنين آخرين لن يردعهم أو يردع غيرهم سوى تفعيل مبدأ سيادة القانون وتطبيق ضمانات الحقوق والحريات ومناهضة التمييز بين الناس.

قد يتراجع الغضب العام ما أن تبدأ إجراءات المساءلة والمحاسبة القانونية للمجرمين، ويتثبت من استبيحت كرامتهم وممتلكاتهم من احترام الحكومة والأجهزة الأمنية لرفضهم المشاركة فى جلسات الصلح العرفية واحتفاليات الوحدة الوطنية (وهى تلى عادة وقوع الجرائم الطائفية، ويظهر بها رجال الدين الإسلامى والمسيحى لكى يشددوا على الحب المتبادل والاحترام المتبادل بين عنصرى الأمة، ويقضوا على فرص المساءلة والمحاسبة القانونية). إلا أن القضاء على الجرائم الطائفية يظل مرهونا بغلبة شاملة لسيادة القانون على العصف بها، ولضمانات الحقوق والحريات على استباحة كرامة المواطن، وللعدل على المظالم والانتهاكات. والمؤلم هو أن مصر تبتعد عن كل ذلك بقسوة، ويستحيل بها الظلم حقيقة كبرى لا تقبل الإنكار، وتتقاطع بها جرائم المتطرفين واستباحتهم لكرامة الناس مع جرائم الحكومة التى تهدد باستباحة كرامة من لا يمتثلون لأوامرها وتوجيهاتها ويكفون عن المعارضة.

وفى سياق الاستباحة كذلك، جاءت معاملة المستشار هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزى للمحاسبات الذى عزل من منصبه بقرار سلطوى وأحيل إلى نيابة أمن الدولة العليا لكى تحقق معه. وفى السياق ذاته، جاءت الإدارة الرسمية لملف نقابة الصحفيين منذ اقتحمتها الأجهزة الأمنية وإلى أن تم احتجاز النقيب ورفيقيه ثم أعلن عن إحالتهم إلى محاكمة عاجلة. هى استباحة لكرامة غير الممتثلين للرأى الواحد الذى تفرضه الحكومة وتهديد للخارجين عن مقتضيات الطاعة بالتعقب والقمع وإنزال العقاب، وقبل كل هذا بالإهانة.
عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات