كل حد فينا عنده هدف فى حياته.. غرض بيسعى إليه.. نقطة بعيدة فى آخر الرحلة عاوز يوصلها..

خلينى أعيدلك بقى صياغة الجملة دى تانى..

كل حد فينا "متصور" إن عنده هدف فى حياته.. و"متخيل" إن ده غرضه اللى بيسعى إليه.. و"مقتنع" إن دى النقطة البعيدة اللى عاوز يوصل لها فى آخر الرحلة..

لكن حد فينا سأل نفسه هذا السؤال البسيط جدا: هو ده فعلاً هدفى أنا؟ واللا هدف حد تانى؟

استنى ماتستعجلش.. وخد كمان شوية الأسئلة دى:

هو أنا اخترت ان ده يكون هدف حياتى؟ طب اخترته امتى؟ واخترته ازاى؟ واللا أقولك.. اخترته ليه؟ قررته بناء على إيه؟ علشان ترضى حد؟ واللا علشان تسعد حد؟ واللا يمكن علشان تخذل حد؟ أو تعاند حد؟ عشان تكون امتداد لحد؟ واللا عشان ماتكونش امتداد حد؟

استنى استنى..

أحسن تكون اخترت هدفك لأنه شبه هدف حد بتحبه؟ واللا لأنه عكس هدف حد مش بتحبه؟ واللا حد اختارهولك وانت وافقت، وبعدين نسيت انه مش اختيارك من أصله؟

قبل ما تتلخبط.. وتحتار.. وتتفاجئ بإجاباتك انت شخصياً.. شوف يا سيدى..

كتير مننا بيبقى عارف ومحدد وواضح فى ذهنه إيه هو هدف حياته.. وبيحاول يوصل للهدف ده بأى وكل طريقة.. لكن فى الحقيقة الهدف ده بيكون فى الأصل هدف حد تانى غيره..

كتير مننا بيختار هدف وغرض حياته بناء على اللى عاوزه أبوه.. أو اللى حاباه والدته.. أو اللى بيشجعه ويباركه مجتمعه.. حتى لو كان ضد إرادته واختياره الحر..

كتير مننا بيتبنى أهداف مش بتاعته- بناء على عوامل كتير جداً..

الأب عاوز ابنه يلتحق بإحدى كليات القمة.. الولد يجيب مجموع كويس بس حابب يدخل كلية تانى.. نظرة سخط من الأب، على نظرة خذلان من الأم.. تخلى الولد يراجع نفسه.. ويحس بالذنب.. ويتصور ان ده ضد (بر الوالدين).. فيغير بوصلة حياته.. من أجل حد تانى غيره.. بشر زيه بالظبط.. له تركيبته النفسية المختلفة.. واحتياجاته النفسية الكامنة.. وظروف تربيته ومعيشته.. وقدرات عقله.. وأخطاؤه وزلات حساباته..

فيه طريقة تانية.. وهى ان الأب والأم يقولوا للولد: اعمل يا حبيبى اللى انت عاوزه.. ده مستقبلك وانت حر فيه.. بس بيوصل مع الرسالة دى فى نفس الوقت رسالة أخرى خفية وعميقة بتقوله: بس انت كده هاتخذلنى.. أنا مش هاكون مبسوط.. أنا مش هاكون راضية.. فتتغير بوصلة الابن/الابنة إلى الأبد..

البنت تبقى مش عاوزة تتجوز دلوقت.. وده مش هو هدف حياتها فى التوقيت ده خالص.. بس كلام أمها.. وموقف أبوها.. وضغط المجتمع.. يخلى أحد أهم أهداف البنات عندنا هو انها تتجوز.. وفى سن صغير.. بدل ما يبقى اسمها عانس.. ويفوتها قطر الجواز.. وتكتوى بأحكام ونظرات من ليس من حقهم أن يحكموا أو حتى ينظروا.. تتسرع فى الجواز.. أو تتجوز واحد مش مقتنعة بيه.. أو تختار غلط.. أو.. أو.. وتدفع بعد كده التمن لوحدها..

فيه بقى طريقة تالتة.. وهى ان اختيارك لهدف حياتك مايكونش بناء على رغبة أو إيحاء أو إشارة من حد غيرك.. لأ.. ده يكون بناء على إنه (ضد) رغبة أو إيحاء أو إشارة حد غيرك.. يعنى بدل ما تقول (لأ) بشكل واضح وصريح لوالدك (أو والدتك).. تختار عكس اللى هو عاوزه تماماً.. تروح الناحية التانية خالص.. تحدف أقصى اليسار أو أقصى اليمين.. وبدل ما تقولى (لأ) بشجاعة وقوة لوالدتك (أو لوالدك).. يكون هدف حياتِك هو عمل عكس كل اللى كانت طالباه أو عاوزاه أو مستنياه منك.. وكأن هدف حياتَك هنا.. هو انتقام وليس انصياع.. وكأنك بتلبسى نفس الرداء.. بس بالمقلوب..

لسه.. فيه أصعب..

إيه الأصعب؟

الأصعب ان كل اللى فاتوا دول ممكن بعد شوية يقتنعوا -فى أحوال كتير- إن ده اختيارهم فعلاً.. وان ده قراراهم هما.. وان ده هدف حياتهم بجد.. ما هو صعب حد يعيش حياته وهو واعى انه عايش لحساب حد تانى.. صعب حد يبص فى المراية كل يوم الصبح وهو مش عارف ده وشه واللا وش حد غيره اختار حياته بالنيابة عنه.. وصعب حد يُقر ويعترف ويواجه نفسه إنه ماشى على خطى مش خطاه.. ويمكن عكس خطاه.. فخلاص.. سهلة.. ده هدفى.. وده اختيارى..

الكلام ده فى منتهى الخطورة.. لسبب بسيط جداً.. اللى هو "طيب وأنا أضمن منين دلوقت إن هدف حياتى اللى أنا عارفه وباسعى له هو هدفى أنا الحقيقي؟ مش هدف حد تانى.. ولا عكس هدف حد تانى؟"

الحقيقة إنى ماعنديش أى إجابة للسؤال ده.. ومعنديش أى مدخل أو دليل لمعرفتها -حتى فيما يخصنى أنا شخصياً.. لكن يمكن (يمكن) نقدر نوصل لإجابة لما نسأل نفسنا شوية الأسئلة دى تانى:

هو أنا اخترت ان ده يكون هدف حياتى؟

طب اخترته امتى؟

واخترته ازاى؟

اخترته ليه؟

قررته بناء على إيه؟

يمكن الإجابات تورينا حاجة.. أو تخلينا نكتشف حاجة.. أو تصدمنا بحاجة..

شوفت (جو) وهو رايح حفلة (دوروثى ويليامز) وهو لابس بدلة أبوه؟ وصلك المعنى؟ فهمت الرمز؟

طيب..

ربنا يستر..

العودة لمواصلة القراءة

Soul أن يكون معنى حياتك.. لحظة..