فراخ البرازيل ليست حلا - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 4:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فراخ البرازيل ليست حلا

نشر فى : الأربعاء 1 مارس 2023 - 8:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 1 مارس 2023 - 8:25 م

الاتجاه إلى استيراد الدواجن من البرازيل لحل مشكلة ارتفاع أسعار الدواجن فى السوق المحلية سيؤدى إلى خسائر تفوق كثيرا ما يمكن أن يحققه من مكاسب سواء للمستهلكين أو للاقتصاد المصرى ككل.
فبدلا من الاعتراف بأن القرارات والإجراءات غير المدروسة أدت إلى نقص حاد فى الأعلاف وارتفاع أسعارها إلى مستويات لم يعد الكثيرون من مربى الدواجن قادرين على تحملها، وبدلا من السعى إلى تقديم حلول حقيقية لهذه الأزمة، اختارت الحكومة الحل الأسهل وهو التوسع فى استيراد الدواجن من الخارج.
ربما كان قرار تسهيل استيراد الدواجن من الخارج لمواجهة أزمة طارئة أو طفرة فى الاستهلاك مع اقتراب شهر رمضان مقبولا، وقد يصبح مفيدا لو أنه كان جزءا من حزمة إجراءات أوسع تشمل التوسع فى استيراد مستلزمات الإنتاج الداجنى وتوفيرها للمربين من أجل دعم صناعة الدواجن المحلية على المدى الأطول، حتى لا تؤدى المنافسة غير العادلة بين الدجاجة البرازيلية والفرخة المصرية إلى القضاء على الأخيرة تماما.
لكن ما نراه هو فتح باب الاستيراد وترك الصناعة المحلية التى تضم أكثر من 3 ملايين عامل بحسب تصريحات وزير الزراعة السيد القصير، وهو أمر لا يبشر بأى خير. فإذا كانت الحكومة بمختلف أجهزتها قادرة على توفير الدولار لاستيراد الدواجن، فلماذا لم توفره لاستيراد الأعلاف من البداية بما يعيد الحياة لصناعة الدواجن المصرية التى تواجه شبح الانهيار الكامل؟.
وهل يعقل أن تكون الفرخة البرازيلى القادمة على متن سفن الثلاجات وفى ظروف خاصة أرخص من الدجاجة المصرية؟ وهل استيراد الدواجن المجمدة التى تحتاج لاشتراطات خاصة فى النقل والتداول أقل تكلفة وأسهل من استيراد الأعلاف؟
وهل يمكن للدولة التى كانت تحقق الاكتفاء الذاتى من الدواجن والبيض حتى شهور قليلة مضت أن تقبل الاعتماد على الاستيراد لتوفير هذه السلعة المهمة لمواطنيها لتنضم إلى قائمة السلع الغذائية التى نعتمد فيها على الاستيراد وأصبحت أسواقها المحلية رهينة فى يد الظروف الخارجية مثل القمح والزيت؟
بدلا من أن يقوم الإعلام بدوره المفترض فى الوصول إلى إجابات منطقية لهذه الأسئلة وفى الدفاع عن الصناعة المحلية، نرى بعض الإعلاميين يتسابقون على الإشادة بالدجاج البرازيلى والتغزل فى جماله، وكأن الفرخة البرازيلية سترقص سامبا للمواطن على مائدة الطعام!!.
التعامل الحالى مع أزمة أسعار الدواجن لن يؤدى ربما إلا إلى تحويل أزمة عابرة لكارثة محققة سيدفع المجتمع كله ثمنها. ورغم صعوبة الأزمة فإن حلها ليس مستحيلا بكل تأكيد إذا ما توافرت لدى المسئولين الرؤية والإرادة للحل، من خلال التحرك العاجل وعلى كافة المستويات من توفير مستلزمات الإنتاج لهذه الصناعة ومعها صناعة الألبان وقطاع الثروة الحيوانية من خلال برنامج دعم حكومى منضبط كذلك الذى كان موجودا حتى أوائل التسعينيات عندما كان المربون يحصلون على حصص علف محددة وفقا لحجم نشاطهم، مع متابعة شهرية للمزارع لضمان استمرارية النشاط والتأكد من عدم المتاجرة بحصص العلف.
ولا يقول أحد إن مبادئ اقتصاد السوق الحرة وقواعد المنافسة لا تسمح بمثل هذا الدعم لأن المزارعين ومربى الماشية والدواجن فى الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة حيث معاقل الرأسمالية يحصلون على دعم حكومى بمئات المليارات من الدولارات سنويا.
قد يكون الوقت متأخرا لكنه لم يفت تماما لكى تتحرك الحكومة وأجهزتها لإعادة الروح إلى صناعة الدواجن المحلية بدلا من الاندفاع إلى الاستيراد بكل ما ينطوى عليه من تداعيات اقتصادية، وربما صحية بسبب مشكلات نقل وتداول هذه السلعة التى يمكن أن تتحول إلى سلعة خطيرة إذا لم يتم نقلها وتداولها وفقا للاشتراطات المقررة.

أشرف البربرى

التعليقات