وعد بلفور..ألم يعد مشئوما؟ - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 5:13 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وعد بلفور..ألم يعد مشئوما؟

نشر فى : الإثنين 6 نوفمبر 2017 - 9:45 م | آخر تحديث : الإثنين 6 نوفمبر 2017 - 9:45 م
مرت الذكرى المئوية على وعد وزير الخارجية البريطانى آرثر بلفور، (2 نوفمبر 1917) الذى منح بموجبه اليهود الحق فى إقامة «وطن قومى» لهم على أرض فلسطين العربية التى كانت تحت الإدارة الاستعمارية البريطانية، مرور الكرام، وكأن هذا الوعد الذى وسمناه بأنه مشئوما لم يعد كذلك، بعد أن تجاهلت غالبية المؤسسات المصرية هذا الحدث، ولم تعره الاهتمام اللائق باعتباره السبب الرئيس ليس فى مأساة الفلسطينيين القائمة حتى اليوم، بل والمآسى التى نعيشها فى اركان الوطن العربى. 

ببضع كتابات خجولة، وتحليلات عقيمة بدأت غالبيتها بمقولة «أعطى من لا يملك لمن لا يستحق» تذكر عدد من الصحف المصرية، الوعد المشئوم الذى اعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماى فخر بلادها به، وهو تعبير لم يجرؤ مسئول بريطانى بهذا الحجم على استخدامه منذ أن حمل الاستعمار البريطانى عصاه ورحل عن المنطقة بعد غروب شمس الامبراطورية الاستعمارية التى سنظل نلاحق ورثتها بعارهم وليس بفخرهم كما يظنون.

أما على صعيد المؤسسات الثقافية والكيانات النقابية والجامعات، فباستثناء ندوة نظمها اتحاد المحامين العرب وتحدث فيها عدد من قيادات الاتحاد والباحثين المهتمين بالشأن الفلسطينى، وعرض فيلم تسجيلي في أتيليه القاهرة عن تعامل الفن التشكيلى مع الجرح الفلسطينى النازف، خلت الساحة من أى فعالية تذكر الناس بما تم قبل مائة عام، والذى لا يزال تأثيره يلقى بظلاله على معيشتهم حتى اليوم.

وفى بيت الصحفيين، وبعد أن كانت نقابتهم سباقة فى الدعوة إلى إقامة الندوات والمؤتمرات التى يؤمها المفكرون والباحثون والمهتمون بالأحداث الوطنية والقومية الكبرى، لم نقرأ خبرا ولم نسمع حسا لها فى هذه المناسبة التاريخية، وحسب معلوماتى فإن هناك من سعى إلى تنظيم ندوة عن «وعد بلفور المشئوم» لكن الرغبة استقبلت بفتور لتبقى نية فى الضمائر لم يكتب لها أن ترى النور، ويبدو أن مثل تلك الندوات لم يعد مرغوبا فيها، بعد أن كانت ضيفا عزيزا يحتفى به فى عهود المجالس السابقة للنقابة.

وحتى نكون منصفين فإن ذكرى مئوية وعد بلفور تم التعامل معها على المستوى العربى بطريقة مائعة، ولم تأخذ حظها من الاهتمام اللائق باعتبارها فرصة لفضح البريطانيين، وملاحقتهم بجريمتهم بما يجعلها ترقى إلى تهمة «معاداة الفلسطينية» على غرار «معاداة السامية» التى يستخدمها الكيان الصهيونى ضد كل من يوجه للاسرئيليين مجرد النقد على جرائمهم اليومية بحق الفلسطينيين.

وعربيا أيضا وباستثناء الرئيس الفلسطينى محمود عباس الذى طالب الحكومة البريطانية باعتذارــ وهذا واجبه ــ لم يخرج مسئول عربى ذو وزن ليقول لرئيسة الوزراء البريطانية، أن وعد بلفور هو خزى وعار لكل بريطانى، وليس فخرا تتبجحين به، وهو أيضا جريمة سنظل نلاحقكم بها جيل وراء جيل، فأيديكم، شأنها شأن المحتل الصهيونى، ملطخة بدماء الفلسطينيين التى سالت ولا تزال تسيل، ولن نغفر لكم خطيئتكم حتى بعد استعادة كامل حقوقنا التى سنبقى كشعوب نناضل من أجلها.

فلسطينيا لا أحد ينكر أن الأشقاء يقدمون التضحيات يوميا فى مواجهة الظلم والقمع الذى تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلى، وهو ثمن يدفعه الفلسطينيون فى داخل الأرض المحتلة كأحد تداعيات وعد بلفور، وخاصة منذ إعلان دولة الكيان الصهيونى عام 1948، ومع ذلك لم تستغل الدلالة الرمزية لمئوية هذا الوعد بالطريقة التى يمكن لها أن تذكر كل غافل، أو متجاهل، بالحق الفلسطينى السليب.

سنظل نصف وعد بلفور «بالمشئوم»، وسنبقى نتذكر ونكافح من أجعل استعادة حقنا فى أرض فلسطين، وسنلاحق بالعار كل من يفرط فى هذا الحق، وسنقف فى وجه كل كذاب أشر يتهم الفلسطينيين بالتنازل عن أرضهم، وسنعلم أبناءنا وأحفادنا أن خط الدفاع الأول عن مصر يقع فى فلسطين.

 

التعليقات