لا تقزموا الوطن - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 7:05 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا تقزموا الوطن

نشر فى : الأربعاء 12 فبراير 2014 - 5:30 ص | آخر تحديث : الأربعاء 12 فبراير 2014 - 5:30 ص

على النخب السياسية والحزبية والإعلامية التى تروج للرأى الواحد وللموقف الواحد وللبطل الواحد أن تعلم أنها بذلك تباعد بين مصر وبين بناء الدولة الديمقراطية العادلة والمجتمع التعددى المتسامح، وتتورط على نحو كارثى فى صناعة الفرعون وتمادى ممارسات الدولة الأمنية.

عليهم أن يتيقنوا من أن الطاقة الإقناعية والقدرة على تصنيع القبول الشعبى للرأى الواحد وللموقف الواحد حتما إلى تراجع وأن الرأى العام سيتصاعد رفضه لانتهاكات الحقوق والحريات، وسيبحث عن حلول أمنية تواجه الأعمال الإرهابية والعنف دون انتهاكات وتتوازن مع حلول اقتصادية واجتماعية وسياسية تخلق مساحات للتوافق وللسلم الأهلى، ولن يقبل الاعتقالات العشوائية والزج بمصريات ومصريين إلى السجون دون مساءلة ومحاسبة قانونية تضمن حقوقهم وحرياتهم والتضييق على آخرين دون سبب إلا الاختلاف فى الرأى والمعارضة السياسية السلمية.

عليهم أن يدركوا أن قبول البطل الواحد والصورة الذهنية الإيجابية الحاضرة له اليوم والآمال الكثيرة التى تعلقها عليه قطاعات شعبية واسعة ستدفع إلى صيرورة سلبية إن استمر تخوين وتشويه وتقزيم أصحاب القناعات المغايرة، أو تراكمت المظالم والانتهاكات وهم على تبريرهم غير الأخلاقى دون تغيير، أو اتضح قصور الحلول الأمنية بمفردها وحين تتجاهل ضمانات الحقوق والحريات وهم على دفاعهم الأحادى عنها دون إعادة نظر.

عليهم أن يفهموا أن الوطن عانى الأمرين خلال السنوات الثلاث الماضية من استغلال الدين فى السياسة ومن توظيف زائف لمقولات الوطنية على نحو أقصى واستبعد معارضى الحكم أو القوى المؤثرة فى الدولة والمجتمع، وأن فتح أبواب المساحة العامة فى مصر اليوم على مصاريعها لتجديد استغلال الدين ومقولات الوطنية الزائفة للترويج للرأى الواحد وللموقف الواحد وللبطل الواحد له تداعيات كارثية ومخيفة.

عليهم أن يمارسوا الفعل العام والسياسى والإعلامى المسئول ويتوقفوا عن تبرير المظالم والانتهاكات كضرورات تبيحها «الحرب على الإرهاب»، ويكفوا عن التعتيم على ملفات كالاعتقالات العشوائية والتعذيب كأمور لا تستحق أن توضع على قائمة الأولويات الوطنية، ويتجنبوا اختزال الانتخابات الرئاسية القادمة فى «استفتاء على البطل» وتهميش النقاش الموضوعى بشأن ضمانات المنافسة والنزاهة وعدم تدخل المؤسسة العسكرية وغيرها من مؤسسات الدولة والملفات الرئيسية المطروحة على المرشحين وانحيازاتهم فى القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحدود التزامهم برؤى ديمقراطية ومسألة العدالة الانتقالية الحيوية لدفع مصر إلى الأمام.

على النخب السياسية والحزبية والإعلامية التى تروج للرأى الواحد وللموقف الواحد وللبطل الواحد أن تعيد حساباتها بعين على مصر التى تستحق دولة ديمقراطية عادلة ومجتمع تعددى متسامح، ولا ينبغى أبدا دفعها إلى عقود ظلام جديدة تقزم وتجرف بها طاقاتها البشرية والمهنية المخلصة ويهيمن فيها على المساحة العامة خدمة السلطان وجموع مبررى الحكم وسياساته فى كل العصور والباحثين عن مصالحهم الشخصية عبر الأدوات التقليدية لاقتراب المنافقين والممالئين من السلطة.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات