ناخبات استقرار أم تغيير .. المسكوت عنه بشأن النساء - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 6:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ناخبات استقرار أم تغيير .. المسكوت عنه بشأن النساء

نشر فى : الخميس 15 مايو 2014 - 7:35 ص | آخر تحديث : الخميس 15 مايو 2014 - 7:35 ص

بعد مشاركتهن الواسعة فى الحراك الثورى والاحتجاجى منذ ٢٥ يناير ٢٠١١ وبعد تصويتهن فى الاستفتاءات والانتخابات خلال السنوات الماضية، يستحوذ نساء مصر على مساحة معتبرة فى النقاشات العامة وحملات الانتخابات الرئاسية الدائرة اليوم. أسجل هذا لأن المضامين التى يخاطب بها النساء تستحق التحليل والمسكوت عنه يستحق الرصد، أسجله بعيدا عن قناعتى بكون المشهد الانتخابى القادم منقوص الجدية والتنافسية.

يخاطب النساء من قبل المرشح عبدالفتاح السيسى كناخبات استقرار يتوزعن على جميع الطبقات والشرائح المجتمعية، ومن قبل المرشح حمدين صباحى كناخبات يطلبن التغيير والعدالة الاجتماعية وينتمين أيضا لجميع الطبقات والشرائح. يقترح المرشح السيسى على المصريات أن خلفيته العسكرية ومقولات مرشح الضرورة/ مرشح الدولة/ مرشح الإنقاذ الوطنى التى تحيطه بها النخب الاقتصادية والمالية والإعلامية

ستمكنه من تحقيق الاستقرار الذى يعرف سلطويا كالخبز والأمن وتماسك الدولة والمجتمع والتنمية التى يقودها الحكم وفرض الصوت الواحد والرأى الواحد وتجاهل متطلبات الديمقراطية. يقترح المرشح صباحى على الناخبات أن همومهن المعيشية ومعاناة أسرهن اليومية

ستتراجع ما أن تطبق برامج العدالة الاجتماعية التى يعد بها، وأن الباحثات عن الديمقراطية وحقوق الإنسان سيجدن لديه ــ صاحب التاريخ النضالى ــ ترجمة سريعة لأهداف العدالة الانتقالية وإطلاق سراح المعتقلين والمحتجزين والمسجونين لأسباب سياسية ووقف جميع انتهاكات الحقوق والحريات.

وعلى الرغم من محاولات المرشح صباحى للمزج فى خطابه بين التغيير وبين تحقيق الاستقرار الإيجابى، إلا أن هيمنة المرشح السيسى على المضامين المرتبطة بالاستقرار تكاد تكون شبه كاملة - وهى الهيمنة التى صنعها الصوت الواحد خلال الأشهر الماضية والترويج لسياسات وممارسات الحكم / السلطة كالبديل الوحيد لتحقيق الاستقرار وتخوين جميع الأصوات والمجموعات المعارضة.

يختزل النساء، إذن، إما إلى ناخبات استقرار أو تغيير ويزج بهن من ثم إلى ذات المقايضات السلطوية التى تضلل اليوم قطاعات شعبية واسعة؛ إما الخبز والأمن وإنقاذ الدولة والمجتمع وإما الحق والحرية والديمقراطية، إما مرشح الضرورة/ مرشح الدولة القادر على القيادة أو مرشح التغيير.

والمسكوت عنه، هنا، هو أن النساء (وعلى امتداد الطبقات والشرائح المجتمعية المختلفة) أقدر من غيرهن على تفكيك المقايضات السلطوية وإدراك أن المظالم والانتهاكات لن تحقق لا الاستقرار ولا التنمية، وأن جغرافيا الحزن والعقاب والإقصاء التى تنتشر اليوم فى مصر تهدد تماسك الدولة والمجتمع، وأن التغيير لا يعنى التهاون مع ضرورات مواجهة الإرهاب والعنف فى إطار من سيادة القانون وضمانات الحقوق والحريات. هن أقدر من غيرهن على ذلك لمعانتهن المستمرة من التهميش إن من الحكم/ السلطة أو من مؤسسات الدولة أو قوى المجتمع.

المسكوت عنه أيضا بشأن النساء هو وضعية حقوقهن وحرياتهن الشخصية والمدنية. فقد عانت المرأة المصرية بين ٢٠١١ و٢٠١٣ من وصائية اليمين الدينى، والآن يعرض عليها المرشح عبدالفتاح السيسى وصائية من نوع آخر تريد التدخل فى الحياة الخاصة والعامة (القيم والأخلاق والتقاليد والعادات والفكر والدين) ويصمت المرشح حمدين صباحى عن الأمر وكأن المرأة لم تبحث إلا عن الحقوق والحريات العامة (خاصة الاقتصادية والاجتماعية) وتناست وضعيتها الخاصة فى دولة تهمشها ومجتمع يضغط عليها باستمرار.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات