معسول الوعود! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معسول الوعود!

نشر فى : الجمعة 15 مايو 2020 - 9:50 م | آخر تحديث : الجمعة 15 مايو 2020 - 9:50 م

يبدو أن بعض المسئولين، تفتق ذهنهم عن ضرورة الاستغناء عن جملة «تصب فى مصلحة المواطن»، التى ظلت تتردد بقوة خلال الشهور الماضية، عند تبريرهم الزيادات المتتالية فى أسعار السلع والخدمات، وقرروا استخدام تعبير آخر، عند اتخاذ أى قرارات اقتصادية جديدة، وهو «لن يشعر بها المواطن»، متصورين أن ذلك كفيل بأن يصدقه المواطنون، ويعفيهم من حملات السخرية على وسائل التواصل الاجتماعى.
التعبير الجديد دخل إلى بورصة التداول، عبر بعض مسئولى وزارة المالية، الذين قالوا فى تصريحات صحفية إن القرض الجديد الذى وافق صندوق النقد الدولى على منحه لمصر، لمواجهة أزمة فيروس كورونا المستجد «كوفيد ــ 19»، لن يكون له أى أضرار يشعر بها المواطن.
ووافق صندوق النقد، مساء الإثنين الماضى، على طلب عاجل بمنح مصر قرض بقيمة 2.7 مليار دولار بما يمثل 100% من حصتها بالصندوق، وذلك لمواجهة أزمة فيروس كورونا المستجد، بالإضافة إلى حزم مالية أخرى من المنتظر حصول مصر عليها.
وللتوضيح فإن قرض 2.7 مليار دولار، جاء عن طريق أداة التمويل السريع بصندوق النقد، والتى تقدم مساعدات مالية عاجلة لكل البلدان الأعضاء بالصندوق التى تواجه موازين مدفوعاتها احتياجات ماسة، ولكنها من دون أن تحتاج إلى تنفيذ برنامج كامل.
أما بالنسبة للنصف الثانى من الطلب المصرى، وهو الحصول على حزم مالية جديدة من صندوق النقد تقدرها بعض التقارير بين ثلاثة إلى خمسة مليارات دولار، فهو سيتم من خلال اتفاق الاستعداد الائتمانى، أى برنامج جديد مدته عام أو عامان، وتصرف شرائحه على دفعات، من خلال شروط محددة، بشكل مشابه للشروط التى حددها الصندوق فى القرض القديم، والذى تحمل فواتيره من الألف إلى الياء المواطن المصرى، وهو ما دفع القيادة السياسية فى أكثر من مناسبة إلى توجيه الشكر له على صبره وتحمله صعاب برنامج الإصلاح الاقتصادى.
بالتأكيد لجوء الحكومة إلى صندوق النقد لطلب قروض، خصوصا فى أوقات الأزمات الاقتصادية الحادة كالتى تواجه الكثير من الدول حاليا جراء أزمة كورونا، ليس عيبا أو محرما، بل قد يعتبر حلا وحصانة لمنع تدهور اقتصادها ووضعها المالى، وتأمينا لتوفير احتياجات شعبها من السلع الاستراتيجية التى يحتاج إليها فى استهلاكه اليومى.. فيكفى أن نعرف حقيقة واحدة فقط، وهى أننا نستورد بما يعادل متوسط 5 مليارات دولار شهريا من السلع والمنتجات من الخارج، بإجمالى سنوى يقدر بأكثر من 55 مليار دولار، وفق الكثير من التقديرات الاقتصادية، وبالتالى يجب توافر السيولة اللازمة من أجل توفير متطلبات الشعب، وتعويض ما تم فقده من العملة الأجنبية بسبب تراجع عائدات السياحة وقناة السويس والتصدير جراء أزمة كورونا.
أيضا هذا القرض من الممكن أن يساهم فى «معالجة احتياجات ميزان المدفوعات العاجلة ودعم القطاعات الأشد تضررا وفئات المجتمع الأكثر هشاشة»، كما ذكرت كريستالينا جورجييفا، مدير عام صندوق النقد الدولى.
كل هذه الأسباب تسمح لنا بالقول إن اللجوء للصندوق ليس عيبا، لكن العيب والخطأ هو أن يلجأ المسئول الحكومى إلى تسمية الأشياء بغير مسمياتها الحقيقية، واستخدام مفردات تساهم فى خداع المواطن، أو تخديره أو توصيل المعلومة غير الصحيحة أو الكاملة له، وبالتالى عندما يفاجىء المواطن بان الواقع مختلف عما حاول بعض المسئولين تصويره، يتضاعف لديه منسوب الغضب والسخط على أداء الحكومة بشكل عام.
ماذا كان سيحدث لو أن هؤلاء المسئولين قالوا إن الأوضاع الاقتصادية الصعبة جراء صدمة الوباء العالمى هى السبب وراء الاقتراض مجددا من الصندوق؟ ماذا كان سيحدث لو أنهم طالبوا المواطنين بالتحمل قليلا كى نعبر هذه المرحلة الصعبة؟ لم يكن ليحدث شىء، بل على العكس تماما، سيشعر المواطن بشفافية ومصداقية الحكومة، وبالتالى لن يكون ناقما على آدائها، ومتفهما لقراراتها ومحتملا لتداعياتها.
نعتقد أن زمن تخدير المواطن بمعسول الكلام والوعود قد ولى، وبالتالى يجب على المسئولين ادراك ذلك، خصوصا وأن الأزمة التى تجتاح الجميع حاليا، أكبر من أن يتم تجميلها بالكلمات والجمل غير الدقيقة، ومن ثم فإن عليهم تقديم المعلومات الصحيحة والحقيقية فقط للناس، حتى يكونوا دعما لكل القرارات الاقتصادية الصعبة التى سيتم اتخاذها لتخطى هذه المرحلة العنيفة على جميع دول العالم.

التعليقات