لماذا يتعاطف البعض مع روسيا؟ - سامح فوزي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا يتعاطف البعض مع روسيا؟

نشر فى : الثلاثاء 21 فبراير 2023 - 8:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 21 فبراير 2023 - 8:10 م
بعد عام على اندلاع الحرب فى أوكرانيا يمكن القول إن جانبا من التأييد ــ الصريح والضمنى ــ لبعض النخب الثقافية والسياسية فى العالم العربى، ومن بينه بعض المصريين، للموقف الروسى فى الحرب الأوكرانية هو حنين إلى الاتحاد السوفيتى، أى نوستالجيا إلى الإمبراطورية التى تقف فى وجه الغرب الذى لا يزال حضوره فى الجسدين السياسى والثقافى العربى محدودا، ربما للخبرة الاستعمارية الطويلة السابقة، وازدواجية السياسة الأمريكية تجاه القضايا العربية، وقد اتجهت معظم دول المنطقة، باستثناء سوريا وإيران، إلى اتخاذ موقف «الحياد» تجاه الحرب فى أوكرانيا، حتى إن لم توافق على ضم روسيا لأراضٍ أوكرانية، والسبب ليس حبا فى روسيا، وهو نفس الموقف الذى اخذته أيضا دول فى أفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية، ولكن تعبيرا عن مشاعر الامتعاض والرفض تجاه النظام العالمى.
الغريب هو تأييد ــ صريح أو ضمنى ــ للموقف الروسى، رغم أن الحرب برمتها لم تقدم شيئا ذا دلالة إلى روسيا. فلم تحقق موسكو هدف الحرب الذى أعلنته فى البداية وهو- حسب وصفها- إزالة النظام النازى، أى نظام الرئيس زيلينسكى، ولم تستطع احتلال كييف أو بسط سيطرتها على الأراضى الأوكرانية، وبدا أن أهداف الحرب غير واضحة، وقدمت خلال الشهور الماضية تفسيرات عديدة، لم تتحقق أى منها، حتى المناطق التى استولت عليها روسيا تفقدها تباعا لصالح أوكرانيا، أو ليس فى إمكانها بسط سيطرتها الكاملة عليها. ومن دلالات الإخفاق فى تحقيق أهداف الحرب تغيير القيادات العسكرية الروسية فى أوكرانيا أكثر من مرة. وإلى جانب عدم قدرة روسيا على حسم الحرب، وتكبدها خسائر كبرى مادية وبشرية، فإن هيبة النظام الروسى اهتزت على الصعيد الدولى، وهو ما ذكره الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون فى كلمته أمام مؤتمر ميونخ للأمن فى دورته الـ 59.
ورغم أن نظام الرئيس بوتين وضع حدودا للحرب بالتلويح باستخدام السلاح النووى، مما جعل حلف شمال الأطلنطى، والقوى الغربية تعيد حساباتها أكثر من مرة قبل تزويد أوكرانيا بالسلاح الذى يمكن أن يحقق انتصارات موجعة على الدب الروسى، ويدفعه ــ حسب ما حذر توماس فريدمان فى بداية الحرب ــ من اللجوء إلى الخيار شمشون، أى تحطيم المعبد على ما فيه باستخدام السلاح النووى، حتى لو بشكل تكتيكى. ويكفى أن نشير إلى أبرز ملامح التراجع الروسى فى الحرب أن المعارك تجرى الآن على بعد 140 كيلو مترا من الحدود الروسية الأوكرانية، فى حين أن الولايات المتحدة التى تبتعد أكثر من 8000 كليو متر تؤيد أوكرانيا، وتمدها بالسلاح، والمعلومات الاستخباراتية، ويزور الرئيس الأمريكى جو بايدن أراضيها الممزقة من الحرب.
حرب قاسية، لا تخلو من عبث، ألقت بظلالها الاقتصادية القاتمة على العالم بأسره، شرقا وغربا، لم ينجُ منها أحد، من المرأة الريفية البسيطة فى باكستان أو مصر أو تونس أو نيجيريا إلى بائع السمك والبطاطس فى شوارع لندن، الوجبة الشعبية الأشهر فى بريطانيا، إلى المزارع الذى يبحث عن الدعم الحكومى للسماد فى أسبانيا. لن أستغرب حين أعرف أن 40% من مخابز العاصمة أبوجا، عاصمة نيجيريا الاتحادية، أغلقت أبوابها، ولا كثير من مغاسل الملابس فى ألمانيا تعانى ارتفاع أسعار الغاز، الذى جعل المستهلكين ينصرفون سواء كانوا أفرادا أو فنادق أغلقت أبوابها أو مطاعم قلصت من خدماتها.
سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات