نهاية مهنة الصحافة - محمد موسى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 6:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نهاية مهنة الصحافة

نشر فى : الأحد 1 نوفمبر 2009 - 10:28 ص | آخر تحديث : الأحد 1 نوفمبر 2009 - 10:28 ص

 «بين محنة التعامل مع حكومات تسعى لشراء الصحفى، وفتنة الرغبة فى النفاق والتقرب إلى أهل السلطة أملا فى الحصول على مكرمة الريس والملك، يعيش الإعلام العربى واقعا بشعا».

هكذا أدلى وضّاح خنفر المدير العام لشبكة «الجزيرة» القطرية بطلقة الافتتاح، فى ندوة «حرية الرأى والتعبير فى الدول العربية»، التى استضافتها العاصمة القطرية قبل أيام.

عبر يومين من المراثى الطويلة للمهنة، اتفق شركاء «المحنة والفتنة» على أن ما يجرى للإعلام العربى هو أزمة «ذات ثلاث شعب»، الأولى هى الأنظمة السياسية التى تقمع أبسط أشكال التعبير، والثانية هى تخلف وجمود المجتمع ورفضه للتطوير والخطاب المستنير، مقابل الغرق فى القرون الوسطى وجدلها البيزنطى عن جدوى الحجاب وأهمية النقاب.

أما الأخطر فهم «حراس البوابات الإعلامية»، أو «كلاب الحراسة فى الإعلام»، كما تسميهم أدبيات الإعلام الفرنسية الجديدة، وهم أبناء المهنة الذين ارتضوا لأنفسهم أن يتستروا على جرائم الأنطمة، وأن يخترعوا لها «إنجازات» وهمية يتغنون بها آناء الليل وأطراف النهار.

أزمة الإعلام الذى أصبح يضلل جمهوره أصبحت هما مهنيا عالميا خلال حرب الخليج الثانية، عندما اكتشف المراسلون العسكريون أنهم هناك مجرد «راكور»، لاستكمال صورة الفيلم الجماهيرى: الطيبون فى هذا العالم ضد الشرير صدام حسين. وقال لى الصحفى الفرنسى كريستوف بولتانسكى مراسل «ليبراسيون» وقتها فى مدينة حفر الباطن السعودية، مركز العمليات العسكرية للحرب، إن كل ما نشر باسمه كان يخضع للحذف والإضافة من جانب جيوش التحالف، دون الرجوع إليه.

فى عام 1991 نشرت «لوموند» خبرا فى صفحة داخلية عن «مقابر جماعية لدفن الآلاف من الجنود العراقيين أحياء خلال تحرير الكويت»، وتوقعت أن تقوم الدنيا ولا تقعد، غير أن صمتا مريبا لف القصة وأخفاها بعد ذلك إلى الأبد. والسبب واضح، فبعيدا عن دقة هذه الواقعة بالذات، يبقى صوت السلاح والمال والمصالح أعلى بكثير من همس الحقيقة، وهى تتلمس طريقها على استحياء بين وسائل الإعلام التى تم اختطافها بالكامل، من جانب «الأنظمة السياسية وجماعات الضغط والنخب المالية وأصحاب النفوذ»، كما قال ناجى الباغورى، نقيب الصحفيين فى تونس.

وفى لهجة لا تقل مصارحة، قال أحمد الشيخ رئيس تحرير «الجزيرة» إن الأنظمة العربية تختلف على كل شىء، وتتفق فى أشكال القمع والظلم والكبت. ولاحظ الرجل أن أجهزة المخابرات العربية أصبحت تنشئ مواقع مزورة، وتجند رجالها للدخول على مواقع الأخبار، للتعليق على ما يجرى من وجهة نظر النظام الحاكم، والخلاصة أن «النظام السياسى العربى فى تعامله مع الإعلام أصبح بلطجيا يتجاوز كل القوانين والدساتير».
لم يكن الديبلوماسى والباحث السعودى حسن العجمى بعيدا عن الصواب، وهو يختتم كلمته بالتذكير بإحدى علامات الساعة، «أن الرجل يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق»، مضيفا أن الصحفى هو أكثر من تنطبق عليه العبارة، لأنه يمتلك ما يصل بكذبته إلى الآفاق فى فيمتو من الثانية.

محمد موسى  صحفي مصري