لسنا فقراء.. ولكن!! - محمد مكى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:27 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لسنا فقراء.. ولكن!!

نشر فى : السبت 4 فبراير 2017 - 9:00 م | آخر تحديث : السبت 4 فبراير 2017 - 9:00 م
من يمتلك 2.224 تريليون جنيه ودائع تزيد بمتوسط 60 مليار كل ثلاثة أشهر، ومن أخرج 63 مليار فى اسبوع لشراء شهادات قناة السويس، ويشترى سيارات ثلاث بنحو 18مليونا لثلاثة مسئولين، وحصل على 31 مليار دولار قروضا ومنحا فى 18شهرا.. كيف يكون فقيرا؟!!.

مصر تمتلك الأموال لكنها لا تمتلك الكفاءات التى تدير الموارد، فهناك 190مليار جنيه فى هيئة البريد، ومليارات الجنيهات خرجت للحصول على عائد الشهادات المرتفع بعد التعويم 20% وغيرها من اموال، عندما تسأل عن كيفية توظيفها، تجد الاستثمار فى تسليف الحكومة هو الغالب، فمعدل توظيف اموال البنوك لا يتجاوز فى البنوك الكبرى 40% وفى اخرى 20%، واموال البريد والتأمينات المكدسة تكتفى بالشراء فى صناديق الاستثمار والاوراق المالية، من هنا تأتى ضرورة ايجاد المناخ لتوظيف اموال المصريين، من خلال عقول تستطيع ان تطرح افكارا تحقق عائدا وتغرى المستثمر حتى لا يخرج امواله من السوق، كما يفعل عدد كبير من رجال الاعمال الذين يبحثون عن الربح وهذا حقهم الا فى حالات، ويعد نموذج الاستثمار فى قبرص مؤخرا من احد كبار رجال الاعمال خير شاهد.

معظم المال فى مصر مازال خارج السيطرة «الاقتصاد الموازى» والدولة لا تمتلك حلولا لجذب وتوظيف هذا المال، والمال الرسمى يقتصر بالكلية على الاستثمار غير المباشر، اما المباشر الذى يوفر فرص عمل، ويرفع من دخول الناس حتى تخرج من نطاق الفقر يظل محلك سر، فهو بطىء ومعقد وغير مرغوب فى ظل عدم قدرة الدولة على ازالة العقبات امامه، وعلى رأسها بند العمولات والرشاوى والتى تجعل مصر فى مرتبة متقدمة فى مؤشر الفساد الذى لا يخفى على احد، مع جملة قوانين طاردة، وعدم القدرة على محاكاة نموذج دول شرق آسيا ولن أقول أوروبا.

من يقل على مصر دولة فقيرة يتجاهل ما تملكه من موارد طبيعة بحور وشواطئ كنز اثرى ومعمارى وثقافى وقبلها طاقة بشرية لم تستغل بعد، فكيف يكون المصريون فقراء وخرج من عندهم نحو 13مليار جنيه خلال العام الماضى انفقت فى شراء عقارات فى دبى! وهى مدينة واحدة ولا نعلم ما حدث فى غيرها. تجد من يقول ويكرر دائما إن الافراد اغنياء والدولة فقيرة، لكن أليس من واجب الحكومة التوزيع العادل للثروات القائم على الفرص المتساوية!! وهو ما لم يتكرر لما يقرب من 50 عاما ماضية، فهناك عائلات معروفة تمتلك الاراضى والتوكيلات وتحتكر الصناعة وتسيطر على البرلمان. لتظل دولة المحاسيب ومن يدور فى فلكهم إلى ما لانهاية، ونظل نعاير الناس بكل خدمة وهى حقهم فى موارد البلد الاصلية التى لم تورث بعد.

المسئولية القانونية لأى نظام قبل الاخلاقية هى توفير مناخ جاذب ورفع مستوى معيشة الناس لا المنّ عليهم بالسلع التموينية التى تزيد أسعارها كل شهر فى الفترة الاخيرة.

لا يشترى الأجانب أذون الخزانة المصرية بحوالى 10.2 مليار جنيه خلال شهر ديسمبر بالمقارنة بمستويات شهر أكتوبر. ويشترون فى السندات المصرية بنحو 4 مليارات دولار فى دولة فقيرة، بل لارتفاع العائد، ليظل السؤال قائما كيف نحول نظر المستثمر من الاستثمار فى الاوراق المالية إلى الاستثمار فى البناء والتصنيع والتشغيل لنغيّر حياة الناس، وأعتقد ان حكومة اسماعيل لا تمتلك تلك المهارة، حيث طالبت مؤخرا وزيرة المواطن المصرى بتحمل الزيادات المتواصلة فى الاسعار والخدمات واعتبار ذلك «زكاة».

فى مؤتمر الشباب الثانى الذى تنظمه الرئاسة وهو سنة حسنة رغم المبالغات والتوابل، قال وزير مسئول عن اموال المصريين ان الدولة والمواطن فقراء، فرد عليه فى نفس الجلسة شريكه فى حمل امانة خزائن مصر إن المواطنين ليسوا فقراء وعنده من الارقام ما يؤكد قوله، ليخرج مؤخرا من يرأسهم ويقول انها أصبحت «فقيرة أوى أوى» لتأتى الإجابة على لسان المواطن نفسه «لحد إمتى لا نعرف مين اشترى ومين اللى باع».

رحم الله فقراء مصر.. وكان الله فى عون من يخدمهم بأمانة.
التعليقات