الولايات المتحدة والصين وبحر الصين الجنوبى.. ما الذى يحرك الصراع؟ - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:35 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الولايات المتحدة والصين وبحر الصين الجنوبى.. ما الذى يحرك الصراع؟

نشر فى : الخميس 5 نوفمبر 2020 - 8:20 م | آخر تحديث : الخميس 5 نوفمبر 2020 - 8:20 م
نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب مارك فالينسيا، تناول فيه دوافع كل من الصين والولايات المتحدة فى منطقة بحر الصين الجنوبى... نعرض منه ما يلى.
أصبحت المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، من أجل السيطرة على بحر الصين الجنوبى، على أوجها. لذلك يعمل العديد من النقاد على تقديم أسباب لوصولها إلى هذه النقطة. يلقى الكثير باللوم على مجموعة متنوعة من النزاعات الظاهرية مثل ــ الحدود، والفضاء البحرى، والموارد، والبيئة، والتهديدات لحرية الملاحة. لكن هذه ليست سوى غيض من فيض من الأسباب التى تقود هذا الصراع. فأسباب هذا الوضع المؤلم مغمورة وأهم بكثير.
فى الأساس هناك صراع بين أنظمتهما السياسية ــ الشيوعية الاستبدادية مقابل الرأسمالية الديمقراطية ــ وأيديولوجيتهما وقيمهما الأساسية. ومن وجهة النظر هذه نشأت رغبتهما فى السيطرة على جنوب شرق آسيا، وعلى وجه الخصوص بحر الصين الجنوبى. فدافع الصين فى المقام الأول هو الدفاع عن النفس وما تعتبره الاستعادة المشروعة لمجال نفوذها. بينما تريد الولايات المتحدة الحفاظ على هيمنتها و«النظام الدولى» الذى ساعدت فى بنائه والذى يعمل الآن عكس مصلحتها.
وتفصيلا لوجهة النظر هذه يقول الكاتب: كانت الولايات المتحدة قد أعلنت الصين «منافسًا استراتيجيًا» وأمة «معادلة/ موازية». وتعتقد أنها والصين منخرطتان فى «منافسة جيوسياسية بين الرؤى الحرة والقمعية للنظام العالمى» فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ. بل إنها صاغت صراعها الآن على أساس تغيير النظام قائلة إن «العالم لا يمكن أن يكون آمنًا حتى تتغير الصين». وهذا يعد هجوما مباشرا على قيادة الحزب الشيوعى الصينى. من جانبها، تعتقد الصين أن الولايات المتحدة تريد احتواء وتقييد صعودها الشرعى وبالتالى مواصلة هيمنتها فى المنطقة.
إذن منطق الصين هو فى المقام الأول عملى ــ دفاع عن النفس، لكن المنطق الأمريكى خيالى. ولكل منهما استراتيجية لتحقيق أهدافهما المتضاربة وتتقاطع مساراتهما الاستراتيجية فى بحر الصين الجنوبى.
***
تتحدى الصين الهيمنة الأمريكية ــ سياسيًا وعسكريًا ــ فى بحر الصين الجنوبى. والولايات المتحدة تقاوم بكل طريقة ممكنة. بالنسبة للصين، الهيمنة العسكرية على بحر الصين الجنوبى شأن يتعلق بوجودها. إنها تحمى جزءا تاريخيًا وتطبق استراتيجية منع الوصول/الدخول للمنطقة. والأهم من ذلك، أنها توفر «ملاذًا» آمنا فى المياه فى حال هجومها الانتقامى باستخدام الغواصات النووية المتمركزة فى القاعدة البحرية يولين فى جزيرة هاينان. هذه الغواصات هى خط دفاعها الأول فى حال الهجوم الأمريكى.
وبصرف النظر عن الدفاع عن نفسها ضد أعدائها مثل الولايات المتحدة، فقد غرست الصين فى شعبها المفهوم القومى القائل بأن بحر الصين الجنوبى جزء من الوطن الأم وأنها ستدافع عنه بأى ثمن. وسيكون التراجع بمثابة تقويض لشرعية القيادة ويفتح الباب للقوميين الذين يتهمونها بالخضوع للأهواء الخارجية. وهكذا وضعت الصين نفسها فى مأزق وليس لديها مجال كبير للمناورة ومحاولة إقناع شعبها بحل وسط.
من جانب الولايات المتحدة نجدها أخذت على عاتقها واجب منع الصين من الهيمنة على البحر بحجة أن هيئة تحكيم دولية تحت رعاية الأمم المتحدة (ووفقا لاتفاقية قانون البحار) اعتبرت مطالبتها ببحر الصين الجنوبى غير شرعية. لكن الولايات المتحدة لم تصدق على تلك المعاهدة وليس لديها الشرعية والمصداقية الكافيتان لإنفاذها.
ربما يكون دافع الولايات المتحدة الحقيقى هو الخوف من تآكل «النظام الدولى» الذى تستفيد منه بشكل كبير. يقول «خبير» بحر الصين الجنوبى جريجورى بولينج من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن أن سبب هذا الموقف الغريب هو أنه إذا نجحت الصين، فقد تحاول روسيا أن تحذو حذوها فى القطب الشمالى، وكذلك إيران فى الخليج. ويمكننا أن نقيس توجه الولايات المتحدة فى بحر الصين الجنوبى مع ما طبقته الولايات المتحدة فى أمريكا اللاتينية فيما عرف بـ«مبدأ مونرو» والذى جعلها تسيطر على خليج المكسيك ومنطقة البحر الكاريبى.
علاوة على ذلك، فإن هيمنة الصين على بحر الصين الجنوبى ستدفع الجيش الأمريكى إلى خارج المنطقة وستهز، إن لم يكن ستحطم، ما شيدته «المحيط الهندى الهادئ الحر والمفتوح» الذى تأمل فى استخدامه لتشكيل تحالف ضد الصين.
دافع آخر للولايات المتحدة يقوم على أساس أنها إذا لم تدعم أصدقاءها وحلفاءها فيما يتعلق بمصالحهم، فإنها ستفقد مصداقيتها ليس فقط فى المنطقة ولكن فى العالم. هذه معضلة هى من أوقعت نفسها فيها. ففى 13 يونيو 2020، تعهد وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو بأننا «سندعم البلدان ــ التى تدرك أن الصين قد انتهكت مطالباتها الإقليمية القانونية ومطالباتها البحرية أيضًا... سنستخدم جميع الأدوات الممكنة..».. ومن المفترض أن يشمل ذلك التهديد باستخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر.
فإذا حدث وطلب الحلفاء مساعدتها ولم تستجب كما هو متوقع، فإن مصداقيتها فى المنطقة ستتعرض لضربة كبيرة. خصوصا وأن الولايات المتحدة لديها ضغوط داخلية أكثر من الصين لأن العديد من الأمريكيين سيترددون فى تأييد عمليات خارجية أخرى دعما لمفاهيم غامضة أو خاطئة مثل «المحيط الهندى الهادئ الحر والمفتوح» أو «حرية الملاحة».

***
هذه بعض القوى الأساسية التى تحرك الصراع الذى يشتد بدوره بشكل مخيف. فها هى الولايات المتحدة عززت من وجودها العسكرى فى بحر الصين الجنوبى لإظهار أنها تدافع عن قضية. والصين استجابت بالمثل وأكثر ــ دبلوماسيًا وعسكريًا، ووصل الصراع فى قلوب وعقول دول جنوب شرق آسيا إلى مستوى جديد من الحدة.
أخيرا، ومع اقتراب الصراع من حدته، تحتاج الولايات المتحدة إلى تحديد ما تريده حقًا ولماذا، وما الذى ستدفعه مقابل الحصول على ما تريد، وإذا كان ما ستدفعه كثيرًا، فعليها إعادة تقييم أهدافها وضبطها. هل هى على استعداد لإراقة الدماء وإهدار الموارد بشكل متزايد لمواصلة الهيمنة العسكرية على بحر ومنطقة ليستا ذات أهمية مباشرة لأمنها القومى؟ هل سيؤيد شعبها حربا أخرى لتحقيق أهداف غامضة؟ وقبل مواجهة الصين عسكريًا والمخاطرة بالحرب، عليها أن تشرح للجمهور الأمريكى المنهك من الحرب سبب هذا المسعى وسبب دعمه. فى الواقع، قيادة كلا البلدين مدينة بتفسير واضح وواقعى لشعوبهما حول الصراع الكارثى المحتمل الذى من شأنه أن يعيق تقدم الإنسانية فى العالم بما فى ذلك الدولتان.
هناك الكثير من الغموض فى مفاهيم وقيم الدولتين. علاوة على ذلك، كلا الدولتين تغض النظر عن القضايا الجوهرية التى من غير المرجح أن يتم حلها فى المستقبل القريب.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:
https://bit.ly/363yzNH
التعليقات