دولة الإخوان العظمى - أحمد يوسف أحمد - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 5:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دولة الإخوان العظمى

نشر فى : الخميس 10 أبريل 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 10 أبريل 2014 - 8:00 ص

فى واحد من أهم التعليقات الإخوانية على القرار الأخير لرئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون بفتح تحقيق حول أنشطة جماعة «الإخوان المسلمين» وصلاتها بالتطرف والإرهاب حذر إبراهيم منير القيادى فى الجماعة والمقيم فى بريطانيا من أن حظر الجماعة فى المملكة المتحدة سيجعلها أكثر عرضة للهجمات الإرهابية. سوف تكون لنا عودة إلى تفاصيل تصريح السيد إبراهيم منير لكن هذا التصريح يعكس مدى قلق الجماعة من النتائج المحتملة للتحقيق فى نشاطها داخل بريطانيا وخارجها خاصة إذا كشف التحقيق عن تجاوزات ما تكون الجماعة قد ارتكبتها على الأراضى البريطانية فى إطار الشعور المفرط بالثقة فى النفس والقانون البريطانى الذى يوفر لها ضمانات يعتد بها. وربما زادت من قلق الجماعة تلك الزيارة العاجلة التى قام بها مكتب معايير التعليم وخدمات الأطفال والمهارات البريطانى لأربع مدارس فى شمال شرق مدينة برمنجهام الشهر الماضى وسط مخاوف متصاعدة من تقارير تفيد بوجود محاولات اختراق هذه المدارس من جانب مسلمين متشددين، وأفادت مصادر صحفية بوجود زيارة قريبة لضعف هذا العدد من المدارس.

•••

تصرف إبراهيم منير فى تصريحاته كرجل دولة ذات شأن تستطيع ترهيب دولة كبرى وإرغامها تحت التهديد على التراجع عن قرار اتخذته الدوائر المسئولة عن صنع القرار فيها، بل لقد سفّه فى كلامه من شأن هذه الدولة الكبرى باتهامها بأنها فى قرارها هذا قد خضعت لضغوط سعودية – إماراتية، وربما يكون هذا قد حدث فعلا لكن بريطانيا لم تكن لتصدر قرارا كهذا إلا بعد أن يشعر المسئولون فيها بأن ثمة خطرا على الأمن داخلها كما تفيد بذلك الخبرة البريطانية فى مواجهة العمليات الإرهابية أو خطرها، وليكن السيد منير واثقا من أن الجهات المسئولة لابد أنها قد تابعت أنشطة الإخوان المسلمين فى مصر على سبيل المثال اعتبارا من 3 يوليو 2013، وبغض النظر عن الموقف البريطانى الرسمى مما جرى منذ ذلك التاريخ فإن أجهزة الأمن البريطانية لا يمكن أن تكون مستريحة لما يقوم به أنصار الإخوان من أعمال عنف وتدمير ثابتة بحقهم فى مصر وبالذات فى جامعاتها إذا تغاضينا عن التفجيرات وأعمال القتل التى يمكن ألا يكون ثمة دليل قاطع على نسبتها للإخوان باعتبار أن تنظيمات متطرفة قد قامت بها لكننا لا يمكن أن نتغاضى عن أن مثل هذه التنظيمات قد تفرعت عن شجرة الإخوان أو عن أن أعمالها الإرهابية قد تزامنت مع أزمة إزاحة الإخوان عن الحكم فى مصر، وفى هذا الإطار لابد أن أجهزة الأمن البريطانية ذاتها قد شعرت بالقلق من تزايد وفود القيادات الإخوانية إلى لندن قادمين من قطر مما يزيد احتمالات وقوع أعمال عنف فى العاصمة البريطانية أو غيرها سواء ضد الإخوان أو بسببهم. ليست بريطانيا فى قرارها هذا مرتجفة بسبب ضغوط سعودية أو إماراتية وإنما هى معنية أساسا بأمنها الداخلى دون استبعاد احتمال ممارسة هذه الضغوط. بعبارة أخرى لاشك أن أفعال الإخوان داخل مصر وغيرها من الدول العربية وسلوكهم تجاه بريطانيا ذاتها هما العاملان الرئيسيان وراء القرار البريطانى.

•••

انتقل إبراهيم منير فى تصريحاته بعد ذلك من تفسيره الخاطئ لدوافع القرار البريطانى إلى التهديد المبطن الذى يليق بممثل «دولة عظمى» روعت الدولة التى نشأت فيها لتسعة شهور فى محاولة لإسقاطها، فالقرار البريطانى بحظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين فى بريطانيا واعتبارها جماعة إرهابية إن صدر سوف تكون له تداعيات خطيرة على أمن بريطانيا ذاتها، ومن هنا التهديد لأن السلطات البريطانية إن فعلت سوف تصيب جموع المسلمين فى العالم (باعتبار أن «دولة الإخوان العظمى» تمثلهم جميعا) بالإحباط لأن دولتهم «السلمية» قد حكم عليها بأنها إرهابية وحُظرت أنشطتها فى بريطانيا، وبالتالى فإنه سيدفع الكثيرين فى المجتمعات الإسلامية إلى الاعتقاد بأن قيم الإخوان «السلمية» لم تنجح وسيفتح هذا الباب أمام كل الاحتمالات، وعندما سئل منير عما إذا كان يقصد أن هذا يفتح الباب أمام العنف أجاب بقوله فى حديثه لصحيفة التايمز: «أى احتمال» أى أن العنف وارد مشيرا إلى أن هذا سيوجد المزيد من المشكلات أكثر مما توقعناه على الإطلاق ليس لبريطانيا فحسب لأن ذلك سينطبق على جميع المنظمات الإسلامية فى العالم التى تعتنق أفكارا سلمية، ولكى يجعل منير تهديده أكثر صدقية اضطر إلى التخلى عن جزء من لباقته إن لم يكن قد تخلى عنها بالكامل فذكّر بغزو العراق فى 2003 وكيف اعتبرته المجتمعات الإسلامية حربا على الإسلام وأضاف بنبرة تهديدية: «ثم ماذا حدث فى لندن فى 2007 وفى مدريد؟» مذكرا بالهجمات الإرهابية التى وقعت فى هاتين العاصمتين فى ذلك التوقيت ولا شك أن هذه التهديدات غير المباشرة سوف تضيف مزيدا من السوء لصورة الإخوان فى بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية.

•••

سوف تلجأ الجماعة بالإضافة إلى التهديد بالتأكيد إلى تجنيد فرق قانونية على أرفع مستوى للدفاع عنها ضد أى اتهامات قد توجه إليها فى نهاية التحقيقات، وسيمكنها ذلك التمويل الوفير سواء من مواردها أو من مصادر خارجية غير أن الجماعة بحاجة ملحة إلى أن تنظر فى نفسها وما آل إليه حالها فى مصر بسبب ممارسة أفرادها العنف ضد النظام، وليتذكر الإخوان جيدا أنهم قد بلغوا ذروة نفوذهم عندما كانت أدواتهم تتمثل فى الدعوة ومساعدة أصحاب الحاجات فى ضوء تراجع دور الدولة على بناء حياة جديدة على أنقاض ذلك، ولنذكر كيف تحولت النساء والفتيات المسلمات اعتبارا من عقد السبعينيات من القرن الماضى إلى ارتداء الحجاب بسبب الدعوة المحكمة بأن الإسلام قد فرض هذا، وكيف زادت شعبيتهم كما اتضح فى الانتخابات التشريعية فى 2005 فى ظل النظام القديم وكذلك فى انتخابات ما بعد الثورة سواء التشريعية أو الرئاسية وكيف ضاق الشعب بهم بعد سنة واحدة من فوز مرشحهم بمقعد الرئاسة وكان هذا الشعب هو العامل الرئيسى فى الإطاحة به فى 30 يونيو، وكيف أصابت كراهيتهم أفئدة الشعب وشاركت قطاعات شعبية غير مسبوقة فى اعدادها فى وضع نهاية لحكم الإخوان فى مصر بعد سنة واحدة من ولاية رئيسهم الذى لم يكن رئيسا لكل المصريين مسجلين بذلك أول مشاركة شعبية فى الصراع بين جماعة الإخوان المسلمين وبين نظم الحكم المتتالية. فلتراجع الجماعة نهجها أو تقبل فقدانها أى نفوذ على السياسة والمجتمع فى مصر وربما فى الوطن العربى كله.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة

أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وعميد معهد الدراسات العربية