النبات بدلًا من الحيوان - سامح فوزي - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 11:39 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النبات بدلًا من الحيوان

نشر فى : الثلاثاء 11 أكتوبر 2022 - 7:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 11 أكتوبر 2022 - 7:50 م
نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تحقيقًا صحفيًا عن بدائل البروتين الحيوانى فى سنغافورة، وذلك فى مواجهة أزمة الغذاء العالمى. الموضوع ليس جديدًا. منذ سنوات بعيدة نلتقى بأشخاص يعلنون أنهم «نباتيون»، أى لا يأكلون اللحوم، ومنهم من يأكل فقط الأسماك. وفى الستينيات اتجه شخصان شقيقان فى بريطانيا إلى ترويج الطعام النباتى فى مطعم شهير فى منطقة «بادنجتون» وسط لندن، ثم قاما فى الثمانينيات بفتح مطعم للبرجر النباتى. وعادة يميل البعض إلى تجنب أكل اللحوم لأسباب دينية أو أخلاقية أو ظهور أبحاث علمية تربط بين استهلاك البروتين الحيوانى بانتشار بعض الأمراض، أو نتيجة كثرة الأوبئة التى تصيب الحيوان من آن لآخر، وأشهرها فى العقود الأخيرة مرض «جنون البقر». أما الآن فيبدو أن الأزمة الغذائية العالمية، والارتفاع المطرد فى أسعار اللحوم جعلا الناس يفكرون فى اتجاه البدائل النباتية للبروتين الحيوانى.
سنغافورة ــ البلد صغير الحجم الذى يناهز سكانه ستة ملايين نسمة ــ تتطلع إلى أن تغطى 30% من احتياجاتها من البروتين من مصادر نباتية غير حيوانية مع حلول عام 2030، وهناك رجال أعمال الآن يشيدون منشآت ومصانع لخدمة هذا الغرض، ويتوقع أن تصل حجم تجارة البروتين النباتى نحو 13 مليار دولار خلال سنوات.
وهناك فى صناعة البروتين النباتى مدارس متعددة، تعتمد جميعا على البذور المتنوعة، والنباتات فى خلطات متغيرة، تلعب البهارات ومُكسبات الطعم دورا أساسيا فيها. وتنطلق جميعا من اعتقاد أن الشخص فى العصر الحديث لا يريد أن يحرم نفسه مما يحب. الناس تحب «البرجر»، ومطاعم الوجبات السريعة تنتعش فى كل مكان بسبب إقبال الناس عليه، وبخاصة الأطفال والشباب، وبالتالى لا يجب معاداة أذواق المستهلكين، والعمل على تقديم «برجر نباتى» لهم. فعلت ذلك العديد من سلاسل تقديم الوجبات السريعة فى بقاع كثيرة من العالم، وبخاصة فى الهند، وبعض دول أوروبا. ومن علامات التحول فى فكر وأذواق المستهلكين فى الدول الغربية أن «الطعام النباتى» عرف طريقه إلى السوبر ماركت الكبير والصغير على السواء، رغم أنه أحيانا يكون أغلى ثمنًا من اللحوم.
يذكرنا ذلك بمرضى السكر، وهم بالملايين، الذين يقوم عليهم بيزنس خاص من تقديم الأطعمة والوجبات بما فى ذلك الحلوى الأقل اعتمادا على السكر، أو التى تقوم على السكر «الدايت». لا أحد يريد أن يعيش فى حرمان. تنطبق نفس الملاحظة على الأقباط فى فترات الصوم الطويلة، وبالأخص الصوم الكبير الذى يناهز الشهرين، هناك بيزنس الآن فى كل مكان يقدم لهم الأطعمة «الصيامى»، وبعضها يعتمد على بعض أشكال بدائل البروتين الحيوانى مثل صناعة برجر نباتى من فول الصويا، وبعض البذور الأخرى ومكسبات الطعم، أو الحلوى التى يجرى صناعتها دون استخدام أى بروتين أو دهن حيوانى.
نعود إلى العالم الذى يطور من نفسه، حسب تحقيق «واشنطن بوست»، فى اتجاه البحث عن بدائل لارتفاع أسعار البروتين الحيوانى، الذى بلغ ذروته خلال هذه الشهور حسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
هل يمكن أن نرى يومًا البروتين النباتى ينافس البروتين الحيوانى؟
لا أعتقد ذلك فى المدى المنظور، ولكن ما يشغلنى هو أمر أساسى أن العالم دائما يفكر، ويطور من نفسه، ويعيد الناس فى الدول المتقدمة النظر فى كل شىء بما فى ذلك أكلها اليومى، أما نحن فلا نعرف ذلك إلا فى أضيق الحدود، ولا نفكر فى تطوير أنفسنا.
سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات