«القدس لنا».. لم يعد الشعار كافيًا - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:27 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«القدس لنا».. لم يعد الشعار كافيًا

نشر فى : الإثنين 18 ديسمبر 2017 - 10:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 19 ديسمبر 2017 - 4:39 م
ظلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة، منذ مباحثات كامب ديفيد عام 1978، على الأقل، تراوغ وتناور انتظارا للحظة السانحة لإعلان انحيازها السافر إلى إسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وبالتالى لم يكن قرار ترامب سوى محصلة لسياسة هى بالأساس منحازة لتل أبيب وإن أوهم بعض الحكام العرب أنفسهم يوما بأن الولايات المتحدة يمكن أن تكون «وسيطا نزيها» فى عملية التسوية التى ظنها البعض سلاما فى وقت أريد لها أن تكون استسلاما فلسطينيا وعربيا كاملا.

ترامب إذن التعبير الأكثر فجاجة عن السياسة الأمريكية المنحازة منذ عقود لإسرائيل، والرجل لم يخدع أحدا، ولم يراوغ، كسابقيه، بل طبق برنامجه الانتخابى على الواقع ومن دون أى مواربة.

من هنا يجب أن يفيق المخدوعون، والذين لا يزالون يعتبرون أن 99% من أوراق اللعبة بيد الولايات المتحدة، لأنها فى هذه الحالة، وفى ظل موقفها الداعم لتل أبيب، لن تعطى العرب أى ورقة من تلك الأوراق ليلعبوا بها، وعليهم البحث عن أوراق وقواعد جديدة للعب، إذا كانوا جادين فى البحث عن حقوقهم ليس فى القدس وحدها بل فى فلسطين ذاتها. 

سيكرر البعض السؤال الدائم: وماذا بأيدى الفلسطينيين والعرب ليفعلوه؟ وسيكون السؤال متبوعا بحديث مطول عن حالة الضعف التى وصلنا إليها، و«المؤامرة» التى حيكت ضد العرب منذ وعد بلفور المشئوم الذى تصادف مرور مائة عام عليه، مع إعلان «وعد ترامب»، المكمل للمنظومة الاستعمارية التى زرعت إسرائيل فى قلب الوطن العربى لتكون بلطجيا يدافع عن مصالح الغرب فى المنطقة.

قيل أن ترامب اختار التوقيت الأنسب أمريكيا وإسرائيليا لتمرير «صفعة القرن» بإعلان القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيونى، وهذا حقيقى، غير أن الضعف الذى نمر به لم يصل بعد إلى حد الموات، أو ردود الفعل البليدة التى خرجت من هذه العاصمة العربية أو تلك، ولا إلى درجة «الشو الإعلامى» الذى اقتصرت عليه القمة الإسلامية فى إسطنبول، فلا يزال لدى العرب والمسلمين العديد من الأوراق يمكن استغلالها.

قرار ترامب لا يقل كارثية عن وعد بلفور، ولا عن إعلان قيام الدولة العبرية فى مايو 1948، وبالتالى يجب ألا يعيد البعض تشغيل أسطوانة الشجب والتنديد المشروخة، فهناك وسائل عديدة يمكن اللجوء إليها، وعلى سبيل المثال لم نر عاصمة عربية أو إسلامية واحدة لوحت بوقف تعاونها الأمنى مع واشنطن، ولم تعلن أى حكومة عن تخفيض فاتورة استيرادها من الولايات المتحدة، ولم تتخذ أى دولة عربية أو إسلامية قرارا بتخفيض تمثيلها الدبلوماسى، أو تستدعى سفيرا أمريكيا واحدا للتعبير عن احتجاجها.

نعم هناك احتجاجات شعبية حاولت حفظ ماء الوجه، وهناك من تظاهر فى الساحات على الرغم من القمع، كما عقدت الجلسات التى راحت تدافع عن الحق العربى فى فلسطين، كما حدث فى مجلس النواب المصرى الذى ارتدى بعض نوابه الأوشحة التى كتب عليها «القدس عربية»، وأعلن رئيسه الدكتور على عبدالعال أن «القدس لنا»، غير أن مثل تلك المساهمات تظل دون المستوى المطلوب فى مواجهة قرار ظالم يستهدف محو هوية القدس المحتلة وانتزاعها إلى الأبد.

يقول البعض: لم هذا الصخب على قرار ترامب إذا كان البيت كله «فلسطين» تحت الاحتلال؟!، وماذا تغير بإعلان إحدى الحجرات «القدس» غرفة للمعيشة؟ وهو سؤال يتجاهل أصحابه الدلالة الرمزية للمدينة المقدسة والتى يعنى سقوطها استباحة الكيان الصهيونى للمزيد من الأرض، وربما نجد قادته يطالبون فى القريب بالحصول على الأهرامات تحت لواء الأكاذيب الصهيونية المعروفة عن مساهمة مزعومة لليهود فى بناء قدس أقداس الحضارة المصرية القديمة.

خطورة ما فعله ترامب، ليس فى نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس فقط، بل فى تهيئة المناخ لتوجيه المزيد من الضربات لمنطقة لم يعد يعرف القائمون عليها من أين ستأتيهم الضربة الجديدة.

 

التعليقات