حول الحوار المجتمعى فى ملف الصحة - علاء غنام - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:54 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حول الحوار المجتمعى فى ملف الصحة

نشر فى : الإثنين 19 سبتمبر 2022 - 8:25 م | آخر تحديث : الإثنين 19 سبتمبر 2022 - 8:25 م
الحوار المجتمعى بشكل عام شىء إيجابى يستحق التفاعل وأن يؤخذ بجدية، فهو فرصة وخطوة ضرورية فى طريق المشاركة المجتمعية، ويجب أن تكون عملية دائمة ومستمرة عبر آليات حقيقية. وتزداد الأهمية فى الظروف الصعبة بطبيعة الحال.
وفى سياق ملف الصحة، إذا تم فتح نقاش عما يجب التحاور حوله، لا أجد أهم من تحديات تحقيق التغطية الصحية الشاملة وتطبيق منظومة التأمين الصحى الجديد، وتقييم جاد لما تحقق فى السنوات الأربع الماضية منذ إقرار القانون فى بداية عام 2018.
يجب أن يكون هناك إجابة (ونقاش مفتوح وحر) عن العديد من الأسئلة تحت لافتة تطبيق التأمين الصحى الشامل.
• هل هناك دراسة اكتوارية جديدة لتحديد نسب الاشتراكات بعد ما مر بالبلد والعالم من أزمة اقتصادية، وتخفيض لسعر العملة فى بلدنا، مع ملاحظة أن أغلب مشتريات القطاع الصحى بالدولار وبالتالى التأثير الخطير لتخفيض العملة على ميزانية التأمين الصحى الشامل، فالاشتراكات بالجنيه والشراء للمستلزمات والأدوية بالدولار. هل تم مراجعة هذا الأمر؟
• بعد مرور 4 أعوام، يجب أن يكون هناك مزيد ومزيد من الشفافية فى موازنة التأمين الصحى الشامل، كم مقدار ما تم جمعه من الضرائب على الصناعات الملوثة للبيئة والسجائر وخلافه؟
• هل زادت نسبة غير القادرين خصوصا مع الأوضاع الاقتصادية التى نشهدها؟ وبالتبعية من المفترض أن تزيد نسبة الدولة فى المشاركة.
العديد من الأسئلة غير واضحة فى تطبيق التأمين الصحى الشامل، ولا توجد سيناريوهات مخططة واضحة على الأقل منشورة علنا للتحاور. يجب أن يكون هناك عدة سيناريوهات لتطبيق القانون، وهو غير متحقق حتى الآن.
المحور الثانى، بجانب التأمين الصحى الشامل، تقييم أثر ما أطلق من مبادرات صحية رأسية عديدة وجدواها، وآليات البدء فى العمل على دمجها فى قاعدة النظام الأساسية للرعاية الأولية هيكليا وماليا.
ثالثا: النظر ومراجعة التشريعات الصحية القائمة وضرورة غلق فجواتها سواء بتعديلات فى بعض القوانين أو تفعيلها أو تأسيس قوانين جديدة لازمة مثل قانون المسئولية الطبية وحقوق المرضى.
ويأتى على رأس ذلك قانون المسئولية الطبية، فلقد مر أكثر من عشرين عاما تقريبا عند فتح هذا النقاش فى مصر، وحتى الآن لم نتقدم خطوة واحدة للأمام لتحقيق الحماية للمرضى ولأطقمنا الطبية أيضا.
رابعا: قضايا أوضاع الأطباء وباقى الفريق الصحى المتردية والتى تدفعهم للبحث عن عمل ملائم يوفر لهم حياة جيدة فى خارج البلاد، وتحديد وضعهم طويل الاجل فى إطار النظام التأمينى الجديد.
تجدر الإشارة إلى أنه لم يتم تعويض الأطقم الطبية ماليا حتى الآن بشكل عادل وكريم يوفر لأسرهم حياة جيدة، كالتى كان يوفرها لهم أطقمنا الطبية الذين ضحوا بحياتهم. فكما هو معروف فإن الطبيب أو الطبيبة، والممرض أو الممرضة، والعامل أو العاملة فى القطاع الصحى بشكل عام، عامل أساسى فى دخل بيته، فمعظمهم يعمل فى مهنتين وثلاث لتوفير دخل جيد، وحال وفاته ستعانى أسرته فى مصاريف المدارس وخلافه من لزوم المعيشة.
بالإضافة إلى ما سبق، تقييم نتائج المسح الصحى الأخير الذى أطلق فى أغسطس الماضى ودراسته بعمق والنظر إلى مخرجاته الهامة فى إطار ما تم إطلاقه منذ سبع سنوات تقريبا حول خطة مصر 20ــ30 للتنمية المستدامة ومدى ما تحقق منها وما هو مطلوب تعديله فيها بناء على نتائج المسح الصحى الأخير لتصبح أهدافها اكثر دقة وموضوعية.
وأخيرا النظر بدقة حول أخطار الاحتكار والاستحواذ فى المؤسسات الطبية الخاصة الاستثمارية وعالية الربحية كالمستشفيات الخاصة والمعامل ومراكز الأشعة وعلاقة ذلك بمستقبل نظام التأمين الصحى الشامل ومفاهيم الاستثمار فى الصحة.
وهذه النقطة حساسة وتحتاج لتوضيح، الشراكة مع القطاع الخاص بشكل عام لا يعارضها أحد، حتى بحكم موازين القوى، ولكن تحت أى شروط؟ الاحتكارات واستحواذ القطاع الخاص على نصيب الأسد من القطاع الصحى شديد الخطورة، وهو ليس استثمارا عاديا (بيزنس أو تجارة). فالحد الأدنى من الإدراك السليم الآن يقول إن الصحة ليست سلعة ولا يجب أن تكون مفاتيح النظام الصحى (مصادر القوة) فى يد القطاع الخاص. مثلها مثل التعليم. وكوفيدــ19 تجربة قاسية يجب أن نخرج منها بدرس أن القطاع العام هو من تحمل التكلفة الأكبر، والقطاع العام كان الخط الأول والملجأ الأول أمام الملايين من الطبقة الفقيرة حتى المتوسطة، لأن أسعار المستشفيات الخاصة التى نشهدها الآن لا يقدر عليها إلا فئة قليلة محدودة للغاية من المجتمع. فوجود قطاع عام قوى، وإدارة صحية حكومية منظمة قوية وعادلة أيضا، لا تتهاون مع الاحتكار، ليس رفاهية بأى حال من الأحوال.
فى الخلاصة، ربما يتولد عن الحوار الوصول لحلول وسط، على سبيل المثال قانون المسئولية الطبية العالق لمدة عشرين عاما، والاقتناع بضرورة حل مشاكل أخرى مثل أجور الطواقم الطبية شديدة التواضع، وعدم تعويض الضحايا بشكل لائق حتى الآن، الصحة أحد المحاور التى ترتبط مباشرة بأوجاع واحتياجات المواطنين والمواطنات الفعلية التى انكشفت بعمق فى السنوات الأخيرة، ويمكن لجميع الأطراف تقديم حلول والتشارك فيها دون التوتر الذى يصاحب ملفات أخرى معقدة. وبالطبع الجميع يريد ويتمنى تحسين الوضع الصحى، المطلوب فقط الحوار الجاد الفعال والملزم بمخرجاته والاستماع للتوصيات والآراء العديدة من المجتمع.
علاء غنام مسئول الحق فى الصحة فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وخبير فى إصلاح القطاع الصحى
التعليقات