ربما المطلوب هجوم محدود لكسب الوقت - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 7:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ربما المطلوب هجوم محدود لكسب الوقت

نشر فى : الجمعة 21 أبريل 2023 - 8:00 م | آخر تحديث : الجمعة 21 أبريل 2023 - 8:00 م
تسعة رؤساء للحكومة الإسرائيلية، من إسحاق رابين وصولا إلى بنيامين نتنياهو، حلموا بهجوم أمريكى ينهى البرنامج النووى الإيرانى. خمسة من الرؤساء الأمريكيين، من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، من بيل كلينتون وصولا إلى جو بايدن، بددوا هذه الآمال. وفى المستقبل أيضا، يبقى احتمال حدوث عملية عسكرية أمريكية ضئيلا ومحدودا، وكسيناريو أقصى. الولايات المتحدة تركز على مشكلاتها الداخلية، وعلى التهديدات من الصين وروسيا، وعلى أزمة المناخ. ولا وقت لديها لمواجهة تحديات كبيرة أُخرى إلا إذا فُرضت عليها.
ووفقا للتقارير، مؤخرا، بعثت الولايات المتحدة برسائل إلى إسرائيل بشأن نيتها التوصل إلى حل سياسى مع إيران، على الرغم من كل شىء، بصورة اتفاق مؤقت يعتمد على رفع جزئى للعقوبات فى مقابل تجميد تخصيب اليورانيوم تحت الدرجة العسكرية 60%. هذه الحقيقة تطرح من جديد مسـألة قدرة إسرائيل على العمل بصورة مستقلة لإحباط البرنامج النووى. فى بداية الألفية الثالثة، كان من الممكن التفكير فى مصطلحات القضاء على البرنامج النووى، لكن منذ ذلك الوقت، راكمت إيران معرفة لاستئنافه خلال وقت قصير جدا، حتى بعد الهجوم عليه.
وفى الواقع، توجد بدائل أُخرى. والمقصود مخاطرة ليست صغيرة، ويجب القيام بها بعد استنفاد كل الوسائل، وبعد أن توشك إيران على تخطّى العتبة النووية. فالعقيدة الأمنية الإسرائيلية اعتمدت دائما على مزيج من الردع والحسم العسكرى، عندما يكون الهدف كسب الوقت. ونادرا ما نجحنا فى وضع حد للتهديدات. الهجوم على المفاعل النووى فى العراق فى سنة 1981 أدى إلى تأجيل البرنامج النووى سنوات معدودة فقط، إلى أن دمرته حرب الخليج من جديد. ومن المعقول أن سورية تسعى لاستئناف العمل فى برنامجها النووى الذى أحبطته إسرائيل فى سنة 2007. فى هاتين الحالتين، كما فى الحروب ضد الدول العربية، حققت إسرائيل الأهداف التى وضعتها لنفسها، وفى محورها كسب الوقت.
أيضا فى الحالة الإيرانية، ستضطر إسرائيل إلى الاكتفاء، على ما يبدو، بالسعى لكسب وقت محدد. ليس من الضرورى أن يكون الهدف الحقيقى، كما تتخوف منه الولايات المتحدة، جرّها إلى حرب، بل تعزيز قدرة المجتمع الدولى على اتخاذ خطوات دبلوماسية واقتصادية حاسمة. إن الحافز الذى سيدفع الأطراف إلى التوصل إلى اتفاق يمكن أن يكون الخوف من هجوم إسرائيلى آخر إذا استأنفت إيران برنامجها. ومن أجل القيام بعملية محدودة من هذا النوع، فإن قدرات إسرائيل كافية بالتأكيد.
يوجد فى الولايات المتحدة افتراض أن عملية عسكرية إسرائيلية ستؤدى إلى مواجهة إقليمية واسعة النطاق. يجب عدم تجاهُل مثل هذه الإمكانية والاستعداد لمواجهتها، لكن احتمال حدوثها ضئيل. ومن المتوقع أن يكون الرد الإيرانى عليها مدروسا، ومن المحتمل ألّا تتطور الأمور وتخرج عن حدود هجوم محدود على أهداف متفرقة تابعة للولايات المتحدة، أو دول الخليج. إيران دولة متطرفة، لكنها ليست دولة انتحارية، وهى تدرك جيدا موازين القوى. وفى سيناريو تخاطر فيه بالدخول فى حرب ضد إسرائيل، فإن الدخول فى نزاع عسكرى حقيقى مع الولايات المتحدة هو آخر ما ترغب فيه.
ومن أجل سيناريو كهذا ــ مواجهة كبيرة مع إسرائيل ــ إيران زودت حزب الله بمخزون هائل من الصواريخ والمسيّرات والوسائل القتالية المتطورة. ومن أجل هذا الغرض، هى تبنى قدرات فى سورية، ونصبت صواريخ فى العراق واليمن. ومثل هذه المواجهة يتلاءم أكثر مع سياسة إيران، ويمكن أن يُستقبل بصورة جيدة فى الداخل الإيرانى، وفى الساحتين الإقليمية والدولية. وقد تجد إسرائيل نفسها فى مواجهة على عدد من الجبهات فى آنٍ معا، ومن المتوقع أن تتعرض الجبهة الداخلية لدمار بأحجام لم نشهدها من قبل.
وفى الواقع، فقط اتفاق سياسى، ولو كان ممتلئا بالشوائب، يمكن أن يؤدى اليوم إلى تأجيل مهم فى البرنامج النووى. وكالعادة، المقصود اختيار البديل الأقل سوءا. فإسرائيل غارقة فى أخطر أزمة داخلية فى تاريخها، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذى وعد بوضع إيران على رأس سلّم أولوياته، مشغول بمحاولة إنقاذ نفسه من حكم المحكمة. وأوضح طيارون واحتياطيون أنهم لن يخدموا حكومة تقوّض الديمقراطية. الشعب منقسم. السعودية والإمارات استأنفتا علاقاتهما مع إيران، ومصر على الطريق، والمحور الإقليمى الذى كانت إسرائيل تطمح إلى بنائه يتفكك. علاقات إيران بالصين وروسيا تتعمق، والأزمة فى علاقتنا بالولايات المتحدة عميقة. كل الاستراتيجيا التى بناها نتنياهو انهارت.
عندما تحين ساعة الحقيقة، وعندما تُستنفد كل البدائل، من المعقول أن تجد إسرائيل نفسها وحيدة فى مواجهة إيران. حينئذ، لن يكون أمامها من خيار سوى التحرك عسكريا، والأمل بأن تنجح فى تحريك العمليات السياسية المقترحة. لا يمكن توقُّع كل شىء مسبقا. لكن يجب أن يكون واضحا أن المقصود سيناريو سيئ، بينما البديل الآخر ــ السماح لإيران بأن تصبح نووية ــ هو أكثر سوءا بكثير.
باحث فى معهد دراسات الأمن القومى
تشاك فرايليخ
يديعوت أحرونوت
مؤسسة الدراسات الفلسطينية
التعليقات