يا أخي كسر هيبتك! - بلال فضل - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 4:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يا أخي كسر هيبتك!

نشر فى : الإثنين 1 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 1 أبريل 2013 - 2:46 م

سألتني مراسلة القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية عن تعليقي على قرار النائب العام بضبط وإحضار الساخر الجميل باسم يوسف بتهمة إزدراء الدين الإسلامي وإهانة رئيس الجمهورية وما إذا كان يمثل تطورا في سعي النظام الحاكم لتقييد حرية التعبير، فأجبت أنني أعتقد أن القرار يعبر عن مشاعر الغيرة التي تنتاب الدكتور محمد مرسي من الدكتور باسم يوسف، لأن باسم يضحك معه المصريون، بينما يضحكون على مرسي وطريقته الفاشلة في إدارة البلاد، أما عن تهمة إزدراء الدين الإسلامي فأنا أعتقد أن الإزدراء الحقيقي للإسلام هو أن يتم وضعه في قضية واحدة مع سياسي كذب على ناخبيه وأخلف وعوده لهم وأهان الثورة التي تعهد بتحقيق أهدافها، فضلا عن تحمله مسئولية قتل مواطنين مصريين لم يحفظ أرواحهم ويحقن دماءهم.

 

كالعادة، بعد أن قلت هذا الرأي وكتبته على حسابي بـ (تويتر) تلقيت سيلا من الشتائم واللعنات وإتهامات التكفير والخيانة، لكنني توقفت فقط عند رسائل مهذبة يعبر أصحابها المنتمون إلى جماعة الإخوان عن حزنهم لأنني مستمر بما أكتبه في المساهمة في كسر هيبة الرئيس المدني المنتخب الذي دعمت إنتخابه، وليس عندي ما أقوله لهؤلاء سوى أنهم كشأن الكثيرين من أبناء وطننا لا يذكرون للكاتب إلا ما يروق لهم من كتابته، ويقومون بتجاهل وإسقاط ما لايعجبهم منه كأنهم لم يقرأوه وكأنه لم يكتبه، ولذلك فهم يتناسون أنني عندما فاز مرسي بالرئاسة كتبت على حسابي في (تويتر) ثم في هذه الصحيفة بتاريخ 19 يونيو 2012 «مع إعلان النتائج الرسمية بفوز مرسي ينتهي فورا مفعول تأييدي له، وتنتهي معه أبوخ فترة في حياتي، لأعود كما كنت، كاتبا معارضا مشاغبا يتفنن في التنكيد على الرئيس ولو كان منتخبا. مبروك للثورة المصرية إنتصارها الرمزي الشكلي بإيصال واحد من الشعب إلى مقعد الرئاسة، وعقبال الإنتصار في المعارك القادمة الأشرس من أجل بناء دولة وطنية متقدمة أكبر من وصاية المشير والمرشد، طموحها بحجم تضحيات الشهداء والجرحى والمعتقلين، وخيالها بإتساع أحلام الثوار».

 

ليس ذلك فحسب، فقد كتبت بتاريخ 27 يونيو 2012 في صفحَتَي (المعصرة) اللتين أقدمهما أنا وصديقي عمرو سليم كل أربعاء مقالا بعنوان (هيا بنا نكسر هيبة الرئيس المنتخب)، قلت فيه بالنص» كسر المصريون رقبة هيبة الرئيس المنتخب قبل أن ينتخبوه، وأولى بهم أن يستمروا في كسر هذه الهيبة مرارا وتكرارا، إذا أرادوا له ألا يكون الرئيس المنتخب الأول والأخير. ستسمع نغمة خبيثة تتكرر بشدة في الأيام المقبلة: «لا يصح أن نعامل الرئيس المنتخب بنفس الطريقة التي تعاملنا بها مع الرئيس الفرعون المفروض علينا بقوة القمع والتزوير.. ينبغي أن نستعيد هيبة الدولة بأن نحصن الرئيس المنتخب من السخرية والنقد اللاذع ونعامله بما يستحقه منصبه من إحترام وتوقير»، بالطبع لن يستطيع مرددو هذه النغمة من عَبَدة كل السلاطين وهواة جمع الفراعين سواءا كانوا يتسربلون بإسم الوطنية أو بإسم الدين، أن يتشطروا على ملايين الألسنة الحرة التي ستلاحق الرئيس بالسخرية والنقد اللاذع على شبكات التواصل الإجتماعي بين عشية وضحاها، إلى أن يجدوا وسيلة ناجعة للتحكم في تلك الشبكات، وبالتالي سيلجأون إلى زبونهم المفضل للقمع «الكتاب والفنانون ومقدمو البرامج» الذين سيكونون في إعتقادي المحك الحقيقي لإختبار ما إذا كانت ثورة يناير قد أنهت عقلية التعامل الفرعوني مع منصب الرئيس وشخصه أيضا، وما إذا كانت النصوص القانونية المطاطية التي تحصن هيبة الرئيس وتصونه عن النقد ستستخدم ضد معارضي أول رئيس تجلسه دماء الشهداء على منصبه».

 

وأضفتُ قائلا في مقالي الذي نُشر قبل أشهر من ظهور الموسم الثاني من برنامج باسم يوسف الرائع «ربما ستكون مهمة الصحافة المكتوبة أسهل لأنها بدأت خوض معركة كسر هيبة الرئيس قبل سنوات طويلة.... لكن علينا أن نعترف أن تاثير الصحافة المكتوبة بحكم إنتشار الأمية في بلادنا وبسبب إنخفاض معدلات قراءة الصحف سيظل محدودا برغم أهميته وتأثيره السياسي وبرغم ماتعطيه له شبكات التواصل الإجتماعي من زخم بفضل اللينكات والبوستات، وسيظل الإمتحان الحقيقي لمدى وجود ديمقراطية حقيقية في مصر مرهونا بأن نرى برنامجا تلفزيونيا كوميديا مثل برنامج (ساترداي نايت لايف) الأمريكي الشهير يسخر مقدموه وممثلوه من الرئيس بكل جرأة وصراحة بل وبكل وقاحة إن لزم الأمر، وأن نرى أفلاما سينمائية تتحدث عنه بكل شجاعة مثلما رأينا المخرج الأمريكي أوليفر ستون يخرج فيلما عن الرئيس الأمريكي الأهطل جورج دبليو بوش خلال فترة حكمه وليس بعد خروجه من دائرة السلطة، وأن نرى نقدا له بالإسم في حوارات المسلسلات التلفزيونية دون أن يمتد مقص الرقيب إلى ذلك النقد اللاذع بالختان أو حتى بالتشذيب، وأن نرى معرضا فنيا تشكيليا تتناول لوحاته سياسات وشخص الرئيس بالنقد والتشريح بكل شجاعة وجرأة».

 

هذا بعض ما قلته عقب أيام من إنتخاب مرسي الذي كان الملايين ممن انتخبوه إما عن إقتناع أو عن اضطرار يتمنون له وقتها كل الخير والتوفيق، فهل يعقل أن أقوم أنا وغيري بمهادنة مرسي الآن بعد أن كذب على ناخبيه وأخلف وعوده وتلطخت يداه بدماء مصريين بعضهم ممن انتخبوه وصدقوه وانطلقت داخليته لتعيث في الأرض قمعا وإنتهاكا، لمجرد أن الإخوان حزانى على هيبة الرئيس التي يقوم مرسي نفسه بمرمطتها كل يوم منذ أن بدأ مشواره مع الباطل بإعلانه الدستوري الكريه، بالطبع لن أقول لهؤلاء ما قاله مرسي «وقعة في ركبكم»، بل سأطلب منهم أن يوقظوا ضمائرهم ويقولوا لمرسي قولة حق عند سلطان خائر «يادكتور مرسي تخلص من خيبتك تفرض هيبتك».

 

belalfadl@hotmail.com