مصر فى قبضة الإرهاب - أحمد يوسف أحمد - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 2:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر فى قبضة الإرهاب

نشر فى : الخميس 8 أغسطس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 8 أغسطس 2013 - 8:00 ص

أكتب هذا المقال الذى يُفترض أن ينشر أول أيام عيد الفطر وأتمنى عندما يُنشر أن ينسف ما فيه نسفا فلا يبقى من قيمته سوى أنه تسجيل لظروف استثنائية تمر بها مصر. بدأت هذه الظروف بثورة شعبية ناجحة تكاد أن تكون غير مسبوقة من حيث المشاركة الجماهيرية فيها وانحازت القوات المسلحة للثورة بعد أن تبينت أصالتها وحددت مهلة 48 ساعة للاستجابة لمطالبها فلما مرت المهلة دون أن يحدث شىء تشاورت القيادة العامة لهذه القوات مع رموز الوطن السياسية والدينية وقامت بعزل رئيس الجمهورية وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا مؤقتا للجمهورية وتعطيل الدستور تمهيدا لتعديله. لم يصدق الإخوان المسلمون أن حلم السلطة الذى ناضلوا من أجله خمسة وثمانين عاما يتبدد بهذه السهولة فتمسكوا بشرعية الوضع السابق وهذا حقهم وقرروا الاعتصام فى ميدان رابعة العدوية ولاحقا فى ميدان نهضة مصر مع كل الأضرار التى أصابت سكان منطقة رابعة وطلاب جامعة القاهرة وهذا ليس حقهم. ثم بدا لهم أن الاعتصام والتظاهر غير كافيين فلجأت جماعات منهم تخرج من مكان الاعتصام لإغلاق الطرق الحيوية وترويع المواطنين وتخريب ممتلكاتهم وصولا إلى حد القتل الأمر الذى أدى إلى ردود فعل شعبية ضدهم وحدوث مواجهات بين الجانبين أكثر من مرة، ويضاف إلى ما سبق أعمال الاعتقال والتعذيب والقتل، التى تعرض لها من تشكك معتصمو رابعة فى ولائهم وأسباب وجودهم داخل الاعتصام ناهيك عما كشفته الأزمة من وجه قبيح لتنظيم الإخوان تمثل فى رعايتهم الإرهاب فى سيناء وأعمال العنف ضد الأقباط.

●●●

قد لا يكون ما سبق غريبا أو غير متوقع لكن المفاجأة تمثلت فى الموقف الرخو للحكومة إزاءهم فلا عقاب إلا فيما ندر للقائمين بالأعمال السابقة، وربما أدى هذا الموقف إلى مزيد من تشددهم فكان مطلبهم هو عودة الرئيس المعزول وكأن شيئا لم يكن وكأن ثورة الملايين من أجل إسقاطه كانت عبثا، وبدلا من أن تقوم الدولة بدورها فى مواجهة الإرهاب كثر الحديث عن المصالحة، فهل تكون المصالحة مع الإرهاب؟ وحتى إذا تمت مصالحة مع عقلاء تنظيم الإخوان من يضمن لنا أن يأتمر الجناح الإرهابى فيه بأمر هؤلاء العقلاء؟ وأين دور الرأى العام وموقفه من هذه المصالحة؟ ثم إننا نوافق على عدم إقصاء أحد ولكن بأى كيفية؟ ويضاف إلى ما سبق أن الثورة لم تقم من أجل مصالحة وإنما سعيا لبناء نظام سياسى جديد مغاير لذلك الذى حدد دستور 2012 ملامحه فنحن نريد العودة إلى نظام بلا أحزاب دينية.

ولعل الاستثناء الوحيد فى المواجهة الرخوة من الدولة للإرهاب هو دفاع القوات المسلحة عن دار الحرس الجمهورى، لكن اللافت أن زعماء المعارضة وكذلك أولئك الذين أتت بهم الثورة إلى مواقعهم قد سارعوا للمزايدة على القوات المسلحة مبدين حزنهم وأسفهم لإراقة الدماء ومطالبين بتحقيق فورى فى إطار من الشفافية الكاملة، وكل هذه مواقف سليمة لكن المرء كان يتمنى أن يقول هؤلاء شيئا عن الإرهاب اليومى الذى تمارسه جماعة الإخوان المسلمين، ولعل هذا هو ما دفع السيسى للمطالبة بنزول الثوار إلى الشارع يوم الجمعة 26 يوليو لإعطائه تفويضا وأمرا «لمواجهة العنف والإرهاب المحتمل». وقد جاءت النتيجة مبهرة عكس تخوفات البعض وانتظر الجميع حسما سريعا ثم شاء سوء الحظ أن تقع أحداث المنصة التى قتل فيها العشرات، وهو أمر يدمى القلوب لكن أحدا لم يهتم بالإشارة إلى أن الإخوان هم الذين بادروا بالأحداث، وبعد ذلك أخذ الكل يتحدث عن فض الاعتصامات دون لجوء إلى القوة وهذا هو الوضع المثالى، ولكن لنفترض أن المعتصمين مسلحون وهذا هو الواضح واستخدموا أسلحتهم ضد قوات فض الاعتصام فهل تدير هذه القوات خدها الأيسر بعد ذلك؟. لا أحد يتمنى إراقة نقطة دماء واحدة فى فض الاعتصامات أو غيرها ولكن يجب أن يكون هناك ثمن فى حالة استخدام القوة ضد الشرطة والقوات المسلحة وإلا استغل المعتصمون هذه الرخاوة فى مزيد من التحصين لمواقعهم.

●●●

ثم نأتى للتدخل الدولى فى الشأن المصرى وهو تدخل يعطى الانطباع بأن مصر أصبحت دولة بلا قرار، ونذكر أن المتدخلين فى مصر حاليا والذين يلطمون الخدود بسبب عدم احترام شرعية الصناديق ويلوحون بحجب مساعدات عن مصر سبق لهم أن رفضوا «شرعية الصناديق» الفلسطينية فى انتخابات 2006 لأنها أوصلت حماس للحكم وفرضوا على غزة حصارا غير إنسانى، وهم يشنون حربا شعواء على القاعدة وجميع التنظيمات المتطرفة وفجأة يستميتون فى الدفاع عن الإخوان المتحالفين مع حماس ولا يلتفتون إلى العنف والإرهاب فى سيناء وغيرها الذى يشارك فيه تنظيم القاعدة ويرفع أعلامه على الكنائس المصرية ويقتل الأقباط الذين طالما ادعوا الدفاع عنهم. وكمجرد مثال على فجاجة التدخل الدولى فلنعلم أنه فى الوقت الذى كانت فيه وزارة الداخلية تقول إنها بدأت خطة تصفية الاعتصامات كانت هناك وساطة دولية رباعية شارك فيها المبعوثان الأمريكى والأوروبى ووزيرا خارجية الإمارات وقطر، وبالإضافة إلى رفض الوساطة الدولية من حيث المبدأ كيف تشارك فيها قطر التى مهدت إعلاميا لسرقة ثورة يناير من قبل الإخوان المسلمين وتتبنى منذ ثلاثين يونيو وجهة نظر متحيزة مائة بالمائة ضد الثورة وتداعياتها؟.

حفظ الله مصر

 

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة

ومدير معهد البحوث والدراسات العربية

أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وعميد معهد الدراسات العربية