بهلونات سيرك السياسة الجديد - محمد سعد عبدالحفيظ - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 3:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بهلونات سيرك السياسة الجديد

نشر فى : الأحد 18 أكتوبر 2015 - 7:55 ص | آخر تحديث : الأحد 18 أكتوبر 2015 - 4:21 م

كان المشهد أقرب إلى سيرك يمارس فيه «بهلونات» السياسة أدوارا تم الاتفاق عليها سلفا، بهدف تسلية المشاهد وتخديره، بعد أن تم حشده إلى الخيمة، بدعوى «الاستقرار ودوران عجلة الإنتاج».. فهذا يرفع الأذان فى أول جلسة انعقاد، وذاك يحرف القسم الدستورى «بما لا يخالف شرع الله»، ليرد عليه ثالث «بما لا يخالف مبادئ الثورة».

صُدم المصريون بأداء نواب أول برلمان منتخب بعد ثورة 25 يناير، فبالرغم مما شاب معركة انتخابات هذا المجلس من تجاوزات وخروقات واستقطاب سياسى ودينى، إلا أن المواطن علق عليه آماله فى إنهاء حالة الانفلات التى سادت الشارع.. لم يقنع المواطن بما شاهده، وأصابه الإحباط بعدما تابع جلسات «التهريج» النيابى، ولم تتجدد إلا بعد سقوط برلمان الجماعة ثم حكمها ودستورها فى 30 يونيو.

وثق الناس فيما جاء فى بيان 3ــ7 الذى أعلنه الفريق عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع حينها، وعُزل بمقتضاه الرئيس الأسبق محمد مرسى، وعُطل العمل بالدستور الإخوانى، البيان تعهد بـ «بناء مجتمع مصرى قوى ومتماسك لا يقصى أحدا من أبنائه وتياراته وينهى حالة الصراع والانقسام».

سياسة «التكويش» التى أتبعها الإخوان بعد وصولهم إلى الحكم، وأقصاء باقى القوى التى شاركت فى 25 يناير، انتهت بسقوطهم وعودتهم مرة أخرى إلى السجون.

فى خطاب تسلمه السلطة تعهد الرئيس عبدالفتاح السيسى بالعمل على تحقيق آمال وتطلعات الشعب وببلورة أهداف ثورتيه، مشددا على ضرورة خلق واقع «من خلال مسيرة وطنية جامعة.. يستمع فيها كل طرف للآخر.. بتجرد وموضوعية».. مر نحو عام ونصف على إلقاء هذا الخطاب فى قصر الاتحادية، وخلال تلك الشهور شهدت الساحة حالة من الردة على كل أحلام 25 يناير من «ديمقراطية، وتعددية، وتداول سلطة، واحترام قانون ودستور»، وتحول روادها مع الوقت إلى «نكسجية» تم اخراجهم عمدا من المشهد وفرض عليهم الانزواء والصمت أو الرحيل.. فى المقابل تسلل إلى سطح الأحداث «بهلونات» العهد القديم، من رجال مبارك ومعارضيه الكومبارس، كما تشكلت مجموعات مصالح جديدة من رجال أعمال وإعلاميين قرروا لعب دور سنيد النظام.

أصبح الهم الأساسى للنخب السياسية الجديدة والقديمة، تأييد الرئيس فى كل قرارته وتوجهاته، للدرجة التى تعلن فيها الأحزاب المتنافسة على مقاعد البرلمان والتى من المفترض أن تكون شريكا للرئيس فى إدارة الدولة، عن تنازلها عن صلاحيتها الدستورية «حبا وكرامة».. فهذا التحالف رفع شعار «تغيير الدستور»، بعد أن تحفظ السيسى على بعض مواد «دستور النوايا الحسنة»، وهذه القائمة أعلن منسقها العام عن دعمه لاستمرار حكومة شريف إسماعيل بعد ما أعلن الرئيس أنه سيطرحها لتنال ثقة البرلمان المقبل، وزايد عليه آخر ليؤكد أنه فى حال فوز قائمته، فستوافق على كل القوانين التى صدرت منذ 3ــ7 ــ2013، قبل انتهاء المهلة الدستورية «15 يوما من انعقاد أول جلسة للبرلمان»، «وبعدين نناقشها».

لن تفرز المعركة الانتخابية الدائرة برلمانا معبرا عن قوى المجتمع، بعد أن تمت هندسة العملية الانتخابية، ووضع المُشرع قواعد لا تسمح بوجود معارضة حقيقة، وسينتهى بنا الحال إلى سيرك جديد يقدم عروضه تحت القبة، يتبارى فيه «بهلونات السياسية» الجدد لأرضاء السلطة التنفيذية، والبصم على كل قرارتها ومشروعات قوانينها.

إقصاء الحزب الوطنى لمعارضيه وتأميم برلمان 2010 لصالحه انتهى بخلع مبارك، و«تكويش» الإخوان على البرلمان والجمعية التأسيسية للدستور والحكومة، أعادهم إلى السجون.. والانقلاب على العهود وغلق الباب أمام المخالفين لن يمر دون ثمن.



محمد سعد عبدالحفيظ
Saadlib75@gmail.com

التعليقات