تطوير العلاقات اليابانية العربية - رخا أحمد حسن - بوابة الشروق
السبت 11 مايو 2024 3:11 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تطوير العلاقات اليابانية العربية

نشر فى : الثلاثاء 19 سبتمبر 2023 - 7:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 19 سبتمبر 2023 - 7:45 م

لوحظ فى الفترة الأخيرة سعى اليابان الحثيث من أجل تعزيز وتطوير علاقاتها مع الدول العربية بصفة عامة ودول مجلس التعاون الخليجى بصفة خاصة، لما تمثله علاقاتها معهم من أهمية بالغة، سواء فى مجال إمدادها بالطاقة التقليدية، البترول والغاز المسال، أو فى مجال التجارة والاستثمار فى قطاعات الصناعة، والنقل، وتكنولوجيا المعلومات. وقد شهدت السنوات الأخيرة توافد كبار مسئولى الدول الكبيرة، الولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا، ودول الاتحاد الأوروبى، على المنطقة العربية، وتتابع عقد مؤتمرات على مستوى القمة، والمستوى الوزارى، وذلك تعزيزا للعلاقات بينهم والدول العربية فى جميع المجالات، وفى إطار ما يسود العالم حاليا من إعادة صياغة توازنات القوى الدولية، ومن ثم أرادت اليابان أن تكون مواكبة لهذا التطور والإقبال المتزايد على دول المنطقة.
اتبعت اليابان فى تعزيز علاقاتها مع الدول العربية أسلوبا هادئا ومتوازنا وعلى مراحل حتى لا تبدو وكأنها ضمن المتنافسين مع الولايات المتحدة الأمريكية، حليفها الرئيسى، على ملء الفراغات التى نتجت عن تراخى أو تقاعس السياسة الأمريكية عن التجاوب الإيجابى مع مطالب الدول العربية، خاصة فى المساهمة الفعالة فى إيجاد حلول للقضايا والأزمات العربية التى أنهكت قوى دول المنطقة وأثرت سلبيا على الأمن والاستقرار لفترة طويلة.
• • •
وقد عقدت ــ فى هذا السياق ــ الدورة الثالثة للحوار الوزارى العربى اليابانى على مستوى وزراء الخارجية فى مقر جامعة الدول العربية فى القاهرة يوم 5 أغسطس 2023 برئاسة مشتركة لكل من وزير الخارجية المصرى سامح شكرى ووزير الخارجية اليابانى يوشيماسا هاياشى، بمشاركة وزراء الخارجية العرب وبحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية، حيث تم بحث وتبادل وجهات النظر والمواقف بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك على المستويين الإقليمى والدولى والقضايا والأزمات العربية، والعلاقات العربية اليابانية فى جميع المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثماراتية والأمنية والصحية والسياحية.
صدر بيان مشترك عقب الاجتماع تضمن اتفاق الجانبين على تعزيز التعاون العربى اليابانى والانتقال به إلى آفاق أوسع تشمل العلاقات الثقافية والتعليمية، والتنموية، وحماية البيئة، ومجالات الطاقة، والتطلع لعقد الاجتماع المقبل للمنتدى الاقتصادى اليابانى العربى فى اليابان فى عام 2024. والعمل على إرساء ثقافة التضامن الإنسانى باعتبارها ركيزة تصون الأمن والسلم الدوليين. وضرورة العمل المشترك لمواجهة التحديات الدولية المختلفة، بما فيها مكافحة الإرهاب، وتحقيق التنمية المستدامة، وأمن الطاقة، والاستجابة اللازمة لتحقيق الأمن الغذائى. وتثمين المساعدات التى تقدمها اليابان للدول العربية، وأهمية الحفاظ على السلم والأمن والاستقرار الدوليين، وتعزيز الحل السلمى للنزاعات، ودعم حظر التهديد لانتهاك ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولى، وتكثيف الجهود لإيجاد حلول سياسية للقضايا الإقليمية وفقا لقرارات الأمم المتحدة، والاتفاقات ذات الصلة. والعمل على تحقيق سلام دائم وعادل فى الشرق الأوسط، ينهى الاحتلال الإسرائيلى لكافة الأراضى العربية والفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فى ذلك القدس الشرقية، والجولان السورى المحتل، وحل جميع قضايا الوضع الدائم بما فى ذلك قضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومبادرة السلام العربية، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وتطبيق حل الدولتين (تحفظ العراق على مصطلح حل الدولتين). وعدم شرعية الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية والتى يجب على إسرائيل وقفها بالكامل وأن تمتثل لقرارات الأمم المتحدة. وأهمية الحفاظ على الأماكن المقدسة فى القدس الشرقية. والإعراب عن القلق لتدهور الوضع الإنسانى فى قطاع غزة، وإنهاء الإغلاق الإسرائيلى المفروض على الأفراد والبضائع، والعزم على مواصلة تقديم الدعم السياسى والاقتصادى للفلسطينيين، والإشادة بدعم اليابان طويل الأمد للفلسطينيين من أجل تحقيق الاستقلال الاقتصادى والسلام والازدهار والتنويه بالتقدم الذى تحقق فى المنطقة الصناعية والزراعية فى أريحا بدعم يابانى. وضرورة توفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين، وأهمية دور الوكالة الدولية لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وضرورة دعمها ماليا للقيام بمهامها. وقد أحيط المجتمعون علما بتطلعات فلسطين للحصول على العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة (حيث يدركون أن الفيتو الأمريكى سيحول دون ذلك) لذا اكتفى بالإحاطة.
وأكدوا على الالتزام بوحدة لبنان وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما فى ذلك القرار 1701. وأكدوا على أهمية الحفاظ على الأمن المائى لجميع الدول العربية، ولاسيما تلك التى تعانى من مشكلات ندرة مائية، وضرورة التزام جميع الدول التى تتقاسم الأنهار بالتزاماتها وفقا للأطر القانونية الملزمة بموجب الاتفاقات وقواعد القانون الدولى المعمول بها، وضرورة تفاوض تلك الدول بحسن نية للوصول لاتفاقات عادلة ومتوازنة وملزمة، تحفظ حقوق جميع الأطراف وفقا للقانون الدولى، وتمنع اتخاذ قرارات أحادية من شأنها تقويض المفاوضات أو تهديدها.
وقد عقد على هامش الحوار الوزارى اليابانى العربى أول حوار على المستوى الوزارى الثلاثى بين مصر والأردن واليابان، حيث جرى بحث العلاقات المشتركة بين الدول الثلاث وكيفية العمل على تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمار، والتعاون فى مجال النقل والمواصلات والطاقة الخضراء، ومدى إمكانية مساهمة اليابان فى التعاون الثلاثى بين مصر والأردن والعراق، خاصة فى مجال الطاقة.
كما عقد وزير الخارجية اليابانى مباحثات فى مصر مع الرئيس السيسى، ووزير الخارجية سامح شكرى، تناولت العلاقات الثنائية فى مجالات التجارة والاستثمار والطاقة الخضراء والنقل. هذا إلى جانب التشاور بشأن الأزمة فى السودان وليبيا والاستئناس برأى مصر فى هذا الشأن والأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة وأن موقف اليابان متوافق إلى حد كبير مع الموقف الأمريكى ودول الناتو.
عقب ذلك، توجه وزير الخارجية اليابانى إلى السعودية للمشاركة فى اجتماع الحوار الوزارى اليابانى الخليجى مع مجلس التعاون الخليجى، حيث اعتمد الوزراء خطة عمل مشتركة للفترة من 2024ــ2028، تركز على التعاون فى مجالات الطاقة الخضراء النظيفة على ضوء توجه دول الخليج العربية لمصادر الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر. ووجود تطابق فى مواقف الجانبين من مجمل القضايا الإقليمية والدولية وأهمية إيجاد حلول سلمية للتحديات الماثلة. والعمل على التوسع فى المشروعات للقطاع الخاص، وتحرير التجارة بين الجانبين مما سيشجع على زيادة حجم وتوسيع فرص التجارة. وأوضح وزير خارجية اليابان أن المشاركة بين اليابان ودول الخليج العربية لا تقتصر فقط على البترول، بل تمتد إلى أهمية مجلس التعاون الخليجى فى السياسة والاقتصاد المتزايدة فى الشرق الأوسط والمحافل الدولية، حيث تحتاج اليابان إلى التعاون معهم فى معالجة شتى القضايا الإقليمية والدولية، خاصة أنه لا يمكن اليوم العمل بصورة فردية فى المجتمع الدولى لدعم النظام القائم على سيادة القانون. ونوه بأهمية التفاوض من أجل التجارة الحرة مع دول المجلس، وفرص الاستثمار، وقال إن ذلك يلقى اهتماما كبيرا فى الأوساط الاقتصادية اليابانية. وأشار إلى أن قيمة التبادل التجارى بين اليابان ودول مجلس التعاون الخليجى بلغت نحو مائة مليار دولار أمريكى.
قال أمين عام مجلس التعاون الخليجى إن خطة العمل المشترك التى أقرها الاجتماع تعد أهم النتائج، وتعهد بالعمل على تنفيذها حيث إنها تعزز العلاقات بين الجانبين فى مجالات الطاقة، والتجارة، والاستثمار، والمجال الأكاديمى، والصحة، والطاقة المتجددة، والتعليم، والسياحة، والحوار السياسى المشترك. وأكد أن المجلس شريك موثوق به، خاصة فى أمن الطاقة وتدفق البترول والغاز إلى العالم.
يلاحظ من ناحية أخرى أن نائبة المتحدثة باسم الخارجية اليابانية لم تستبعد قيام تعاون عسكرى بين اليابان والسعودية إذا تهيأ المناخ لذلك، وأنه تم الاتفاق مع السعودية بشأن تصريف المياه المعالجة إلى البحر الأحمر عن طريق نظام معالجة السوائل المتقدم، كما تشير الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى تقريرها الشامل، والاتفاق مع السعودية على العمل لتوجيه المجتمع الدولى نحو التعاون بدلا من الانقسام والمواجهة فيما يتعلق بالقضايا ذات الصلة بالسلام والاستقرار، بما فى ذلك منطقتا المحيطين الهندى والهادى.
وقد شهد كل من ولى العهد ورئيس الوزراء السعودى الأمير محمد بن سلمان، ووزير الخارجية اليابانى توقيع مذكرة تفاهم بشأن الحوار الاستراتيجى بين وزيرى خارجية البلدين. وعقد الوزيران ــ اليابانى والسعودى ــ أول اجتماع للحوار الاستراتيجى وبحثا تعزيز التنسيق المشترك فى المجالات السياسية على المستويين الثنائى ومتعدد الأطراف، والتعاون المشترك لجعل منطقة الشرق الأوسط آمنة ومستقرة ومزدهرة تعطى الأمل لمستقبل أفضل للجميع.
• • •
إن الاجتماعات والأنشطة المكوكية المكثفة التى قام بها وزير خارجية اليابان فى المنطقة العربية فى فترة وجيزة، مبنية على زيارات سابقة لرئيس وزراء اليابان كيشيدا، علاوة على الإعداد الجيد لها لضمان تحقيق نتائج عملية إيجابية تخدم المصالح المشتركة للجانبين العربى واليابانى، وتؤمن أهم مصادر البترول والغاز المسال لليابان، وتفتح المجال للاستثمار فى الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر، مع مراعاة عدم استفزاز الآخرين الساعين إلى تثبيت أقدامهم فى المنطقة، قدر الإمكان.

رخا أحمد حسن عضو المجلس المصري للشئون الخارجية وعضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة.
التعليقات