عقبات أمام التطبيع التركي الإسرائيلي - العالم يفكر - بوابة الشروق
الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 10:14 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عقبات أمام التطبيع التركي الإسرائيلي

نشر فى : الثلاثاء 30 أغسطس 2022 - 7:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 30 أغسطس 2022 - 9:57 م

نشر معهد دراسات الأمن القومى الإسرائيلى (INSS) مقالا للكاتبين ريمى دانيال وجاليا ليندنستراوس بتاريخ 28 أغسطس تناولا فيه التحديات التى تواجهها عملية التطبيع بين تركيا وإسرائيل، فهل ستصمد تلك العملية أمام ما ستقابل من عقبات؟... نعرض من المقال ما يلى: 

تحدث الكاتبان عن اكتمال عملية تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل، التى بدأت فى أواخر عام 2020، بإعلان البلدين أنهما استعادتا تبادل سفيريهما بعد سنوات من غياب التمثيل الدبلوماسى. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التحديات التى تعوق نجاح تطبيع العلاقات بين البلدين.

أشار الكاتبان إلى عدة قضايا تقف حائلا أمام نجاح التطبيع. تتلخص العقبات فى التطورات الحادثة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والعلاقات التركية الأمريكية، وديناميكيات اندماج تركيا فى العمليات المتعلقة باتفاقات إبراهام، وطبيعة الخطط الإسرائيلية المستقبلية فيما يتعلق بصادرات الغاز. ومع ذلك سيكون التعامل مع التحديات المتعلقة بهذه القضايا أسهل مع وجود تمثيل دبلوماسى رفيع المستوى فى كلا البلدين.

ألمح الكاتبان إلى أن إعلان تركيا وإسرائيل قرارهما بإعادة السفرين فى 17 أغسطس 2022، يعنى الوصول إلى التطبيع الكامل فى علاقاتهما. يبدو أن تركيا هى التى خطت هذه المرة بخطوات جادة لدفع العملية، بينما تصرفت إسرائيل بحذر. جاء الرد الإسرائيلى الإيجابى على مبادرات تركيا بعد أن أظهرت تركيا جديتها على خلفية سلسلة من الأحداث، والتى ساعدت فى التغلب على بعض الشكوك بين الجانبين. من الأفضل، حسب رؤية تركيا، استكمال تلك العملية قبل انتخابات الكنيست المقبلة. كما أن توقيت قرار تجديد العلاقات الدبلوماسية يأتى مناسبا قبل الانتخابات فى تركيا المقرر إجراؤها فى يونيو 2023؛ وبالرغم من، أن المشاعر المعادية لإسرائيل لا تزال سائدة بين الجمهور التركى، فإن التطبيع لن يؤثر بشكل كبير على اعتبارات الناخبين.

• • •

يضيف الكاتبان إلى أن تركيا تتطلع إلى إقامة علاقات أفضل مع إسرائيل كوسيلة لتحسين العلاقات مع إدارة بايدن أيضا. من الواضح أن واشنطن تؤيد فكرة تحسن العلاقات بين أنقرة والقدس. حتى أن مستشار الأمن القومى جيك سوليفان وسفارة الولايات المتحدة فى تركيا غردوا بالتهنئة على تطبيع العلاقات بين أنقرة والقدس. على الصعيد الآخر، من المحتمل أن تربط أنقرة أى تدهور محتمل للعلاقات التركية الأمريكية بعلاقاتها مع إسرائيل فى المستقبل. على سبيل المثال، فى يوليو من هذا العام، أقر الكونجرس تعديلات أدخلت على صفقة بيع طائرات F16 إلى تركيا، مما وضع عقبات فى طريق إتمام الصفقة. فى ذلك الوقت، أرسلت اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC) إلى أعضاء الكونجرس، معربة عن دعمها للتعديلات. وعلى الرغم من إدراك واشنطن الدور الإيجابى للوساطة التركية فيما يتعلق بالحرب فى أوكرانيا، إلا أن إحباط الولايات المتحدة بسبب استمرار تركيا فى الحصول على أنظمة الدفاع الجوى Sــ400 من روسيا قد يشكل خطرا على استمرار التطبيع.

كذلك يمكن أن تؤثر القضية الفلسطينية على مستقبل التطبيع. تحاول تركيا الموازنة بين علاقاتها مع إسرائيل وعلاقاتها مع الفلسطينيين. حاول أردوغان على مدى العقد الماضى وضع نفسه كأبرز زعيم مسلم يدافع عن حقوق الفلسطينيين والحياة الإسلامية فى القدس. وقد تم التعبير عن هذه السياسة فى تصريحات قاسية ضد إسرائيل، التى وصفها بأنها دولة إرهابية. ومع ذلك، فى شهر رمضان الماضى وحتى خلال عملية «اقتحام الفجر»، كان الرد الرسمى لتركيا أقل سلبية تجاه إسرائيل مما كان عليه فى الماضى. فسر أردوغان وأنصاره عملية التطبيع مع إسرائيل على أنها لن تؤدى إلى غض بصر الجانب التركى عن القضية الفلسطينية. واسترسل الكاتبان بالقول، إن الجانب التركى يدعى أن العلاقات الجيدة مع إسرائيل تمكن أنقرة من التعبير عن موقفها مباشرة وبالتالى الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، والتأكيد أن القدس والأقصى خطا أحمر. ومن الجدير بالذكر، أن عددا كبيرا من أعضاء حماس يعيش فى تركيا، الأمر الذى يمهد لبروز عقبة أخرى أمام أنقرة بخصوص نجاح عملية التطبيع، بالنظر لأن إسرائيل تطالب بطرد عدد من نشطاء حماس من تركيا، ومن المشكوك فيه أن يستجيب أردوغان بشكل إيجابى.

• • •

على الصعيد الاقتصادى، وصلت الأرقام المتعلقة بالتجارة بين البلدين إلى مستوى تاريخى فى عام 2021، بمعدل زيادة يتجاوز مليار دولار عن عامى 2019 و2020، حيث وصلت التجارة المتبادلة إلى ما يقرب من 7 مليارات دولار (4.7 مليار دولار منها صادرات تركية إلى إسرائيل و1.9 مليار دولار صادرات إسرائيلية إلى تركيا). تعتبر تركيا واحدة من أكبر خمسة شركاء تجاريين لإسرائيل، فى حين أن إسرائيل هى واحدة من أكبر عشرة أسواق تصدير لتركيا. ومن المتوقع أن تجتمع لجنة مشتركة فى سبتمبر لمناقشة الحواجز التجارية التى لا تزال قائمة بين البلدين، ويرجع ذلك إلى ضرورة تحديث اتفاقية التجارة الحرة التى دخلت حيز التنفيذ فى عام ١٩٩٧. ومع ذلك، حتى إذا تم تحديث اتفاقية التجارة، يبقى السؤال مطروحا عما إذا كان يمكن للعلاقات التجارية أن تنمو بشكل كبير؟ فى ضوء المنافسة الشديدة المتوقعة مع شركات الطيران التجارية التركية فى مختلف مسارات الطيران بين إسرائيل وتركيا، من المشكوك فيه أن تكون هذه المسارات مربحة للجانب الإسرائيلى.

إحدى القضايا التى تهتم تركيا بالتقدم فيها كجزء من التطبيع مع إسرائيل هى تصدير الغاز الطبيعى الإسرائيلى إلى تركيا أو عبرها. يسلط مسئولون وخبراء ومعلقون من تركيا الضوء على أن بناء خط أنابيب غاز إلى تركيا كان أول احتمال تنظر فيه إسرائيل عند دراستها كيفية تصدير غازها، ويرون أن استعادة العلاقات بين البلدين فرصة جيدة لإحياء هذا المشروع. قد يساعد خط الأنابيب الذى ينقل الغاز الإسرائيلى إلى تركيا أنقرة على تنويع مورديها وتقليل اعتمادها الشديد على الغاز الروسى. بالإضافة إلى ذلك، تعزيز مكانة تركيا كنقطة عبور للغاز الطبيعى إلى الأسواق الأوروبية. وفى الوقت نفسه، يتضح عدم التوصل إلى وفاق بين إسرائيل وتركيا حتى الآن فيما يتعلق بالاهتمام بمواصلة التعاون بشأن هذه المسألة، حيث لم يقدم الجانب الإسرائيلى أى التزامات علنية بشأنها. من الناحية الجيوسياسية، يمكن لمشروع بناء خط أنابيب غاز إلى تركيا أن يخلق توترا بين إسرائيل وشركائها الإقليميين: اليونان وقبرص وحتى مصر. علاوة على ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان لمثل هذا المشروع جدوى اقتصادية، بالنظر إلى الكمية المتاحة من الغاز الإسرائيلى وتكاليف الإنتاج والالتزامات الإسرائيلية القائمة تجاه البلدان الأخرى.

• • •

وأضاف الكاتبان، أن العلاقات الثنائية المستقبلية بين البلدين سترسم ملامحها طبقا لأحد السيناريوهين. يؤكد السيناريو الإيجابى أن تعزيز العلاقات الطيبة بين إسرائيل وتركيا يتحقق من خلال تركيز الانتباه على التحديات أو التهديدات التى يواجها كل منهم: إيران وحزب الله وحماس لإسرائيل، والقضية الكردية لتركيا. إضافة إلى، أن الحفاظ على آلية الحوار القائمة بين أردوغان والرئيس الإسرائيلى إسحاق هرتسوج ستمكنهم من حل الخلافات، خاصة بشأن القضية الفلسطينية، دون تصادم مباشر. وهناك أيضا إمكانية للتعاون بشأن المسائل المتعلقة بتغير المناخ، ولا سيما تكنولوجيات الإدارة الفعالة لإمدادات المياه، التى يمكن أن تشكل أساسا للمشاريع التى ستنضم إليها بلدان أخرى.

من ناحية أخرى، تنبع هشاشة قوام عملية التطبيع من احتمالية عدم استمرار إتباع الحكومة الجديدة فى إسرائيل نفس نهج الحكومة الحالية نحو التطبيع. وبالمثل، يمكن للاعتبارات الانتخابية من قبل أردوغان وحزبه أن تؤثر سلبا على نوعية العلاقات بين القدس وأنقرة. ولا ننسى التأثير السلبى لتكرار حوادث اعتقال السياح من تركيا، بسبب مخاوف من التعاون مع العناصر الإرهابية، على طبيعة العلاقات بين البلدين. 

اختتم الكاتبان الحديث، بالتلميح لزيارة محتملة من أردوغان لإسرائيل مرة أخرى على خلفية عملية التطبيع الحالية. وينبغى التخطيط لهذه الزيارة بعناية حتى تساعد على تحسين العلاقات وليس العكس. وفى نهاية الأمر، سيكون من الأسهل مواجهة جميع التحديات المذكورة آنفا عندما يكون هناك تمثيل دبلوماسى رفيع المستوى فى كلا البلدين.

ترجمة وتحرير: وفاء هاني عمر

النص الأصلي

التعليقات