فخرى كريم .. تكريم مستحق - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 14 يونيو 2025 2:42 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

فخرى كريم .. تكريم مستحق

نشر فى : الأربعاء 11 يونيو 2025 - 8:35 م | آخر تحديث : الأربعاء 11 يونيو 2025 - 8:35 م

كرّمت «قمة الإعلام العربى» فى دبى الناشر والكاتب والسياسى العراقى فخرى كريم باعتباره «شخصية العام الإعلامية».
الجائزة هى الأرفع فى جوائز الصحافة العربية التى يرعاها منتدى الإعلام العربى الذى ترأسه منى غانم المرى.

حضرت فعاليات القمة يومى ٢٨ و٢٩ مايو الماضى، وسعدت بفوز كريم لأنه صاحب مشروع ثقافى استثنائى ينحاز إلى العقل ويؤمن بأن الإعلام منبر للتنوير لا أداة للتزييف.

كريم ينتمى إلى جيل متميز من الناشرين والمثقفين العرب، يأتى على رأسه المهندس إبراهيم المعلم الذى حصل فى العام الماضى على أرفع جائزة فى مجال النشر وهى «بطل العالم فى النشر الدولى»، وهى جائزة لم يسبقه إليها أحد إلا ناشر واحد من الهند.

فوز كريم يعيد الاعتبار للكلمة والصحافة الجادة التى لم تنحن رغم كل الأزمات ولم تساوم رغم كل الإغراءات.

دار المدى التى أسسها كريم منذ عقود لعبت دورا مهما فى الثقافة العربية، وأنا مدين لها شخصيا بترجماتها المتميزة لأبرز روائع أدب أمريكا اللاتينية، وكذلك فى علم مقارنة الأديان وقضايا العدالة الاجتماعية.

أعرف فخرى كريم منذ سنوات، لكن معرفتى توثقت به أكثر عبر المهندس إبراهيم المعلم خلال حفلات استقبال الكتاب والناشرين المشاركين فى معرض القاهرة للكتاب وفى دار الشروق.

وقبل شهرين عرفت فخرى كريم عن قرب أكثر خلال حضورى معرض أربيل الدولى للكتاب الذى تنظمه دار المدى مع وزارة الثقافة فى إقليم كردستان. وقتها قابلت كريم، وتناقشنا كثيرا وزرته فى منزله أكثر من مرة بصحبة مجموعة متميزة من المثقفين المصريين والعرب، منهم الأساتذة محمد سلماوى وفريد زهران وسيد محمود وأشرف العشماوى ونازلى مدكور، وياسر عبد ربه وفواز طرابلسى، وعبده وازن.

يمكنك أن تتفق أو تختلف مع آراء وأفكار وتوجهات فخرى كريم. لكن لا يمكنك إلا أن تحترم دوره وجهده ومثابرته وصبره على النضال عبر الكلمة والصحيفة ودار النشر كوسيلة لمكافحة الفقر والجهل والتطرف.

فخرى كريم ولد عام ١٩٤٢، وعاش فى بغداد وانضم لنقابة الصحفيين العراقيين عام ١٩٥٩ كأصغر عضو فى النقابة التى كان يرأسها الجواهرى الكبير.

أسس دار الشعب للنشر والطباعة والتوزيع، ولكنها لم تصمد، ثم عمل فى صحيفة «البلاد» رفقة صديقه الدكتور فائق بطى، وصحيفة الثبات لمحمود شوكت. وفى عام ١٩٧٠ انتخب نائبا لنقيب الصحفيين العراقيين.

وفى عام ١٩٧٢ كلفه الحزب الشيوعى العراقى بإصدار جريدة «الفكر الجديد» الأسبوعية، ثم أصبح مدير تحرير جريدة «طريق الشعب» اليومية الصادرة عن الحزب عام ١٩٧٣.

وفى نفس العام أسس فى المهجر مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية وأصدر مجلة «النهج» التى تحولت للمنبر المشترك للأحزاب الشيوعية العربية.

تعرض كريم للاعتقال ولمحاولات الاغتيال أكثر من مرة منذ عام ١٩٥٩ حتى اضطر لمغادرة بغداد لبيروت وظل هناك حتى عام ١٩٨٢، حين تعرض لمحاولة اغتيال أخرى وأصيب بثلاث طلقات.

التطور الأبرز فى مسيرة كريم كان انتقاله إلى دمشق وتأسيس «دار المدى للثقافة والفنون والنشر» عام ١٩٩٤، وأصدر عنها مجلة المدى الثقافية الفصلية، وعبرها نظم أسابيع المدى الثقافية السنوية فى سوريا ثم العراق بمشاركة عشرات المثقفين العرب.

وبعد هجرة دامت نصف قرن عاد إلى العراق عام ٢٠٠٣ وفى ١٥ يوليو من نفس العام أصدر جريدة المدى اليومية من بغداد التى نشرت قائمة بأسماء شخصيات عربية حصلت على كوبونات نفط كرشاوى من صدام حسين.

وأطلق مشروع مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون وهى مؤسسة ثقافية متكاملة، ثم أسس «صندوق التنمية الثقافية» التى قدمت الدعم لكثير من الفعاليات الثقافية العربية ومنحا لأكثر من ٥٠٠ مثقف.

ومن أبرز مبادراته مشروع «كتاب مجانى فى جريدة» بالشراكة مع كبريات الصحف العربية.
شغل كريم منصب المستشار لرئيس جمهورية العراق بين عامى ٢٠٠٦ و٢٠١٤ وهو وثيق الصلة بحكومة إقليم كردستان، وقد رتب لنا نحن الوفد الصحفى الزائر لمعرض أربيل لقاءً مهما ومطولا مع الزعيم الكردى المعروف مسعود برزانى.

فخرى كريم ورغم أنه كردى لكنه لا يتحدث الكردية، ورغم أنه ليس عربيا، لكنه واحد من أفضل ممن دافعوا عن اللغة العربية من خلال الصحف والمجلات والكتب التى أصدرها.

هو مدافع صلد عن العدالة الاجتماعية وحقوق المهمشين، ومؤمن بقوة ودور الكلمة والكتاب ودار النشر وسائر وسائل الإعلام فى التقدم ومقاومة الجهل والفقر والتعصب والتطرف، كما أنه جسر حقيقى للتواصل بين العرب والأكراد.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي