الفجر الخادع - محمد الهوارى - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 5:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفجر الخادع

نشر فى : الجمعة 3 مارس 2023 - 7:10 م | آخر تحديث : الجمعة 3 مارس 2023 - 7:10 م

بدأ العام الجارى بتفاؤل اقتصادى عالمى على خلفية عودة قوية للاقتصاد الصينى بعد إلغاء القيود التى فرضت بسبب الكوفيد؛ وصاحب ذلك هبوط شديد فى أسعار الغاز الطبيعى بالمقارنة بأسعاره القياسية مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية مما أعطى بعض الارتياح للاقتصاد الأوروبى؛ وأخيرا تصريحات الفيدرالى الأمريكى عن قرب نهاية دورة رفع أسعار الفائدة على خلفية بدء هبوط التضخم هناك. على إثر هذا التفاؤل بدأت الأسواق فى تخفيض توقعات معدل الفائدة فى آخر العام الحالى فى واحدة من أعجب مفارقات السوق.

حتى صندوق النقد الدولى قام بمراجعة توقعاته للنمو لعام ٢٠٢٣ لمعدلات أعلى. فى خضم هذا التفاؤل العام، أخذت أسعار الأصول العالمية دفعة قوية؛ حتى البيتكوين، وهو من أردأ أنواع الاستثمار على الاطلاق، وصل لأعلى أسعاره منذ الصيف الماضى. وبذلك أسدل الستار على متاعب عام ٢٠٢٢ من هبوط أسعار الأصول العالمية وعملات الدول النامية وحتى أسعار السندات، أو هكذا بدا الأمر. ولكن هيهات أن تكون تلك هى النهاية. فشهر العسل القصير على وشك الانتهاء وهذا الفجر الجديد على وشك أن نتذكره فى خلال شهور معدودة على أنه فجر خادع أو False Dawn كما يقول المصطلح الإنجليزى الدارج.

توقعت فى مقال سابق أن الجزء الأصعب فى الدورة الاقتصادية الحالية على وشك أن يبدأ ولكن يبدو أن الدورة أبت أن تشتد بدون أن يكون لها ضحايا جدد من مصدقى الفجر الخادع. فالتضخم يبدو أنه سيكون عصيا على القهر والتعبير الذى يستخدمونه هو Sticky Inflation خاصة فى جزئية الخدمات والبطالة والمرتبات وهى الجزئيات التى عانت كثيرا فى المرحلة الأولى من كوفيد. كذلك عودة الاقتصاد الصينى على قدر ما هى محمودة كقوة دافعة إضافية للاقتصاد العالمى، فدخول الصين من جديد إلى عدة أسواق معناه ارتفاع أسعار العديد من السلع مثل النحاس، معطيا دفعة إضافية للتضخم. حتى البترول وهو السلعة الأكثر تأثيرا على التضخم العالمى، رفعت أوبك مؤخرا توقعاتها للطلب العالمى فى ٢٠٢٣ على خلفية عودة الاقتصاد الصينى. منذ أسابيع معدودة بدأت الأسواق فى مراجعة توقعاتها لسعر الفائدة على الدولار متوقعة صدق تصريحات الفيدرالى الأخيرة عن قرب نهاية دورة رفع سعر الفائدة ولكنهم يتوقعون أن تظل أسعار الفائدة مرتفعة لفترة طويلة. أسعار الفائدة تحتاج حوالى ١٨ شهرا حتى يكون لها صدى فى الاقتصاد الكلى ومعنى أن تظل الفائدة مرتفعة لفترة أطول أن الأسواق ستبدأ عاجلا أو آجلا فى مراجعة تقييماتها للأصول فى ضوء سعر الفائدة المرتفع مما سيعيدنا قرب أدنى مستويات أسعار الأصول فى ٢٠٢٢ وتقديرى أننا سنهبط إلى مستويات أقل منها بكثير.

الخطورة الحقيقية فى تقديرى ليست فقط هبوط أسعار الأصول وزيادة احتمالات الركود العالمى بل وإدراك صندوق النقد الدولى تسرعه فى مراجعته لمعدلات النمو العالمى فى ٢٠٢٣، الأخطر من كل ذلك هو ما أشار إليه عدد من الاقتصاديين ومنهم الأمريكى من أصل مصرى د. محمد العريان وهو أن يكون التباطؤ الاقتصادى القادم أطول أمدا من المتوقع وهى فى رأيى أهم مخاطر العام على الإطلاق ومن الممكن أن يتسبب فى تحويل الضغط على أسعار الأصول إلى كارثة تأتى من اتجاه قد لا نراه اليوم، أو قد نظن أنه قد يتسبب مشكلة لا ترقى لمستوى الكارثة. مثال على ذلك الأسواق الناشئة والتى استطاعت حتى الآن المرور بسلام من الأزمة ولكن أذكركم بتوقعى أننا دخلنا دورة مماثلة لدورات الثمانينيات والتسعينيات والتى شهدت حالات إفلاس متعددة لدول كبيرة. كذلك سوق العملات الرقمية والمشفرة Crypto Currencies والذى صار حجمه كبيرا بما يكفى ليسبب أزمات وقد رأينا شيئا مشابها العام الماضى مع مشاكل FTX وهى أحد أكبر مقدمى الخدمة فى هذا السوق.

أما محليا فالروشته ما زالت هى التى كتبناها منذ عامين أو أكثر، خطة واضحة يتم تنفيذها باحترافية وسلاسة، أما الخطة فموجودة وهى برنامج صندوق النقد وأما التنفيذ فقد بدأنا فيه ولكن يتبقى الكثير لتنفيذه حتى نمر من الأزمة.

محمد الهوارى مدير صناديق استثمار دولية
التعليقات