نظمت جمعية السادات للتنمية والرعاية الاجتماعية ندوة حول عام المجتمع المدنى ٢٠٢٢، والدور المنتظر فى نشر ثقافة حقوق الإنسان على ضوء الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، أبرز ما فيها أنها جمعت شخصيات من أطياف سياسية متعددة، وأجيالا مختلفة، من نواب تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين إلى نشطاء حقوق الإنسان، وبينهم شخصيات عامة، واعلاميين، وحزبيين، وقيادات تقليدية وأخرى شابة فى العمل الأهلى. فرض التنوع نفسه على مائدة الحوار، الذى لم يخل من سخونة متوقعة، لكنها إيجابية. السيدة فاليرى ليتشى ممثلة السفارة السويسرية الجهة الشريكة فى الندوة تحدثت عن أهمية التنوع والمواطنة والاستيعاب للآراء المتعددة، وأشار محمد أنور السادات، السياسى ورئيس الجمعية، إلى أن عام ٢٠٢٢ سوف يشهد تعزيز الثقة بين الحكومة والمجتمع المدنى.
امتد الحوار لعدة ساعات، ويمكن للمرء أن يستخلص من ثناياه عددا من الأفكار المهمة فى مقدمتها أن التنوع فى الحوار يضخ الدفء فى شرايين المجتمع الثقافية والسياسية، وهو ضرورة وغاية، ومهما اختلفت الآراء يجمعها هدف واحد هو الرغبة فى رؤية مستقبل أفضل لمصر. وتمثل الحريات والحقوق السياسية أساس بناء المجتمع الديمقراطى، والتى ينبغى أن تواكب الاهتمام بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية التى تحرر المواطن من الفقر والتهميش، وتطور نوعية الحياة التى يعيشها، وتهيئ له أساس المشاركة العامة. الجهود التنموية التى تجرى على ارض الواقع مثل مبادرة حياة كريمة، ومشروعات البنية الأساسية وتمكين الريف، غير مسبوقة وتحتاج جميعا إلى تضافر جهود الحكومة والمجتمع المدنى، وهو ما يحدث بالفعل، ويحتاج إلى مزيد من الدعم والشراكة. ويتطلب عام المجتمع المدنى من ناحية أخرى ان تنظر منظمات المجتمع المدنى إلى نفسها، سواء كانت أحزابا أو نقابات أو جمعيات، كيف تبنى ذاتها مؤسسيا، وتواجه ضعف البناء الإدارى الداخلى، تحدد توجهاتها، وتعزز ثقافة الديمقراطية والمساءلة والشفافية داخلها. ولا يجب أن يقتصر الحديث فقط على المطالبة بمزيد من الحرية لمنظمات المجتمع المدنى، دون التصدى إلى حالة الضعف الشديد الذى تعانى منه البنية الداخلية لهذه المنظمات. وهناك جهود أهلية مهمة لا تظهر فى الإعلام سواء فى التنمية أو الرعاية الاجتماعية أو تخص فئات معينة مثل المرأة والطفل والمسن وذوى الاحتياجات الخاصة ومحاربة الفقر، والتى يتعين تسليط الضوء عليها، من خلال برامج اعلامية تنقل التغيرات المجتمعية، وتجد الجمعيات الأهلية مساحة لتعريف المجتمع بما تقوم به.
وإذا أردنا أن نتحدث عن استراتيجية حقوق الانسان، علينا أن ندرك أن الدولة بإرادتها وضعت هذه الاسترتيجية، وتبنتها، ولها سياق زمنى يمتد لخمس سنوات. يعنى ذلك أن بعضا مما اشتملت عليه الاستراتيجية لا يتطلب وقتا طويلا حتى يدخل حيز التنفيذ، والبعض الآخر قد يحتاج إلى سنوات حتى يتحقق فعليا، هذا لا يعنى الأرجاء أو التسويف، ولكن يشير إلى ضرورة وجود خطة تنفيذية، تشمل مراحل زمنية تتحقق خلالها أهداف وغايات محددة، يمكن قياسها كما وكيفا.
الحديث يطول، والقضايا متشابكة... التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان، جهود الحكومة، وتطلعات المجتمع المدنى، لكن يظل الحوار المتنوع الذى يستوعب كل الآراء مطلوب، لأن الخبرات الدولية الموثقة فى مجال التنمية تثبت أنه يصعب صناعة تجربة تنمية حقيقية فى المجتمع دون مشاركة واسعة من المواطنين على اختلاف مواقعهم وآرائهم.