العمل الأهلى وقانون الجمعيات - جورج إسحق - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 8:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العمل الأهلى وقانون الجمعيات

نشر فى : السبت 15 ديسمبر 2018 - 10:55 م | آخر تحديث : السبت 15 ديسمبر 2018 - 10:55 م

يعتبر العمل الأهلى فى مصر من الأعمال العظيمة التى تركت بصماتها على كثير من مناحى الحياة فى مصر، وكانت تسهم فى مؤازرة جهود الدولة فى تلبية الاحتياجات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع.
وتعود بداية الجمعيات الأهلية فى مصر منذ عام 1831 باسم الجمعية اليونانية بالإسكندرية والجمعية الخيرية الإسلامية عام 1878 وجمعية المساعى الخيرية القبطية عام 1881، واعترف دستور 1923 فى مادة رقم (30) بحق المصريين فى التجمع وتكوين الجمعيات، ومر قانون الجمعيات بمسارات كثيرة بإصدار القانون رقم (84) لسنة 2002 حيث قرر مبدأ التأسيس بالإخطار وحرر حركتها من القيود الإدارية وفتح ميادين العمل أمامها لتضم جميع الأنشطة الإنتاجية والخدمية التى ساهمت فى عملية التنمية الاجتماعية وزيادة فرص العمل أمام الشباب الذى نستهدفه طوال الوقت ومن خلال 16.800 جمعية فى مصر نستطيع بقانون محايد وموضوعى وفعال تحقيق الكثير من الإنجازات والدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل، وقامت الجمعيات الأهلية فى مصر منذ نشأتها بأدوار عديدة بتقديم الخدمات وقد بلغ عدد ميادين العمل التى تعمل بها الجمعيات الأهلية فى مصر 17 ميدانا، كما قرر هذا القانون عددا من المزايا لتشجيع نشاطها وقنن فكرة الوقف الإسلامى وهذه الميزات كلها يجب أن يتضمنها القانون الجديد، وتعد الجمعيات الأهلية مؤسسات اجتماعية خارج السوق الاقتصادية فهى لا تسعى إلى الربح المادى وكانت الجمعيات تمارس أعمالها بعيدا عن التقلبات السياسية والصراعات الطائفية. فيجب أن تتمتع المؤسسات الاجتماعية بالمرونة حيث تستطيع تعديل نظامها ونظام العمل فيها بحرية وانضباط فى الوقت نفسه من خلال رقابة محايدة وغير منحازة.
***
وكانت الجمعيات تخضع للرقابة عليها من بعض الأجهزة الخاصة مثل الاتحاد العام للجمعيات الخاصة والاتحادات الإقليمية مثل وزارة الشئون الاجتماعية لذلك يعتبر تكوين الجمعيات ظاهرة صحية فى تطوير المجتمعات.
إن بناء الدولة القومية القادرة على مواجهة التحديات الكبرى التى تواجهها يستدعى تطوير علاقات صحية بين المجتمع السياسى (السلطة) وبين المجتمع المدنى أو الأهلى (المواطنين) حيث يجب أن تتميز الأدوار بينهما بوضوح واحترام، ويجب العمل بجهد ودأب على تعزيز المواطنين الذين يرمز لهم برأس المال الاجتماعى الذى يمثل 40% من رأس المال المطلوب لتحقيق التنمية، وتعتبر المنظمات الأهلية هى العمود الفقرى لتعزيز رأس المال الاجتماعى وتشكيل مناخ يتبنى قيمة المواطنة ويكون لدى مؤسسات المجتمع المدنى حرية العمل فى المجال العام بإبداع وجرأه فى تناول القضايا ومواجهة التحديات الهامة للمجتمع دون خوف أو تملق أو محاباة، كما أن المجتمع المدنى يجب أن يعمل فى إطار ضوابط الصالح العام فى المجتمع ولا يخضع إلى الصالح الخاص.. إن بناء الدولة القومية فى هذا الاتجاه يسهم فى تبنى أن يكون له دور أساسى فى بناء الدولة الحديثة، لذا نرى أهمية دور المنظمات الأهلية فى بناء الدولة القومية وتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة باعتبار أن هذه المنظمات شريك فاعل وعمود أساسى مع أجهزة الدولة فى مواجهة التحديات والقضايا الأساسية التى تواجهه الدولة. ذكرنا أهمية تاريخ العمل الأهلى فى مصر والمطلوب بناء قانون لتنظيم عمل هذه المنظمات باعتبارها شريكا يشجع المواطنين على المبادرة والعمل والتطوع من خلال تنظيماتهم الأهلية.
***
ولذلك نظم المجلس القومى لحقوق الإنسان ورشة حول ما أثير حول تغيير القانون الذى صدر وطالب الرئيس بتعديله، حضر هذا اللقاء لفيف من المهتمين بالعمل الأهلى لتأكيد فكرة الحوار المجتمعى، وطرح الأستاذ فايق خيارات ثلاثة أولها تعديل القانون الحالى، ثانيها إعداد مشروع قانون جديد، ثالثها تبنى القانون الذى أعدته وزارة التضامن وأقره مجلس الوزراء فى سبتمبر 2016 معبرا عن اعتقاده الشخصى بأن الخيار الثالث أفضل الخيارات لأنه امتداد للقانون الذى طرحه الدكتور أحمد البرعى وزير التضامن السابق، الذى قام بعمل قانون شارك فيه كل منظمات المجتمع الأهلى وتوافقوا عليه ويجب فى أثناء مناقشة القانون الجديد وضع هذا القانون فى الاعتبار.
ومن المناقشات التى تمت، اتفقت آراء المشاركين بأن هناك عوارا دستوريا فى نص المادتين 57,93 لم تحقق منهما القيود المفروضة على حرية تأسيس الجمعيات وإشهارها والقيود المفروضة على حرية عمل ونشاط الجمعيات والقيود المفروضة على التمويل وتدبير الموارد، وأيضا العقوبات السالبة للحريات والغرامات المالية الباهظة ووضع عبء التقاضى على كاهل الجمعيات حال تعرضها لعقوبات إدارية (الحل أو التجميد أو عزل إدارتها)، والمطلوب هو العمل على مشروع وزارة التضامن بحيث يتوافق مع المطالب الدستورية والمعايير المعمول بها عالميا، فليس من المعقول أن يقوم أحد الأفراد بتأسيس جمعية أهلية فيعاقب بالسجن نتيجة لمخالفات فى جمعيته، هذه نقطة جوهرية يجب أن تعدل فى القانون الجديد، ويجب أن يؤكد القانون على استقلالية عمل الجمعيات الأهلية وأهمية وجود قانون للتطوع فى العمل الأهلى، ويجب التنسيق مع الاتحاد العام للجمعيات الأهلية ووزارة التضامن الاجتماعى لوضع رؤية مشتركة، وكذلك الإعفاء من رسوم التسجيل والقيد والتصديق للتوقيع على العقود التى تكون الجمعيات طرفا فيها، وكذلك الإعفاء من الضرائب ورسوم الدمغة، هذه هى مطالب المجتمع المدنى بقانون جديد، ويجب أن ينظر هذا القانون بالجدية والمراجعة من قبل المهتمين بالعمل الأهلى وعدم التسرع فى إصداره، إلى جانب ــ فى الوقت نفسه ــ صدور اللائحة التنفيذية للقانون حتى لا يتأخر فى إصداره وتعطيل عمل الجمعيات الأهلية التى نتمنى أن تشارك فى البناء بدلا من تعطيلها بحجج إدارية واهية، وإصدار تأسيس الجمعيات الأهلية بالإخطار حتى يتحرك المجتمع المدنى من خلال جمعياته المتعددة، ولا يكون الأمر مقتصرا على الاستنارة برأى جمعيتين أو ثلاث مسيطرة على العمل الأهلى الآن حتى يكون كل منظمات المجتمع الأهلى مشاركة فى إصدار هذا القانون لتحريك المجتمع. وهذا هو السبيل الوحيد لقيام دولة مدنية حديثة.. ودور مشرف لدولة كبيرة مثل مصر.

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات