اليوم التالي لحرب غزة.. هل ما يزال حل الدولتين مُمكناً؟ - مواقع عربية - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 6:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اليوم التالي لحرب غزة.. هل ما يزال حل الدولتين مُمكناً؟

نشر فى : الأربعاء 8 نوفمبر 2023 - 8:15 م | آخر تحديث : الأربعاء 8 نوفمبر 2023 - 8:15 م
نشر موقع 180 مقالا للكاتب سميح صعب، تناول فيه سيناريوهين لحال غزة بعد الحرب، هما «حل الدولتين» أو تدويل قطاع غزة. ولكن يوضح الكاتب أنه من الصعب التكهن بأى حل الآن والحرب لا تزال دائرة.. نعرض من المقال ما يلى:
منذ صدمة السابع من أكتوبر الماضى، صارت الولايات المتحدة أكثر تدخلا فى السياسة الإسرائيلية، سياسيا وعسكريا، وصولا إلى البحث فى تفاصيل اليوم الذى سيلى توقف الحرب فى غزة.
وكما إسرائيل، كذلك الولايات المتحدة، هناك أسئلة صعبة تواجه الجانبين من دون العثور على إجابات يسيرة. وعلى سبيل المثال من سيحكم غزة فى حال تمكنت إسرائيل من هزيمة «حماس»، وهذا لا يزال من الاحتمالات غير الواقعية والأهداف العالية التى وضعها بنيامين نتنياهو للحرب على غزة.
كل النقاشات التى يخوضها المسئولون الأمريكيون مع الإسرائيليين، تتركز على استراتيجية الخروج الإسرائيلى من غزة، لكن لا إجابات إسرائيلية فى زمن تغليب الانتقام العشوائى على أى مسار عقلانى يُمكن أن يلجم الآلة العسكرية الإسرائيلية ويُشرّع الباب واسعا أمام الحديث فى السياسة.
وعلى رغم أن الرئيس الأمريكى جو بايدن يُكرّر أنه لا يزال يفضل حل الدولتين للصراع الفلسطينى ــ الإسرائيلى، لكنه لا يستعجل المجازفة بلعب دور الوسيط مجددا فى سنة انتخابية أمريكية، وحتى إن الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى لن يكونا مستعدين للتجاوب مع رئيس قد يخسر الانتخابات بعد سنة من الآن.
يضاف إلى ذلك، هناك تساؤل جدى حول مدى استعداد بايدن نفسه للعمل مع أكثر الحكومات تطرفا فى تاريخ إسرائيل. لا تُعفى هذه التساؤلات الولايات المتحدة، من البحث عن دور أكبر فى الشرق الأوسط، لأن ثمن تجاهل المنطقة خلال ثلاثة أعوام من رئاسة بايدن، قاد إلى الحرب الدائرة الآن، وأرغم واشنطن مجددا على إرسال قوات إلى شرق المتوسط والخليج، فى وقت كان معظم اهتمامها مُكرّسا لهزيمة روسيا فى أوكرانيا، وتحجيم الصعود الصينى فى المحيطين الهادئ والهندى.
• • •
عندما يُخطط القادة للمستقبل، يعودون أيضا إلى التاريخ لاستخلاص الدروس والعبر. بعد صدمة حرب العام 1973، انتزعت مكوكية هنرى كينسجر فى عهدى ريتشارد نيكسون ثم جيرالد فورد، ومن بعده سايروس فانس فى عهد جيمى كارتر، تنازلات من جولدا مائير ومن ثم من اسحق رابين ومناحيم بيجن، لم تكن ممكنة قبل 6 أكتوبر 1973.
هذا يعنى أن أمام بايدن فرصة الآن لانتزاع تنازلات من نتنياهو ومن أى رئيس وزراء سيليه، بعد صدمة 7 أكتوبر 2023. ومن العوامل المساعدة فى هذا الشأن، أن بايدن بات الآن يتمتع بنفوذ وسلطة على الحكومة الإسرائيلية بقدر لم يكن متاحا قبل هجوم «حماس».
مثلا، لم يستجب نتنياهو لكل المناشدات والوعود التى قطعها للرئيس الأمريكى قبل أشهر، كى لا يمضى فى التعديلات القضائية التى أحدثت شرخا سياسيا غير مسبوق فى إسرائيل. كثير من الإسرائيليين يعتبرون أن هذا الشرخ فى أساس الإخفاق الاستراتيجى فى 7 أكتوبر.
نتنياهو اليوم فى حاجة ماسة إلى بايدن للخروج من الخسائر السياسية والعسكرية والاقتصادية التى رتّبها هجوم «حماس» والحرب التى تلته. الانكشاف الذى ظهرت عليه إسرائيل فى 7 أكتوبر، ربما كان ليتخذ مديات أوسع بكثير لولا مسارعة واشنطن إلى النجدة، سياسيا وعسكريا. هذا التغير الكبير فى الوقائع السياسية والعسكرية على الأرض، هل يُمكن أن يُوظفه بايدن للدفع نحو حل الدولتين؟ هذا الحل قال عنه بايدن نفسه عندما زار تل أبيب فى يوليو 2022، إنه ليس واردا فى قاموس الحكومة الإسرائيلية التى كانت وقتذاك برئاسة يائير لابيد، فكم بالحرى فى ظل حكومة الصقور الحالية برئاسة نتنياهو.
ومع ذلك، لا بد من التذكير بأن حكومة بيجن المتشددة هى التى أبرمت معاهدة كمب ديفيد مع مصر فى أواخر السبعينيات الماضية. بيد أن ذلك استلزم وجود جيمى كارتر فى البيت الأبيض. ويقول المتفائلون إن الحكومة الإسرائيلية الحالية لن تُعمّر طويلا فور أن تضع الحرب أوزارها. وشعبية نتنياهو فى تدنٍ مستمر خصوصا بعد تغريدته التى حاول فيها أن يلقى بالمسئولية عن الإخفاق، على الأجهزة العسكرية والاستخباراتية، قبل أن يعتذر عنها نتيجة مفعولها السلبى فى الشارع الإسرائيلى.
• • •
لا يعنى هذا أن الطريق أمام حل الدولتين ستكون معبدة، أو أن هذا الحل لا يزال ممكنا. وليس بخافٍ أن الحماسة لهذه الفكرة قد تراجعت ليس لدى الإسرائيليين فحسب، بل أيضا فى أوساط الفلسطينيين. وهذا عائد إلى اقتناع الجانبين بعد ثلاثين عاما من التفاوض، بأنه من المستحيل الوصول إلى هذا الهدف.
مثلا فى نهاية 2021، بلغ عدد المستوطنين فى الضفة الغربية 465400 مستوطن، صعودا من 116300 عند التوقيع على اتفاقات أوسلو فى العام 1993. وبحسب استطلاع للمعهد الديموقراطى الإسرائيلى أُجرى فى العام 2022، فإن غالبية اليهود تفضل الأمر الواقع السائد حاليا. ثم هل يُمكن ترميم السلطة الفلسطينية وتأهيلها للدخول فى مفاوضات مع إسرائيل للتوصل إلى حل الدولتين؟ يقودنا هذا إلى طرح وزير الخارجية الأمريكى أنطونى بلينكن خلال شهادة أمام الكونجرس، الأسبوع الماضى، بأن تضطلع السلطة الفلسطينية بدور فى غزة بعد الحرب. هذا الطرح يواجه عقبات كثيرة فى مقدمها أن السلطة الموجودة حاليا فى رام الله أصابها الصدأ والترهل، بفعل التهميش الذى عانته من واشنطن ومن إسرائيل على حد سواء، فضلا عن تدنى شعبيتها فى أوساط الفلسطينيين، بسبب الفساد وسوء الإدارة. وعليه، فإن «العصف الفكرى» الأمريكى وفق صحيفة «وول ستريت جورنال» ليس واضحا تماما بعد، ولاسيما لجهة الميل إلى إشراك دول عربية مع السلطة الفلسطينية فى إدارة غزة فى مرحلة انتقالية، مع وجود قوة متعددة الجنسيات فيها. وأكثر الدول المرشحة لذلك هى مصر والأردن وقطر. وتاريخيا، تحاذر القاهرة وعمان تنكب أى دور فى هذا الشأن، لأنه سيؤدى لا محالة إلى قطع الطريق أمام حل الدولتين. يُذكر أن اجتماع وزير الخارجية الأمريكى فى عمان مع وزراء خارجية الأردن ومصر والسعودية ودولة الإمارات وقطر، بعد زيارته إسرائيل، يومى الجمعة والسبت الماضيين، يصبُ فى هذا الاتجاه.
• • •
لكن كل هذه السيناريوهات تفترض هزيمة «حماس» فى الحرب، وبأن الحركة لن يكون لها أى دور سياسى أو عسكرى فى المستقبل. وهذه افتراضات سابقة لأوانها لأن الحرب لا تزال دائرة ولا يمكن التكهن بنتيجتها ولا بإمكان توسعها لتخلق واقعا جديدا فى كامل المنطقة، أخذا فى الاعتبار أن إيران وحلفاءها لن يسمحوا بهزيمة «حماس»، وتكرار «سيناريو بيروت» فى عام 1982.
وكان لافتا للانتباه إعلان رئيس المكتب السياسى لـ«حماس» إسماعيل هنية، الأسبوع الماضى، من الدوحة، أن الحركة قدمت للدول التى تتواصل معها «تصورا شاملا» لحل النزاع ومن ضمنه موافقة الحركة على قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. تلك، كانت رسالة مفادها أن الحركة التى تقاتل فى غزة مستعدة للحلول المستدامة إذا توافرت شروطها. من المؤكد أن واشنطن تزن الأمور الآن، وتدرك أن الواقعية تتطلب منها أن تقتنع هى أولا ومن تضغط على إسرائيل لوقف النار، قبل الولوج إلى الأسئلة الأكثر صعوبة.
فى هذا السياق، يحضر ما قاله وزير الخارجية الفرنسى سابقا دومينيك دوفيلبان، فى مقابلة تلفزيونية قبل أيام، «إن حل الدولتين أمر صعب، لأنه لم يعد جزءا من التفكير الإسرائيلى، وهو صعب لأنه يتعين بروز محاورين فلسطينيين.. لكن الديبلوماسية هى أن تكون قادرا فى آخر النفق على تصور أن الضوء ممكن».
النص الأصلى

التعليقات